فرنسا تصدر مذكرات اعتقال بحق ضباط سوريين بسبب قتل رجل في درعا
تجمع أحرار حوران – وسام محمد
أصدر القضاء الفرنسي مذكرات اعتقال دولية بحق أربعة ضباط سوريين رفيعي المستوى لتورطهم بارتكاب جرائم حرب، وتعمّد توجيه هجمات ضد السكان المدنيين، والقتل العمد للأشخاص المحميين بموجب القانون الدولي الإنساني.
وقال المركز السوري للإعلام وحرية التعبير إن مذكرة الاعتقال جاءت بحق أربعة من كبار الضباط في سوريا، على رأسهم وزيري الدفاع السابقين العماد علي عبد الله أيوب والعماد فهد جاسم الفريج، بالإضافة لقائد القوى الجوية اللواء أحمد بلول، وقائد اللواء 64 حوامات العميد الركن علي الصافتلي.
وتأتي مذكرات الاعتقال هذه كختام للتحقيق القضائي الذي بدأ في عام 2017 بعد مقتل “صلاح أبو نبوت” بتاريخ 7 حزيران 2017 نتيجة قيام طائرة مروحية للنظام بإلقاء برميل متفجّر استهدف مبنى مؤلف من ثلاثة طوابق في حي طريق السد في مدينة درعا، تعود ملكيته لأبو نبوت الذي يحمل الجنسية الفرنسية.
وضم المبنى المُستهدف مدرسة للأطفال وهي مدرسة السد (أجيال) التي كانت تدار من قبل منظمة غير حكومية أردنية، وجاء القصف حينها في إطار العملية العسكرية التي يقودها جيش النظام على مدينة درعا بدعم من روسيا.
وكان أبو نبوت قد تعرض للاعتقال في نيسان 2013 حتى صيف عام 2015 عندما أطلق سراحه من سجن عدرا، وغادرت عائلته إلى الأردن ثم إلى فرنسا خلال فترة اعتقاله.
وتعتبر هذه القضية الأولى لجهة التعامل مع جريمة استهداف منشآت مدنية واستخدام أسلحة عشوائية الأثر كالبراميل المتفجرة كجريمة حرب، حيث انضم المركز السوري للإعلام وحرية التعبير إلى الشكوى كطرف مدني.
ونقل المركز السوري عن عمر أبو نبوت، نجل الضحية “بعد ست سنوات من التصميم، أفتخر اليوم لأن هذه الدعوى ضد مجرمي الحرب وقتلة والدي أصبحت حقيقة واقعة. أتذكر جيدًا عندما تقدمت بطلب إلى المدعي العام الفرنسي بفتح تحقيق في وفاة والدي، وكان هدفي هو منع مجرمي الحرب من الإفلات من العقاب”.
من جهته قال المحامي مازن درويش، مؤسس ومدير المركز السوري للإعلام وحرية التعبير: “تم استهداف المدارس والمستشفيات والكوادر العاملين بها بشكل متعمد ومنهجي من قبل الحكومة السورية على مدار العقد الماضي، وهذه هي المرة الأولى التي ينظر فيها القضاء إلى دور سلاح الجو السوري في استهداف منشآت حيوية واستخدام البراميل المتفجرة. وتعتبر مذكرات التوقيف هذه خطوة نحو المحاسبة على هذه الجرائم وتحقيق العدالة لضحاياها”.
وأسهم المركز بفاعلية في التحقيق من خلال تزويد قضاة التحقيق بأسماء الشهود، ومجموعة كبيرة من الصور ومقاطع الفيديو التي وثقت تفجير 7 حزيران 2017 في درعا، بالإضافة إلى معلومات أساسية حول التسلسل القيادي للقوات الجوية السورية والجيش السوري، وآلية صدور وتسلسل تنفيذ الأمر القتالي في سلاح الجو السوري.
وقّدم المركز للقضاء دراسة خاصة تمكن من خلالها تحديد المطار الذي انطلقت منه الطائرة التي نفذت الهجوم، وجرى التعرف على نوعها وهي (طائرة حوامة نوع ME روسية الصنع)، إضافة إلى تحديد نوع السلاح المستخدم وهو البراميل المتفجرة.
ولم تكن مدرسة أجيال المدرسة الوحيدة التي تمّ استهدافها في درعا في ذلك الوقت، حيث تعرضت سبع مدارس أخرى لقصف طيران النظام السوري وبدعم من روسيا، ما أدى لمقتل عدد من التلاميذ كما تظهر بالصور والفيديوهات.
وسبق للقضاء الفرنسي عام 2018 أن أصدر مذكرات توقيف بحق ثلاثة من المسؤولين الأمنيين السوريين رفيعي المستوى هم اللواء علي مملوك رئيس مكتب الأمن الوطني، واللواء جميل حسن مدير إدارة المخابرات الجوية، والعميد عبد السلام محمود رئيس فرع التحقيق في المخابرات الجوية، وذلك لتورطهم في ارتكاب جرائم تعذيب وإخفاء قسري وقتل كل من مازن وباتريك الدباغ والتي تعتبر جرائم ضد الإنسانية.
وتأتي قضية أبو نبوت بوصفها الأولى من نوعها، التي ينظر فيها أمام القضاء وتركز على القتل والاستهداف المتعمد للمدنيين، ما يشكل جرائم حرب، إذ تسبب استخدام البراميل المتفجّرة من قبل نظام الأسد وروسيا إضافة للهجمات المتعمدة ضد السكان المدنيين في استشهاد مئات الآلاف في سوريا منذ عام 2011 في جميع أنحاء البلاد، ويظهر انتشار مثل هذه الجرائم واستمرارها مدى أهمية المساءلة لوضع حد لها.