بين الجنوب السوري واليمن.. سعي إيراني لإغراق المنطقة العربية بالمخدرات
تجمع أحرار حوران – راشد الحوراني
المخدرات، الاستثمار الذي بات الأبرز والأهم لدى إيران كأحد أهم الموارد الاقتصادية في ظل ما تعانيه من عقوبات بعد تعثر مفاوضات الملف النووي التي وصلت إلى طريق مسدود من جهة، والخلافات بينها وبين الوكالة الدولية للطاقة الذرية حول اكتشاف الوكالة لآثار لليورانيوم كامل التخصيب في 3 محطات نووية إيرانية، وترفض طهران الخضوع لشروط الوكالة حولها، ما زاد في الضغوط الاقتصادية عليها.
ولأن السعودية ودول الخليج العربي تعتبر السوق الأهم عالميا لإيران لتهريب وبيع المخدرات، لم تعد تكتفي طهران بتهريب حبوب الكبتاجون والمواد المخدرة الأخرى عبر الميليشيات التابعة لها جنوب سوريا وخاصة في درعا، بل بدأت مؤخرا بالتهريب عبر ميليشيات الحوثي التابعة لها في اليمن، لتطبق حصار المخدرات على السعودية والخليج، محققة هدفين رئيسيين، الأول جني مبالغ طائلة من عمليات بيع المخدرات، والثاني العمل على تدمير بنية المجتمع السعودي.
اليمن وجهة المخدرات الإيرانية
في الرابع عشر من تشرين الثاني/نوفمبر الحالي، ضبطت البحرية اليمنية سفينة إيرانية محملة بالمخدرات أمام سواحل جزيرة سقطرى كانت في طريقها إلى الحوثيين، فضلا عن وقائع ضبط أخرى هذا العام والأعوام السابقة، في مؤشر على تسارع الاستثمار الإيراني – الحوثي في المخدرات، وذلك بعد ستة أسابيع على إعلان البحرية الأميركية ضبط سفينة إيرانية لتهريب المخدرات في سواحل عمان، كانت في طريقها إلى اليمن.
وتمكنت قوات البحرية اليمنية في أرخبيل سقطرى قبل يومين من ضبط سفينة إيرانية تحمل على متنها كمية كبيرة من المخدرات أمام سواحل جزيرة سقطرى، تحديدًا يوم الجمعة الماضي 11 تشرين الثاني، فيما ضبطت قيادة القوات المركزية الأميركية سفينة إيرانية أخرى تحمل مخدرات تقدر بـ20 مليون دولار خلال دورية بخليج عمان مطلع أيلول/سبتمبر الماضي، بحسب صحيفة “الشرق الأوسط” اللندنية.
بحسب الصحيفة، في مطلع حزيران/يونيو الماضي، ضبطت الأجهزة الأمنية بمحافظة المهرة، سفينة إيرانية كانت تقوم بإنزال مواد مخدرة على ساحل مديرية حوف، ووفقًا لشرطة المهرة؛ فإن عملية التحري والمتابعة استمرت لما يقارب الشهر، لتتمكن من ضبط لنش بحري يعمل على إنزال مخدرات من نوع “الشبو والكريستال ميث”.
خبراء أمنيون ومتابعون للشأن اليمني، يرون أن شحنات المخدرات التي تنقلها السفن الإيرانية موجهة إلى أذرع الحرس الثوري الإيراني في المنطقة، خصوصا الميليشيات الحوثية التي تسيطر على جزء كبير من الساحل الغربي لليمن المطل على البحر الأحمر، خصوصا أنه يحتوي على 3 موانئ مهمة تحت سيطرة الميليشيات أكبرها ميناء الحديدة.
بحسب مختصين لـ”تجمع أحرار حوران”، فإن المخدرات التي تذهب إلى اليمن بكميات كبيرة لا يمكن أن تكون فقط لاستعمالها من قبل أتباع الحوثيين، على الرغم من توزيع قسم منها في اليمن، لكن من المؤكد أنه يتم من خلالها استهداف السعودية من المنطقة الجنوبية، حيث تعمل إيران من خلال هذه التجارة على تمويل ميليشياتها ذاتيًا، مشيرين في نفس الوقت أنه من الممكن أن تلجأ إيران خلال المرحلة القادمة إلى البدء بعملية تصنيع الحبوب المخدرة “الكبتاجون” في اليمن أسوة بسوريا، للتخلص من عبء عمليات النقل البحرية والتعرض للمصادرات من قبل البحرية الأميركية في بحر عُمان.
وعود روسية كاذبة حول الجنوب السوري
مؤخرًا انخفضت عمليات تهريب المخدرات إلى الأردن بشكل نسبي مقارنة بالأشهر الماضية التي كانت فيها هذه العمليات متفاوتة، فيما يعتقد بعض المراقبين أن إيران تتعرض لضغوط من روسيا لإيقاف تهريب المخدرات للأردن أو الحد منها، خاصة بعد الزيارة الأخيرة لوزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف للعاصمة الأردنية، عماّن، ولقائه بمسؤولين أردنيين.
اقرأ أيضاً.. هل تحول الجنوب السوري إلى “كارتل” إيراني للمخدرات؟
لكن من جهة أخرى، يرى مراقبون أن الضغوط الروسية لم تكن مجدية خلال السنوات الماضية على إيران، ففي الوقت الذي تعهدت فيه روسيا للأردن والدول الإقليمية وحتى الولايات المتحدة بإبعاد الميليشيات الإيرانية 60 كم عن الحدود الجنوبية لسوريا، كانت قد فتحت الباب على مصراعيه لهذه الميليشيات لتدخل وتتغلغل في المنطقة.
أيضًا، ونتيجة للخسائر التي تتكبدها روسيا حاليًا نتيجة غزوها لأوكرانيا، وسحبها عددًا كبيرًا من قواتها من سوريا، فهي لا قدرة لديها لضبط الأوضاع الأمنية، هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى فلا يمكن أن تقوم روسيا حاليًا بالقيام بأي ضغوط من شأنها أن تسبب التوتر للعلاقات مع إيران، خاصة أن إيران هي الداعم الرئيسي لروسيا في حربها في أوكرانيا من خلال تزويد الجيش الروسي بالطائرات المسيرة، والتي تم إسقاط العديد منها بنيران الجيش الأوكراني.
وفي السياق، يرى متخصصون بالشأن الروسي، أنه لايمكن الوثوق بالوعود الروسية، ففي الفترة التي سبقت الغزو الروسي لأوكرانيا، كانت موسكو تنفي جميع التقارير الغربية وخاصة الأميركية التي تشير إلى الحشود الروسية بالقرب من الحدود الأوكرانية، والنية الروسية لغزو أوكرانيا، بل تؤكد أنه لا نية لديها للقيام بأي عمل عسكري ضد أوكرانيا، ولكن ما جرى عكس ذلك تماما، ومن هنا لا يمكن الوثوق بأي وعود قدمها لافروف للأردن خلال زيارته الأخيرة بشأن ضبط الميليشيات الإيرانية.
“داعش” لتحرير الحدود والتحضير لموسم التهريب الشتوي
الأحداث الأخيرة في محافظة درعا، والتي تمثلت بالعمليات العسكرية ضد تنظيم “داعش” أثبتت أن الاستراتيجية الإيرانية باتت مجدية بشكل كبير، فالتنظيم الذي تمسك طهران بخيوطه في الجنوب السوري أصبح قابلاً للحركة والظهور بشكل متتابع في مناطق مختلفة بشكل لم يكن عليه خلال السنوات الأربع السابقة.
فمن معركة جاسم التي وقعت الشهر الماضي إلى معركة حي طريق السد بمدينة درعا التي انتهت مساء الثلاثاء الخامس عشر من الشهر الجاري، تم إِشغال اللواء الثامن بعمليات مكافحة الإرهاب بشكل فعلي، وهو ما أدى إلى تحرير الحدود السورية الأردنية من أي قيود أمنية أو دوريات مراقبة من الجانب السوري قادرة على منع تهريب المخدرات، والتي كانت من المفترض أن تكون مهمة هذا اللواء.
بحسب المعطيات والمعلومات التي حصل عليها “تجمع أحرار حوران” مؤخرًا فإن العمليات العسكرية ضد “داعش” لن تتوقف وسوف تنتقل إلى مناطق أخرى في المحافظة خلال المرحلة القادمة، وسيكون اللواء الثامن رأس الحربة فيها، وهذا ما تسعى إليه طهران إذ استطاعات توجيه كل الأحداث في المحافظة لصالحها، وبدعم إعلامي روسي ومن النظام السوري أيضًا.
اقرأ أيضاً.. 7 مليارات دولار عوائد المخدرات
تشير المعلومات التي حصل عليها “التجمع” أن الميليشيات الإيرانية، والمهربين التابعين لها في درعا والسويداء، استعدوا من خلال تصنيع وتجميع كميات كبيرة من حبوب الكبتاجون والحشيش، بانتظار البدء الفعلي لفصل الشتاء والذي تعتبر أجواؤه الأمثل لعبور الحدود السورية الأردنية سواء بواسطة الآليات أو الأفراد.
من الجدير بالذكر، أن سوريا باتت المصنع الأول لحبوب الكبتاجون عالميًا، وتؤكد تقارير غربية إلى أن إيرادات الكبتاجون سترتفع خلال العام القادم 2023 إلى نحو 10 مليارات دولار أميركي، إذ تشير التقديرات إلى أنه سيتم تصنيع ما لا يقل عن 50 مليون حبة من الكبتاجون، عدا عن الحشيش والمواد المخدرة الأخرى.