الجنوب السوري .. بين عاصفة روسيا وعباءة أمريكا !
تجمع أحرار حوران
بقلم : أبو ربيع الحوراني
يبدو أن الجنوب السوري مقبلاً اليوم على مرحلة جديدة وخطيرة لم تتضح معالمها بعد في ظل التصعيد العسكري المتسارع الذي تقوم به قوات الأسد والذي يتزامن مع الوضع السياسي المتأزم جداً بين واشنطن وموسكو بسبب تباين المواقف ونظرة كل منهما لما يجري في سوريا .
فلم تمضي 24 ساعة على تهديد قاعدة حميميم للجنوب السوري وفصائله الثورية الذي وصفهم “بالإرهابيين” حتى قام طيران النظام الحربي باستهداف العديد من مدن وبلدات محافظة درعا موقعاً العديد من الجرحى المدنيين ومخلفاً وراءه دماراً واسعاً في منازلهم وممتلكاتهم في تحدٍ واضح للمجتمع الدولي وكل الاتفاقات والتفاهمات الدولية الخاصة بمناطق خفض التصعيد التي تعتبر محافظة درعا إحداها، هذا التهديد الذي كان بمثابة إشارة البدء لإنهاء هذا الاتفاق .
يأتي هذا التصعيد المتزايد من قبل نظام الأسد في محاولة لكسر الجمود الميداني الذي خيم على المحافظة منذ بدء سريان اتفاق “خفض التصعيد” الذي أبرم في شهر تموز من العام الماضي والذي تعرض لمئات الخروقات من قبل قوات الأسد والميليشيات المتعاونة معها برعاية روسية في نية مبيتة لجر المنطقة الجنوبية إلى أتون حرب ربما تكون أكثر دموية مما جرى في الغوطة .
يبدو أن مرحلة التصريحات النارية والاتهامات السياسية المتبادلة بين الولايات المتحدة وروسيا بشأن سوريا قد أخذت منحىً جديداً في الأيام القليلة الماضية وانتقلت لمرحلة التهديدات الجدية من قبل واشنطن بعد ما صرحت به مندوبة الولايات المتحدة لدى مجلس الأمن أمس حين أوضحت أن عجز مجلس الأمن عن اتخاذ أية قرارت بشأن لجم نظام الأسد عن ارتكاب الجرائم سَيحمّل أمريكا وبعض الدول للتصرف بمفردها تجاه ما يجري هناك .
توافق ذلك مع الموقفين الفرنسي والبريطاني من خلال ما جاء في كلمة مندوبي الدولتين لدى مجلس الأمن أمس وما سبقها من تصريحات فرنسية وبريطانية رفيعة المستوى بخصوص ذلك.
وقد أعقب هذه المواقف بساعات قليلة دعوة أمريكة لعقد اجتماع عاجل في العاصمة الأردنية “عمان” لدراسة الوضع المستجد في جنوب غرب سوريا بعد التهديدات الروسية وما تبعها من غارات جوية لطيران النظام الحربي على العديد من مدن وبلدات محافظة درعا .
كل المؤشرات تؤكد هذه المرة أن هناك جدية في الموقف الأمريكي تذهب باتجاه كبح لجام روسيا وتدخلها في سوريا ووضع حد لغطرسة نظام الأسد المجرم الذي زاد إجراماً في ظل الرعاية الروسية التي وفرت له الحماية وكل اسباب الحياة ولا ندري إن كان التحذير الأمريكي هذا يسبق عملية عسكرية محدودة كالتي استهدفت بعض القواعد الجوية للنظام والتي لم تغير في المعادلة شيء بل ربما أعطت النظام حافزاً أكبر على متابعة إجرامه وعلى مبدأ “الضربة التي لاتقصم ظهرك فهي تقويك”
ربما الأيام القليلة المقبلة ستكون اختباراً حقيقياً لمدى قدرة وجدية روسيا على إلزام نظام الأسد بتطبيق القرار الدولي 2401 الخاص بوقف إطلاق النار بعد أن حملتها دول المجلس مسؤولية استمرار ما يجري في سوريا فيما طالبت واشنطن روسيا مجدداً بضرورة تنفيذه على وجه السرعة هذا المطلب الذي أخذ طابع التحذير .
وإذا ما عدنا إلى تقاسم النفوذ بين الدول الكبرى على الأرض السورية نجد أن منطقة جنوب غرب سوريا والتي تضم محافظتي درعا والقنيطرة هي من مناطق النفوذ الأمريكية وذلك لقربها من الحدود الإسرائيلية وقد اعطيت اسرائيل فيها دور الشرطي مع ضوء أخضر للتدخل متى شاءت وكيفما شاءت لحماية حدودها والحفاظ على أمنها .
وقد رأينا كيف انها مارست هذا الدور من خلال ضرباتها الجوية العديدة التي استهدفت مواقع ومقرات عسكرية لقوات النظام وايران وحزب الله ، وقد سبق لإسرائيل ان صرحت اكثر من مرة انها لن تسمح ببناء اي قواعد ايرانية قرب حدودها ، وهي نفس الرسالة التي حملها رئيس وزراء العدو الإسرائيلي “نتنياهو” لإيران من خلال الرئيس بوتين بعد لقاءهما الأخير والتي وصفت حينها بشديدة اللهجة .
ربما تحاول واشنطن اليوم من خلال تحركها الأخير أن تبعث بنفس الرسالة ثلاثية الأبعاد لكل من روسيا وإيران ونظام الأسد أن هذه المنطقة غير قابلة لأية تغييرات ميدانية أو أن تكون منطقة نزاعات خوفاً من أن يشكل ذلك مخاطر تهدد الكيان الصهيوني وهي محاولة أمريكية واضحة لأخذ دور الأصيل في هذه المنطقة ومحاولة تقليص دور إسرائيل في المهمة الموكلة إليها مؤقتاً خوفاً من أي صدام مباشر بينها وبين إيران في هذا التوقيت الحرج .!
تنويه : المقال يُعبّر عن رأي كاتبه، وتجمع أحرار حوران ليس مسؤولاً عن مضمونه.