هل سيتغير الوضع في الجنوب السوري بعد قمة بايدن؟
تجمع أحرار حوران – راشد الحوراني
الجنوب السوري هو الرقم الأصعب والأهم في سوريا، خاصة بالنسبة لإيران التي تسعى حسب رؤيتها الاستراتيجية للسيطرة على المعابر المؤدية إلى الأردن ودول الخليج من جهة، وعلى الحدود والمنطقة المحاذية للجولان السوري من جهة أخرى لتكون بوجودها ورقة للضغط على إسرائيل.
أما بالنسبة للولايات المتحدة، فهي تهتم بالتواجد في مناطق النفط وعلى الحدود العراقية في مثلث الـ55 كم وقاعدة التنف، حيث تستطيع من هناك مراقبة المشهد في تلك المنطقة.
بايدن يبيع سوريا؟
قبل أيام كتب الصحفي الأميركي، روش روغين في صحيفة “واشنطن بوست” الأميركية، مقالة قال فيها إن رحلة الرئيس الأميركي جو بايدن إلى الشرق الأوسط الأسبوع الماضي قد أظهرت أن إدارته تخلت عن أي تظاهر بالقيادة الأميركية في معالجة الأزمة في سوريا، ورأى أن سياسة الإهمال هذه تقوّض المصالح الأميركية والإقليمية وتهدد بترك أمن المنطقة في أيدي روسيا وإيران.
وأضاف روغين، الصحفي المعروف في شبكة “سي إن إن” الأميركية، أن بايدن لم يذكر سوريا علنا خلال رحلته التي استغرقت أربعة أيام، والتي وصفت بأنها دليل على انخراط الولايات المتحدة في منطقة تحقق فيها قوى مثل روسيا والصين تقدماً. الرئيس لم يأتِ بأفكار جديدة لحل الأزمة السياسية السورية. لم يوجّه أي تحذيرات علنية لدول الخليج العربية التي كانت تنهي ببطء ولكن بثبات حالة “نبذ” رئيس النظام بشار الأسد.
وأشار روغين، نقلاً عن متحدث باسم مجلس الأمن القومي الأميركي قوله إن سوريا “موضوع نقاش منتظم” مع شركاء الولايات المتحدة في منطقة الخليج، وإن الإدارة “منخرطة باستمرار في دبلوماسية هادئة بشأن سوريا”.
وأشار المتحدث إلى أن سوريا وردت في تصريحات رسمية صدرت بعد اجتماعات بايدن الأسبوع الماضي مع قادة السعودية والأردن ومصر والعراق.
وأضاف المتحدث “نواصل رفع قضية سوريا مع شركائنا الخليجيين للحث على أي عدم القيام بأعمال من شأنها إضفاء الشرعية على النظام السوري، ونحن أنفسنا لم نرفع العقوبات المفروضة على سوريا”.
وعلق روغين على كلام المتحدث الأميركي بالقول، إنه صحيح أن إدارة بايدن لم ترفع أي عقوبات عن الأسد، إلا أن فريق بايدن لم ينفذ أياً من العقوبات المنصوص عليها في القانون المعروف باسم قانون قيصر، والذي ينص على عقوبات ضد أي دولة أو شركة تتعامل مع نظام الأسد الحاكم، في الواقع، نظرت الإدارة في الاتجاه الآخر بينما يستفيد الأسد من صفقة غاز إقليمية جديدة.
وخلص الكاتب إلى القول “إن بايدن الآن لديه المسؤولية وهو بحاجة إلى التصرف. لا يمكن للولايات المتحدة أن تكون زعيمة في الشرق الأوسط بينما تترك الأزمة السورية تتفاقم إلى ما لا نهاية وتترك الشعب السوري يعاني بلا نهاية”.
الجنوب في عين العاصفة من جديد
مقالة روغين في “الواشنطن بوست” أعادت إلى الأذهان رسالة الولايات المتحدة إلى فصائل الجبهة الجنوبية في حزيران/يونيو 2018، قبيل الهجوم الذي شنه النظام والميليشيات الإيرانية بدعم جوي روسي، والذي انتهى بسيطرة النظام على الجنوب، إذ أخبرت الرسالة قادة الفصائل آنذاك، بأن الولايات المتحدة لن تقدم أي دعم لهم في مواجهة النظام وروسيا، وأن لهم الخيار بالقتال أو تسليم المنطقة.
وبالعودة للعام الماضي في تموز/يوليو 2021،والحملة التي شنتها ميليشيات الفرقة الرابعة وميليشيات إيرانية على درعا البلد وأحياء طريق السد والمخيم، وما تبعها من تسوية “ثانية”، فلم تكن تلك العملية سوى تمهيد بطيء للسيطرة بشكل تدريجي على محافظة درعا وفق الأسلوب الذي تتبعه إيران في سوريا وهو أسلوب “القضم البطيء” للمناطق.
فبعد تلك العملية استطاعات الميليشيات الإيرانية تصفية عدد كبير من المعارضية للمشروع الإيراني، كما استطاعت التغلغل في المجتمع بشكل أكبر من خلال عمليات التشيع، والسيطرة الإقتصادية والأمنية، كما تمكنت خلال عام كامل من إجراء دراسات حقيقية على ما تبقى من مناطق تعارضها وهي في الحقيقة باتت محدودة وتقتصر على مجموعات محدودة العدد وقليلة التسليح، لكن يجب القضاء عليها لاستكمال المشروع الإيراني.
أول أمس الأحد، طلب رئيس اللجنة الأمنية في محافظة درعا، اللواء مفيد حسن، اجتماعًا مع عدد من وجهاء قرى وبلدات طفس واليادودة وجاسم في مدينة درعا.
وحضر الاجتماع كل من رئيس فرع الأمن العسكري في المنطقة الجنوبية العميد لؤي العلي، وقائد الفرقة الخامسة اللواء سهيل أيوب، بوجود محافظ درعا لؤي خريطة، كما حضر الاجتماع أكثر من 20 شخص ممثلين عن تلك القرى والبلدات وجرى الاجتماع مع كل وفد منهم بشكل منفصل، إذ حضر وفد طفس واليادودة في مكتب واحد، وحضر عن جاسم مجموعة من البعثيين والمحسوبين على النظام بمكتب منفصل، بحسب مصدر محلي لـ”تجمع أحرار حوران”.
وبحسب المصدر فقد هدد رئيس اللجنة الأمنية، الممثلين بعملية عسكرية وشيكة في حال لم يتم تسليم مطلوبين للنظام خلال مدة أقصاها 48 ساعة، مبينًا أن بعض التهديدات جاءت بصيغة مباشرة باستخدام الطيران والمدفعية الثقيلة، في حين هدد لؤي العلي الأهالي بطريقة غير مباشرة، قائلا “سيتم منع المزارعين من الوصول إلى أراضيهم الزراعية” مشيرًا إلى عمليات تعفيش قد تشهدها المنطقة في حال اقتحامها.
وأشار المصدر إلى منع كل من لؤي العلي ومفيد حسن، الأهالي من الحديث أو مناقشة الأسماء المطلوبة، واعتبر أن الاجتماع يشبه عملية الاعتقال، حيث مُنع أهالي المناطق من التواصل او الاجتماع في مكان واحد، وأعطى قادة اللجنة الأمنية الأوامر من دون الاستماع إلى مبررات الأهالي.
من جهة ثانية، أكد قيادي في المعارضة في محافظة درعا، خلال حديثه لـ”تجمع أحرار حوران”، أن النظام والميليشيات الإيرانية جادون بالقيام بعمليات عسكرية يرغبون خلالها بسحق ما تبقى من معارضة أيا كان الثمن.
وأشار القيادي أن إيران تسعى من خلال هذه العمليات إلى السيطرة بشكل نهائي على المحافظة، والتفرغ لاستكمال مشروعها العابر للحدود، والذي من الممكن أن يطال الأردن ودول الخليج والسعودية، من النواحي الأمنية وفي تجارة المخدرات أيضا.
استدارة في الموقف الأردني
قبل يومين وفي تصريحات جديدة للملك الأردني، عبدالله الثاني، أكد خلال حديثه لصحيفة “الرأي” الأردنية، أن الأردن يواجه هجمات منتظمة على حدوده من ميليشيات لها علاقة بإيران، وأضاف الملك “عمليات تهريب المخدرات والسلاح تستهدفنا وتستهدف أشقاءنا”، ولفت إلى أن الأردن قادر على منع أي تهديد على حدوده.
ومنذ مطلع الشهر الحالي، لم يعلن الأردن عن إحباط أي عملية لتهريب المخدرات كما في السابق، ولكن المفاجأة كانت فجر يوم الجمعة بإحباط تهريب شحنة من السلاح، وهي المرة الأولى التي تشهد الحدود السورية الأردنية عملية تهريب سلاح بهذا الحجم.
وفي مقابل ذلك، يستشعر الأردن باستمرار الخطر الإيراني على الحدود، ويعلم أن المخطط الإيراني سائر نحو تحقيق أهدافه، على الرغم من المهادنة الإيرانية الأخيرة والتي هي مهادنة مؤقتة.
فهناك العديد من المعلومات المؤكدة، أن الميليشيات الإيرانية، تعمل من خلال عملائها في درعا والسويداء حاليا على إنشاء شبكة واسعة من الأنفاق الكبيرة والشبيهة بتلك التي كانت تصل قطاع غزو بمصر، ولكن من أجل تهريب المخدرات والسلاح، فإيقاف تهريب المخدرات لا يخدم المصلحة الاقتصادية للنظام وإيران في ظل العقوبات المفروضة عليهما مع نقص مواردهما التمويلية.
لذا من المرجح بحسب مراقبين ألا يدوم الاستقرار على الحدود، كما أن الجنوب بات مرشحا أكثر من أي وقت مضى للانفجار، فالجنوب يقف أمام مرحلة مفصلية حقيقية، إما أن يصبح إيرانيا بالكامل أو أن يتم إخراج إيران منه بكل الوسائل الممكنة، حتى لو كان ذلك عبر دعم مقاومة شعبية نابعة من أبناء الجنوب، أو مدعومة من الخارج وإن كان بالحد الأدنى.