التعليم في درعا: تدخل أمني.. ومبادرات أهلية لإنقاذ المسيرة التعليمية
تجمع أحرار حوران – إحسان الأحمد
تعاني محافظة درعا جنوب سوريا عموماً من واقع تعليمي سيء، منذ سيطرة قوات النظام على المحافظة صيف 2018، بموجب اتفاق تسوية بين المعارضة والنظام، بضغط من الجانب الروسي، الذي تكفل بدوره عودة الخدمات إلى عموم المحافظة كبند رئيسي من بنود الاتفاق.
واقع التعليم في درعا:
لم يستقم خط سير التعليم في المحافظة كما كان يطمح إليه الأهالي طوال الأربع سنوات الماضية التي سيطر بها النظام على عموم المحافظة، في حين لا تزال الآمال معقودة في قادم الأيام عل الحال يتغير إلى الأفضل.
وأفاد مصدر إعلامي من ريف درعا الغربي لتجمع أحرار حوران، إنّ النظام اتبع “سياسة الخيار والفقوس” في معالجة القضايا التعليمية، حيث لوحظ ترميم مدارس عدة في ريف درعا الشمالي وقدم لهم مستلزمات مدرسية، ما جعلها مدارس شبه نموذجية، في حين أنّ بعض مدارس ريف درعا الغربي خاوية على عروشها، تفتقر إلى أبسط مقومات التعليم، مشيراً إلى تغطية احتياجات هذه المدارس من حملات التبرع من الأهالي، لتركيب زجاج نوافذ، وتصليح صنابير المياه، وغيرها من الحاجات الملحة لقيام مدرسة.
وأضاف المصدر الذي فضل عدم ذكر اسمه للضرورة الأمنية، يوجد العديد من المدارس التي لا زالت مهجورة حتى اللحظة بسبب تعرضها لقصف من قوات النظام قبل 2018، ولم تحظى بفرصة ترميم، على الرغم من تسجيلها بين المدارس الأكثر حاجة للترميم، مؤكداً نقل طلابها إلى مدارس أخرى ضمن دوام ثاني “بعد الظهر” ما يرهق الطالب ويؤثر على مسيرة تعليمهم.
من جانبه أكد عضو في اللجنة المركزية في ريف درعا الغربي لتجمع أحرار حوران، إنّ اللجنة تواصلت مع محافظ درعا “لؤي خريطة” ومدير التربية “منهل نزال عمارين” من أجل التهميش المقصود بحق مدارس وطلاب الريف الغربي خاصة، مشدداً على تقصيرهم الملحوظ والمقصود دون أن تلقى شكواهم آذانا صاغية حسب تعبيره.
وأشار عضو اللجنة المركزية “لجنة محلية للتفاوض” أنّ ممثلي النظام تذرعوا بأعذار غير مقنعة، بأنّ ترميم المدارس لم يكن ضمن خطة مديرية التربية بل هي منظمات أممية تجري دراسة على المدارس وتختار الأكثر حاجة للترميم، إضافة إلى الحاجة لما يسمى “الموافقة الأمنية” التي تقف عائقاً أمام خطة الترميم، وذلك بسبب وقوع هذه المدارس فعلياً في مناطق خارجة عن سيطرة النظام.
وأشار إلى أنّ سبب دعم مدارس الريف الشمالي وجود نائب بمجلس الشعب من مدينة إنخل” فاروق الحمادي” الذي استطاع توظيف منصبه في مؤسسات النظام لكسب دعم وتأييد مناصريه لحملاته الانتخابية القادمة، إضافة لكون مدير التربية المهندس “منهل العمارين” ينحدر من مدينة نوى في ريف درعا الشمالي، الذي بدوره وجه المنظمات الأممية إلى مسقط رأسه أولاً، والبلدات المجاورة ثانياً، متجاوزاً الأحقية والأولوية للمدارس الأكثر ضرراً، والتي يجب أن يتم اختيارها حسب معايير ومقاييس معتمدة.
وهدد عضو المركزية بإجراءات تصعيدية تجاه هذا التقصير حيث بدأ بوقفة احتجاجية للطلاب والأهالي في مدينة طفس ومن ثم باقي بلدات الريف الغربي “المهمش”، ثم مظاهرات غاضبة والاستمرار بالتصعيد مالم يتم تلبية مطالب الأهالي المحقة، حسب وصفه.
أحمد مدير مدرسة من ريف درعا الغربي أكد لتجمع أحرار حوران، إنّ المدارس تعيش واقعاً مريراً، فمع بداية كل عام دراسي يقوم مدير المدرسة والطاقم الإداري بالبحث عن متبرعين لإصلاح دورات المياه وشراء قرطاسية ومستلزمات مدرسية، في ضل الغياب الكامل لدعم مديرية التربية لمدارس المنطقة، مشيراً إلى أنّ المدرسة تجمع من الطلبة ما يسمى “تعاون ونشاط” لكنه لا يكاد يغطي ربع الاحتياجات السنوية للمدرسة.
اقرأ أيضاً.. مدارس درعا: مشاكل عديدة وجهود حثيثة لإنقاذ التعليم فيها
وتابع “أحمد” الذي فضل عدم ذكر اسمه كاملاً خوفاً من الملاحقة الأمنية، علينا أن نقدم تقريراً كاملاً عن التبرعات التي نحصل عليها لممثل الأمن العسكري في مديرية التربية، وأين ُصرف المبلغ، إضافة للمتابعات الأمنية من قبل الأفرع، الأمر الذي يجعلنا نخشى دوماً من الاعتقال نتيجة تقارير كيدية من عملاء النظام، حسب تعبيره.
جهود أهلية لسد النقص:
تطلق أغلب بلدات محافظة درعا حملات خيرية لجمع مبالغ مالية من أهالي البلدة الميسورين ومغتربيها، وتقدم للمدارس لسد بعض احتياجاتها، فقد جمع أبناء بلدة ناحتة مثلاً مبلغ “مليار ليرة سورية” لتقديمها إلى مدارس البلدة وآبار المياه كمبادرة مجتمعية تكاد تكون سنوية.
كما تلعب المنظمات دوراً رديفاً في تقديم احتياجات ومستلزمات المدارس، حيث رمم ما يسمى “مجلس كنائس الشرق الأوسط” 6 مدارس في محافظة درعا خلال عام 2019 شمل الترميم صيانة المدارس وتقديم خزانات مياه ونوافذ وأبواب وكابلات كهربائية ومقاعد، وكافة أعمال الدهان، فيما رمم المجلس قرابة 90 مدرسة في عموم المحافظات السورية خلال العشرة أعوام الماضية، حسبما نشره موقع المجلس.
كما وزعت “جمعية البر والخدمات” مستلزمات مدرسية وقرطاسية على بعض مدارس المحافظة وهي جمعية محلية غير رسمية مركزها مدينة درعا، قائمة على التبرعات الأهلية.
وبحسب دراسة سابقة أجراها تجمع أحرار حوران فقد بلغت نسبة المدارس التي تعرضت للدمار 45% من إجمالي المدارس في المحافظة، بفعل قصف قوات النظام والطائرات الروسية خلال سنوات الحرب، كان لأحياء درعا البلد النصيب الأكبر، يليها مدن بصر الحرير والحراك.
ولازال التعليم في محافظة درعا دون المستوى المطلوب مقارنة بالتعليم في العاصمة دمشق أو المحافظات الموالية للنظام، وذلك بسبب تخاذل مسؤولي النظام تجاه المحافظة والتي تعتبر بالنسبة لهم سبب انطلاق الحراك ضد النظام وانتشاره إلى باقي المحافظات، ليعاني طلابنا واقعاً تعليمياً مريراً، يحاول الأهالي تخفيف معاناتهم المتجددة، في ظل الإهمال والتقصير من قبل حكومة النظام ممثلة بوزير تعليمها الدكتور دارم طباع، ومدير تربية المحافظة منهل العمارين.