الغوطة الشرقية .. صمود أسطوري يحتاج إلى مساندة !
تجمع أحرار حوران
بقلم : أبو ربيع الحوراني
لم تعد كلمات المواساة وبيانات الشجب والاستنكار اليوم تجدي نفعًا في التخفيف عن أهلنا في الغوطة الشرقية وهم يغرقون في دمائهم، جراء حرب الإبادة الجماعية التي يتعرضون لها من قبل النازية الروسية والأسدية، حيث الجحيم الذي لا يوصف .
ما نحتاجه اليوم وأكثر من أي وقت مضى هو التوكل على الله سبحانه وتعالى أولًا، واتخاذ القرارات السليمة والاستعداد بقوة لما هو قادم، مهما كانت الخيارات مؤلمة ومكلفة، فالوقت يضيق ولا يحتمل الكثير من الانتظار .
لندع التحليلات والخطابات والعاطفة جانبًا وليكن لدينا خيار واحد فقط هو خيار القتال والصمود لكسر إرادة المحتلين والقتلة، قد يكون الثمن كبيرًا اليوم ولكنه سيكون أقل بكثير من أي ثمن سندفعه غدًا إذا استسلمنا لا قدر الله، فصناعة التاريخ تحتاج إلى رجال وتضحيات ومواقف، ندفع الثمن اليوم كي نضمن لأطفالنا والأجيال القادمة حياة حرة كريمة وغٍد آمن.
إنّ عامل الزمن اليوم لا يصب في مصلحة روسيا بعد أن منحت النظام مهلة محدودة لحرق الغوطة وتركيع أهلها بعد فشل مخططاتها السياسية، وقد سبق واتبعت هذه الطريقة عندما أعطت قوات النظام والميليشيات الموالية لها عدة أسابيع في درعا لتحقيق حسم عسكري بعد انطلاق معركة “الموت ولا المذلة” إلا أنها فشلت بسبب التخطيط والتنسيق العالي والإرادة القوية على الصمود والتحدي التي تمتعت بها فصائل درعا وغرفة عملياتها .
واليوم تكرر روسيا نفس السيناريو بعد معركة “بأنهم ظُلموا” في الغوطة، عندما أعطت النظام والميليشيات الموالية له الضوء الأخضر مع تغطية عسكرية وسياسية لارتكاب ما يحلو لهم من الجرائم وصولاً لحسم عسكري ينهي وضع الغوطة وكسر إرادة أهلها واستسلام الفصائل الثورية فيه ، وهذا لن يتحقق لهم بإذن الله طالما بقيت الإرادة والعزيمة على الصمود والقتال والتشبث بالأرض هي سلاح أهل الغوطة الأبطال الذين صمدوا وتحملوا الكثير على مدار سنوات مضت .
روسيا مصرة على استمرار العملية العسكرية في الغوطة حتى النهاية لإخراجها من دائرة الصراع من خلال القصف الوحشي والبربري المكثف مهما كلف ذلك من أضرار ومجازر بحق المدنيين لإجبارهم على الخروج تحت “مسميات كثيرة” للضغط على الفصائل الثورية وإجبارها على الاستسلام، إلا أن هذه الإستراتيجية التي تراهن عليها روسيا ونظام الأسد قد فشلت بسبب صمود وثبات أهل الغوطة مدنيين وفصائل عسكرية .
يجري هذا كله في ظل عجز واضح من قبل المجتمع الدولي لاتخاذ أي إجراء ملزم يوقف هذه المجازر والانتهاكات بحق المدنيين بعد تعطيل مجلس الأمن الدولي من قبل روسيا جراء استخدامها المتكرر لحق النقض “الفيتو” ضد مشاريع قرارات كثيرة اتهمت نظام الأسد بارتكابه المجازر وذلك منعاً لإدانته ومحاسبته كونها شريكاً له في هذه الجرائم والمجازر .
ولهذا نجد المجتمع الدولي يغض الطرف عن المجازر التي ترتكب في الغوطة الشرقية من قبل روسيا التي تعول الكثير على تكرار سيناريو حلب، وهذا يتطلب من فصائل الغوطة إعادة النظر وتذكّر الأسباب التي دعت لسقوط حلب الشرقية وتجنب الانقسام فيما بينها وعدم تأخر باقي الجبهات بفتح المعارك لإرباك قوات النظام مهما كلف ذلك من ثمن .
ويجب أن يتزامن هذا مع تحرك سياسي قوي وفاعل للمعارضة السورية بكل أطيافها للضغط على روسيا وفضح أكاذيبها التي تتحدث عن حلول سلمية ووعود خلبية لكسب الوقت، وقد يفضي هذا إلى تحرك دولي فاعل يؤدي إلى تدخل عسكري أمريكي محدود في سوريا قد يغير في المعادلة لصالح الثورة .
لا شكّ أنّ الغوطة اليوم تدافع عن الثورة باسم كل السوريين ويدفع أهلها وثوارها ضريبة حرية وكرامة سوريا بأكملها وعلى جميع الجبهات طمأنتهم بأنهم ليسوا لوحدهم ولن يكونوا .
ربما كل العيون اليوم تتجه إلى ما ستفعله درعا “مهد الثورة” ورجالها الأبطال تجاه أهلهم في الغوطة رغم الضغوطات التي تتعرض لها بعض الفصائل كي لا تحرك ساكنًا إلّا أنّ الغالبية العظمى من هذه الفصائل لديها القدرة على القيام إن شاء الله بأداء واجبها الثوري والأخلاقي والديني تجاه إخوانهم في الغوطة وفق ما تمليه عليهم ضمائرهم دون تردد .
وهذا يتطلب تحضيرًا جيدًا وقرارًا صحيحًا خوفًا من الوقوع في المخاطر مع إدراكنا أن الثورة ومنذ بدايتها كانت مخاطرة بحد ذاتها في ظل نظام دموي قمعي لا يعترف بالآخر ولا يؤمن بالحريات فعندما خرج الشعب السوري الأعزل يتحدى آلة قمع النظام بصدره العاري كان يدرك أن الشهادة هي طريق الحرية والكرامة الذي لا خيار سواه .
وفي النهاية علينا جميعًا أن ندرك أن الوقوف في منتصف الطريق والقبول بأنصاف الحلول هو أخطر بكثير من متابعة المسير نحو الهدف، ولهذا يجب الاستمرار بالضغط العسكري والسياسي فروسيا ونظام الأسد لن يتوقفوا إذا ما تم إيقافهم، وإنقاذ الغوطة هو مطلب الجميع وواجب الجميع وإنقاذ للجميع وهو ما تنتظره الثورة من فصائل حوران بل ما تنتظره سوريا من مهد ثورتها .!
تنويه : المقال يُعبّر عن رأي كاتبه، وتجمع أحرار حوران ليس مسؤولاً عن مضمونه.