الحدود السورية الأردنية.. تجارة مخدرات أم استهداف للمنطقة؟
تجمع أحرار حوران – راشد الحوراني
لا تزال عمليات تهريب المخدرات هي الحدث الأبرز منذ العام 2018 حتى الآن على الحدود السورية – الأردنية، حيث تعتبر إيران وحليفها الأسد أن المخدرات أحد أهم أعمدة اقتصادها، ومن غير الممكن إيقافها فقد وجدت إيران في جنوب سوريا بوابة واسعة لعمليات التهريب التي تدر مبالغ هائلة سنويًا.
لكن مع بداية الشتاء الحالي، وبالتزامن مع الحرب على غزة، لم تعد عمليات التهريب تقتصر على المخدرات، بل تعدتها إلى تهريب سلاح نوعي مصنوع في إيران إلى الداخل الأردني، ليتعدى الأمر الناحية الاقتصادية، وهذا ما دفع الأردن إلى الرد بشكل عنيف من خلال غارات جوية في العمق السوري.
إلا أن الغارات الأخيرة على بلدة عرمان في السويداء أدت إلى سقوط ضحايا مدنيين بلغ عددهم 10 أشخاص، بينهم 5 سيدات وطفلتين، وكان من بين القتلى العقيد المتقاعد نزيه الحلبي، أحد أبرز معارضي نظام الأسد، وأحد الشخصيات المهمة في المظاهرات المطالبة برحيل النظام في ساحة الكرامة بالسويداء، وهذا ما يفتح الباب للتساؤل، حول كيفية تحديد الأهداف، وما إذا كانت الغارات الجوية مجدية فعلاً في الحد من تهريب المخدرات.
هل زادت الغارات من عمليات التهريب؟
في شهر أيّار من العام الماضي 2023، شنت طائرات أردنية غارات على السويداء ودرعا، أدت إلى مقتل تاجر المخدرات المعروف مرعي الرمثان، وتدمير جزء من محطة تحلية المياه في بلدة خراب الشحم غربي درعا، حيث كان فيها مكبس لصناعة حبوب الكبتاغون تم نقله منها قبل الغارات بعدة ساعات فقط.
مقتل الرمثان، كشف أنه جزء صغير من منظومة لتجارة وتهريب المخدرات لم يكن فيها أكثر من شخص ينفذ الأوامر من جهات محسوبة على الفرقة الرابعة وميليشيا حزب الله اللبناني، وجاء مقتله بعد أن تعرض للاعتقال من الفرقة الرابعة بسبب محاولته العمل بعيدًا عن خط الفرقة والحزب، ليقتل بعد ذلك بنحو شهر.
وعلى الرغم من الاعتقاد أنه بمقتله ستنخفض عمليات التهريب إلا أن الواقع كان مختلفًا تمامًا، فعمليات التهريب زادت كماً ونوعاً بشكل غير مسبوق، خاصة مع مطلع العام الحالي، وأيضًا اللجوء لاستخدام الطائرات المسيرة بشكل لافت.
غارات غير مجدية.. تصب في مصلحة نظام الأسد!
تسببت العديد من الغارات التي استهدفت مواقع مفترضة لتجار مخدرات في السويداء ودرعا بسقوط ضحايا مدنيين آخرهم 10 مدنيين في بلدة عرمان بريف السويداء، في حين أن من قتل من تجار المخدرات ليسوا سوى تجار من الصغار.
في التاسع من شهر كانون الثاني الجاري، استهدفت إحدة الغارات منزل تاجر المخدرات المعروف فارس صيموعة في بلدة عرمان، إلا أن صيموعة تمكن مع عائلته من مغادرة المنزل قبل نحو ساعة من شن الغارات، ليُثار تساؤل حول كيفية معرفته بشن الغارات التي لا تحتاج الطائرات لأكثر من 4 دقائق منذ إقلاعها للوصول وقصف منزله.
يظهر نظام الأسد كأبرز المستفيدين من هذه الغارات، فسقوط ضحايا من المدنيين سيجعله قادرًا على الدخول في مساومات مع الأردن في العديد من القضايا، وهو النظام البارع في الابتزاز السياسي، كما أن الغارات قد تمهد لاقتحام جيش النظام للسويداء تحت ذريعة حمايتها ومكافحة تجارة المخدرات، لكن من أجل إسكات المظاهرات المنادية بسقوطه.
هل يمكن إنهاء تجارة المخدرات؟
تتم تجارة المخدرات في الجنوب السوري عبر شبكات وخلايا للتهريب، وتعمل بشكل مستقل عن بعضها تقريبًا، وكل الشبكات والخلايا ترتبط بتجار ومصنعين تابعين لحزب الله اللبناني ونظام الأسد وتحديدًا الفرقة الرابعة، وبتسهيلات أمنية من الأمن العسكري والمخابرات الجوية.
هذه الشبكات لا يمكن القضاء عليها بعمليات قصف جوي مهما كانت قوة الغارات، ففي الوقت الحالي وحسب معلومات تم الحصول عليها، غادر كل التجار والمهربين مواقعهم ومنازلهم، كما قاموا بتغيير مستودعات التخزين والتي تحوي كميات كبيرة من المخدرات بأنواعها المختلفة.
كما لا يمكن القضاء على شبكات المخدرات بالطريقة التي تحدث فيها بعض المحليين، وهي رمي الكرة في ملعب أهل السويداء لمواجهة هذه التجارة، حيث بات معلومًا لدى الجميع أن هذه الشبكات ومجموعات التهريب، ليست سوى أداة بيد حزب الله والنظام السوري، وهناك حماية كبيرة لها، يعجز عنها أبناء السويداء على مواجهتهم.
لكن من الناحية العملية، يمكن البدء ببعض الخطوات الفعالة للحد من تجارة المخدرات، وأبرزها دراسة هذه الشبكات، ومرجعياتها والبدء بالعمل على تفكيكها، من خلال فرض عقوبات دولية واضحة على نظام الأسد وحزب الله، وتفعيل قانون مكافحة الكبتاغون الأميركي، وتدعيمه بخطوات أمنية وعسكرية تكون قادرة على تأمين المنطقة الجنوبية بعمق لا يقل عن 35 كم.
ولا بد من مشاركة إقليمية كاملة ودعم دولي، فما تقوم به إيران عبر ذراعيها الأسد وحزب الله لا يستهدف تجارة المخدرات، واستهداف الأردن فقط، بل هناك هدف أبعد وهو استهداف السعودية ودول الخليج العربي، وإثارة الفوضى المسلحة خلال المرحلة القادمة، وما يتم إدخاله وتهريبه من سلاح للأردن من أجل ذلك.
في النهاية، فإن تجارة وتهريب المخدرات لن تتوقف من الجنوب السوري، وهناك ما هو أخطر تحضره إيران للمنطقة العربية، واستمرار الغارات الجوية لن يؤدي إلا لسقوط المزيد من الضحايا في الوقت الذي تقوم معامل الكبتاغون في لبنان، والقصير والزبداني، وكريم في اللجاة وغيرها بإنتاج الآلاف من الحبوب يوميًا.