سياسة “فرق تسد” في درعا.. كيف يدير الأمن العسكري الصراعات المحلية؟
تجمع أحرار حوران – أيمن أبو نقطة
ملخص المادة:
- اشتباكات مسلحة في اللجاة.. تبادل اتهامات باغتيال “أبو نبال”
- “الأمن العسكري” يواصل تجنيد مجموعات محلية في منطقة اللجاة
- تطور دور “عماد أبو زريق” في تجنيد مقاتلين محليين لصالح الأمن العسكري
- ارتباط “أبو نبال” بخطف السائقين الأردنيين، وعلاقته الوثيقة باللواء الثامن
- تهديدات أبو زريق لأبو نبال.. خلفيات ومحاولات اغتيال
- من وراء الكواليس.. النفوذ الخفي للأمن العسكري في درعا
- لؤي العلي: حاكم عسكري يضرب مكونات الجنوب السوري ببعضها
- سياسة “فرق تسد”: استراتيجية “العلي” لتعزيز السيطرة على درعا
اندلعت اشتباكات مسلّحة بين مجموعة تابعة لفرع الأمن العسكري وأخرى مرتبطة باللواء الثامن، أمس السبت 10 تشرين الثاني، في منطقة اللجاة شمال شرقي درعا، على خلفية تبادل الاتهامات بشأن عملية اغتيال نُفِّذت مؤخراً.
مراسل تجمع أحرار حوران أفاد بأنّ الاشتباكات اندلعت بالأسلحة الخفيفة والمتوسطة على الطرقات الفرعية بين بلدتي القصر وحامر في منطقة اللجاة، بين مجموعة يتزعمها سليمان عايد المواج، الملقب بـ”أبو عواد”، ومجموعة أخرى تابعة للواء الثامن يقودها رفاعي سعد الدين، الملقب بـ”أبو نورس”، دون ورود أنباء عن سقوط إصابات بشرية.
وتُعرف مجموعة “المواج” بتبعيتها المباشرة لفرع الأمن العسكري عن طريق المدعو عماد أبو زريق الذي زوّدها بعدد من السيارات والأسلحة الفردية، بالإضافة إلى بطاقات أمنية صادرة عن الفرع ذاته.
المواج، الذي كان قبل 2018 يعمل تاجر سلاح، بدأ قبل نحو أربعة أشهر بتجنيد مقاتلين محليين من أبناء منطقة اللجاة لصالح الأمن العسكري بإشراف “أبو زريق”، ومعظم عناصره متورطون في عمليات سلب وخطف، وينحدرون من قرى القصر، البوير، وكريم الجنوبي.
وجاءت الاشتباكات الأخيرة على خلفية اتهامات متبادلة بين المجموعتين بالضلوع في محاولة اغتيال استهدفت “محمد العلوان” (أبو نبال) يوم 21 أيلول الماضي في قرية الزباير، ما أسفر عن إصابته بجروح.
ويعد “أبو نبال” من المتورطين في عملية خطف السائقين الأردنيين نهاية آب الماضي قرب حاجز منكت الحطب، بالتعاون مع شقيقه أيهم العلوان، وابن عمه إبراهيم العلوان، وشخص يدعى مازن هلال الطنش.
في عملية الاختطاف، دفع عماد أبو زريق مبلغاً مالياً لمحمد العلوان مقابل تسليمه السائقين الأردنيين، لكن الأخير قام بتسليمهما للقيادي في اللواء الثامن “علي باش”، الذي بدوره سلّمهما لمسؤول فرع الأمن العسكري في درعا، لؤي العلي.
بعد ذلك، سلّم “العلي” السائقين إلى أبو زريق، الذي أعادهما للسلطات الأردنية عبر معبر نصيب الحدودي.
وسبق لتجمع أحرار حوران أن كشف عن ارتباط “أبو نبال” بالقيادي “علي باش”، بعد استدراج القيادي المحلي “أبو طارق الصبيحي” من السويداء وتسليمه للواء الثامن عبر كمين محكم في منطقة اللجاة.
مصادر محلية في منطقة اللجاة أفادت بأنّ أبو زريق وجّه تهديداً بالقتل لمحمد العلوان “أبو نبال”، بسبب إخلاف الأخير بوعده وعدم تسليم المختطفين الأردنيين، الأمر الذي دفع “اللواء الثامن” لاتهام مجموعة الموّاج بمحاولة اغتيال “أبو نبال” بأوامر مباشرة من أبو زريق.
لؤي العلي: حاكم عسكري يضرب مكونات الجنوب السوري ببعضها
وفي سياق هذه الأحداث، يبرز لؤي العلي، مسؤول الأمن العسكري في درعا، كشخصية استخباراتية بارعة في إدارة مجموعات محلية وتعقيد المشهد الأمني، يعمد إلى إشعال الخلافات بين تلك المجموعات لتتحوّل إلى نزاعات محلية، تتطور لاحقاً إلى صراعات عشائرية، الهدف منها إحداث الفتنة بين مكونات الجنوب السوري وعشائره.
لا يقتصر عمل العلي على المهام العسكرية التقليدية، بل يمارس دور “الحاكم العسكري” غير المعلن في المنطقة الجنوبية، حيث يبسط نفوذه عبر شبكة معقدة من المجموعات المحلية التي تنفّذ أوامره بشكل مباشر أو غير مباشر.
وتُعتبر سياسة “فرق تسد” من أبرز استراتيجيات العلي لضمان السيطرة المطلقة على مكونات الجنوب السوري، فهو يعمل على تأجيج التوترات بين العشائر والمجموعات المحلية، ما يخلق نزاعات مسلحة غالباً ما تبدأ باتهامات متبادلة، ثم تتطور إلى اشتباكات دامية.
ويوظّف العلي تلك النزاعات لضرب القوى المتصارعة ببعضها البعض، بعد أن يلجأ إلى استغلال عناصر محليين لتنفيذ عمليات تصفية واغتيال تستهدف شخصيات بارزة، ثم يعمد إلى تضليل التحقيقات أو توجيه أصابع الاتهام نحو مجموعات مناوئة.
هذه الاستراتيجية تزيد من تعقيد المشهد الأمني، وتعزز من هيمنة النظام السوري على المنطقة، ما يدفع العلي لمواصلة حكمه العسكري “غير الرسمي” بتكتيكات تهدف إلى إضعاف كل قوّة قد تُهدد مصالح النظام السوري أو تُعرقل نفوذه.