النظام يحاول الالتفاف على قانون مكافحة الكبتاجون.. تصعيد في الجنوب؟
تجمع أحرار حوران – راشد الحوراني
قانون مكافحة “كبتاجون الأسد”، والذي أصبح نافذا قبل أيام بعد توقيع الرئيس الأمريكي، جو بايدن على ميزانية الدفاع، التي تتضمنه، من المقرر أن يتم تنفيذه بعد وضع استراتيجية مكتوبة، لتفكيك تجارة وشبكات المخدرات المرتبطة بالنظام السوري، وذلك خلال 180 يوماً.
توقيع بايدن على القانون، جاء بعد إقراره قبل أسبوع من قبل الكونغرس الأمريكي، بمجلسيه “النواب والشيوخ”، حيث قال الرئيس الأمريكي في بيان نشره البيت الأبيض، السبت 24 كانون الأول، إن قانون التفويض الدفاعي السنوي الذي تبلغ قيمته 858 مليار دولار، ويغطي السنة المالية 2023، “يوفر مزايا حيوية”.
بايدن أضاف أن قانون التفويض الدفاعي، “يعزز الوصول إلى العدالة للأفراد العسكريين وأسرهم، ويتضمن سلطات حاسمة لدعم الدفاع الوطني والشؤون الخارجية والأمن الداخلي”.
قانون لتفكيك شبكات المخدرات السورية
السيناتور الأمريكي، فرينش هيل، قال عبر بيان: “تم تضمين مشروع قانون لتعطيل وتفكيك إنتاج نظام الأسد للمخدرات القاتلة وتهريبها في ميزانية الدفاع، أنا فخور بهذا الإنجاز وسأواصل العمل بلا كلل لمنع نظام الأسد من تعزيز نفوذه والانتشار الدولي للكبتاجون”.
القانون، الذي بات ملزماً على إدارة بايدن، يعتبر أن تجارة المخدرات المرتبطة بنظام الأسد تشكل تهديدا أمنيا عابرا، ويطالب الوكالات الأمريكية بوضع استراتيجية مكتوبة خلال 180 يوماً، لتعطيل وتفكيك إنتاج المخدرات والاتجار بها والشبكات المرتبطة بنظام بشار الأسد في سوريا.
أيضا يقدم القانون الدعم للدول الحليفة لأمريكا في المنطقة، التي تواجه عمليات تهريب المخدرات إلى أراضيها وخاصة الأردن ودول الخليج العربي.
بنود القانون
المشرعون الأمريكيون، يطالبون بأن تتضمن الاستراتيجية المكتوبة التي سيتم العمل عليها في المرحلة المقبلة وخلال 180 يوما 5 بنود هي، تقديم الدعم للحلفاء من دول المنطقة الذين يتلقون كميات كبيرة من الكبتاجون خلال عمليات تهريبها.
أيضاً توظيف نظام العقوبات بشكل فعال، بما فيها عقوبات قيصر لاستهداف شبكات المخدرات التابعة للنظام السوري، فضلا عن وضع لائحة بالدول التي تتلقى شحنات كبيرة من “الكبتاجون”.
هناك بنود أخرى تضمن تقييم قدرات هذه الدول على وقف عمليات التهريب، وتوفير المساعدة وبرامج تدريبية لهذه الدول لتعزيز قدراتها على التصدي لعمليات التهريب.
كارولين روز، رئيسة برنامج “وحدة الأمن البشري” في معهد “نيولاينز للاستراتيجية والسياسة”، أوضحت في تصريحات صحفية اطلع عليها تجمع أحرار حوران، أن “القانون يتطلب من الولايات المتحدة الأمريكية إنشاء عملية مشتركة بين الوكالات لمراقبة تجارة الكبتاجون وإدارتها وتعطيلها”.
وبحسب روز، فإنه من المرجح أن تعقد وزارة الخارجية الأمريكية والدفاع والخزانة ووكالة مكافحة المخدرات والمجتمع الاستخباراتي المزيد من الحوارات بين الوكالات لمراجعة كيفية تطور تجارة الكابتاجون.
ويمكن بعد ذلك أن تخلق هذه الجهود التعاونية آليات مراقبة أفضل تسمح للولايات المتحدة بتتبع تجارة الكبتاغون، وتقدير ثروة عائلة الأسد ورجال الأعمال الآخرين في مجال المخدرات في الشرق الأوسط، وتعزيز المساءلة التي يمكن أن تساعد في وقف تجارة الكبتاجون.
النظام يحاول الالتفاف
يعتبر الجنوب السوري خاصة درعا والسويداء الحاضنة الأكبر في سوريا حالياً لإنتاج وتهريب حبوب الكبتاجون، حيث يتجاوز عدد معامل الإنتاج بين معامل رئيسية ومنزلية 9 معامل، تنتج عشرات الآلاف من هذه الحبوب المخدرة بشكل يومي.
من جهة ثانية، فقد باتت عمليات التهريب عبر الحدود الأردنية تشكل قلقاً بالغاً للأردن ودول الخليج العربي التي باتت تشكل وخاصة المملكة العربية السعودية السوق الرئيسية لحبوب الكبتاجون، ولم تتمكن هذه الدول حتى الآن من إيقاف عمليات التهريب على الرغم من كل الجهود التي تبذلها في هذا المجال، نظراً لتوسع شبكات التهريب والتجارة بين سوريا وهذه الدول، بدعم إيراني كبير مادي ولوجستي.
لكن قانون مكافحة “كبتاجون الأسد” الذي صدر قبل أيام سيوفر خلال المرحلة القادمة أساساً قوياً يمكن بناء آليات واستراتيجيات جديدة ومهمة لمكافحة تصنيع هذه الحبوب وتجارتها وتهريبها، وهو ما تسبب بقلق فوري لنظام الأسد الذي بدأ بمحاولات الالتفاف على القانون بعد أشكال أولها تهريب أول شحنة مخدرات إلى الأردن عبر الحدود العراقية، والتي استطاعت الأجهزة الأردنية المختصة كشفها.
وقد أظهرت الصور التي تم نشرها للحبوب المخدرة “الكبتاجون” ومادة الحشيش أنها مصنعة في سوريا، تبعاً لنوعها “لكزس” بالنسبة لحبوب الكبتاجون، والحشيش المغلف باللون الأحمر والذي يختص به تاجر المخدرات في منطقة الشعاب في بادية السويداء مرعي الرمثان المعروف بتبعيته لحزب الله اللبناني، ولأجهزة الأمن التابعة للنظام.
من جهة أخرى، بدأ النظام عبر عضو مجلس الشعب التابع له، خالد العبود، المنحدر من بلدة النعيمة في ريف درعا، والمعروف بأنه يروج للنظام بشكل مستمر، بالقول أن القانون الأمريكي يمهد للسيطرة الأمريكية على الجنوب السوري بمحافظاته الثلاث درعا والسويداء والقنيطرة.
كما هاجم العبود الأردن بشكل كبير معتبراً أن هناك حملة كبيرة في الآونة الأخيرة يشارك فيها الأردن الذي صرح مسؤولوه حول خطورة ما يقوم به حزب الله وإيران في ترويج وتهريب المخدرات وتهديدهم للحدود الشمالية للأردن.
وقال العبود “يلعبُ الأردنّ الرسميّ في هذه الواحدة، دوره التاريخيّ القذر، في حصار سوريّة والتآمر عليها، وفي إضعافها وجرّها إلى طاولة التسليم والتطبيع العربيّ، مقابل الحفاظ على العرش الهاشميّ، ومقابل ألا يتحوّل هذا الكيان المقطوع إلى وطنٍ بديلٍ للفلسطينيين”.
تصعيد في الجنوب؟
تشير العديد من المعطيات على الأرض في درعا والسويداء أن النظام السوري وبدعم إيراني من الممكن أن يلجأ إلى التصعيد خلال المرحلة المقبلة في محاولة لإثارة الفوضى لقلب الطاولة على قانون مكافحة الكبتاجون.
بوادر التصعيد بدأت بالظهور، حيث يعمل النظام من خلال أجهزته الأمنية على إثارة أبناء محافظة درعا، من خلال عودة الاغتيالات من جديد، وإيصال رسائل للمتظاهرين المطالبين بالإفراج عن المعتقلين، بأن يفعلوا ما يشاؤون فليس هناك إفراج عن أي معتقلين، وهو ما بات يصعد الأمور باتجاه الصدامات المسلحة من جديد.
أيضاً في السويداء، يعمل النظام والإيرانيون على الالتفاف على مطالب المتظاهرين من خلال المماطلة بتنفيذها، كما أن الشعارات التي رفعها أبناء السويداء، وتلك التي بدأوا بكتابتها على الجدران واصفة رئيس النظام السوري بشار الأسد بأنه “اسكوبار الكبتاجون” باتت تؤرق النظام ومن خلفه إيران بشكل كبير.
وفي هذا السياق تشير بعض المعلومات من عدة مصادر إلى أن النظام قد يلجأ من جديد إلى استثمار ورقة تنظيم “داعش” الإرهابي في السويداء كما فعل سابقا، وذلك من أجل إيصال رسائل خارجية تثبت وجود الإرهاب في المحافظة، في محاولة منه لتصفية الحراك السلمي فيها بطرق عسكرية وأمنية.
من الجدير بالذكر أن تجارة المخدرات تشكل أحد أهم أعمدة النظام السوري وإيران من الناحية الاقتصادية، والتي تحول الجنوب السوري بسببها إلى كارتيل كبير للمخدرات، وهو ما يجعل المرحلة القادمة في الجنوب على قدر كبير من الخطر والتحضير لمواجهات مختلفة ربما تكون فاصلة فيما يتعلق بتجارة المخدرات والتواجد الإيراني على حد سواء.