مهد الثورة السورية.. منها بدأت وإليها العودة !
بقلم : ثائر الخالد مع دخول الثورة السورية عامها العاشر، وسقوط الجنوب السوري – عسكريًا – في يد نظام الأسد المجرم، فهل سقطت الثورة السورية في مهدها حوران ؟
أم أنّها فقدت أحد أشكالها فقط، وستستمر بشكلها الأساسي، وهو (النضال السلمي) ؟!
إنّ صيحات الحرية والكرامة، التي تتصاعد في حوان مجدّدًا، تُنبّئ بعهدٍ جديد للثورة السورية.
ما هو النضال السلمي للشعب؟
هو وصف للكفاح والإصرار والأعمال التي يضغط الشعب من خلالها على الدولة المستبدّة، للحصول على حقوقه ومطالبه، بطرقٍ سلميّةٍ، بعيدةٍ عن العنف بأشكاله.
وتتعدد صور هذا النضال، فمنه المظاهرات والاعتصامات، ومنه الإضرابات، ومنه الحراك السياسي، ومنه الإعلام والتوثيق، ومنه المنشورات والكتابات المناهضة للاستبداد، وغيرها من الطرق والأساليب.
لقد أثبت النضال السلمي نجاحه في كثير من تجاربه عبر التاريخ قديمًا وحديثًا..
فقد منح النضال السلمي ضدّ الاستبداد العرقي، العدالة للشعب في جنوب إفريقيا، بقيادة “نيلسون مانديلا”، كما منح الحريّة من الاحتلال الإنكليزي للشعب الهندي، بقيادة “مهاتما غاندي”، وقد أطاح النضال السلمي حديثًا بنظام “زين العابدين بن علي” في تونس، ونظام “حسني مبارك” في مصر، والأمثلة غير ذلك كثيرة.
إنّ سرّ النجاح في التجارب السابقة، هو إصرار الثوار فيها على سلميّة النضال والتأكيد على ذلك، رغم محاولة المستبدّين استدراجهم من ساحات الاعتصام، إلى ساحات المعارك، لأنّ المنطق الوحيد الذي ينجح الطغاة التعامل معه هو منطق القوّة والبطش، وبغيره يسقطون.
الثورة السورية والنضال السلمي
لقد بدات الثورة السورية في درعا باحتجاجات سلميّة، وما لبثت أن اشتعلت في كلّ المدن السوريّة، نضالاً سلميّاً ضدّ استبداد الدولة القمعيّة، فأصيبت الدولة بالشلل، وبات النظام بحكم الساقط فعلًا.
إلّا أنّ النظام نجح من خلال ممارساته القمعيّة والإجراميّة والطائفيّة استدراج الثورة إلى التسلّح والقتال، ليتحرّك عسكريًا لقمعها، مستجرّاً العديد من التحالفات الدوليّة، التي ولّدت تحالفات دوليّة مضادّة، لتصبح القضية السورية قضيّةً دوليّة، تتجاذبها مصالح الدول واتفاقيّاتها، بعيدًا عن مصلحة الشعب السوري.
عدا عن ذلك استطاع النظام – مع مرور الوقت – اختزال الثورة الشعبيّة بالمعارضة، ثم اختزال المعارضة بالفصائل الثوريّة، ثم محاربتهم عسكريًا وسياسيًا بوصفهم إرهابًا مسلّحًا.
لم يكن الخطأ في الثورة السورية الانجرار خلف السلاح لوقف مجازر نظام الأسد الدمويّة بحق الشعب، لكنّ الخطأ حتماً، في تراجع الحراك الثوري السلمي الذي يعبّر عن إرادة الشعب عامّة، ويوفر الحاضنة الشعبية للمعارضة السياسيّة والفصائل الثوريّة، الأمر الذي أدّى إلى تحوّل الثورة من قضيّة شعبٍ ثائرٍ بالملايين، إلى قضيّة عددٍ من الفصائل العسكريّة، يستطيع النظام – من خلال داعميه – حسم الأمر معهم إمّا بالحصار وخفض التصعيد، أو بالقوّة العسكرية، أو بالتهجير، أو بالتسويات.
مرحلةٌ جديدة.. حوران والحراك السلمي
بعد عام ونصف من سيطرة النظام عسكريًا على الجنوب السوري، وهدوء صوت المعركة وصمت السلاح، يعلو مجدّدًا صوت الحناجر في حوران، وتتكلّم فيها الجدران، هي ذاتها البدايات الأولى للثامن عشر من آذار، ليعود الحراك السلمي بصورٍ متعددةٍ كابوسًا على النظام، مثبتًا فشل النظام، ومؤكّدًا أنّ للشعب حقوقًا لن يتنازل عنها أبدًا، وأنّ صوت الثورة لا يقترن بصوت السلاح.
وفي حوران من مقومات النضال السلمي ما يجعلها شعلة متّقدة لا تنطفئ، ومن هذه المقومات:
– التجانس واللحمة الاجتماعيّة : حيث تعتبر حوران – بالمجمل – طيفًا واحدًا، من حيث العادات والتقاليد، والخلفيّة الدينيّة والمذهبيّة، وكلمتها ومطالبها واحدة تجاه النظام.
– الكرامة والحميّة والفزعة العشائريّة في وجه المعتدي، التي يتمتّع بها الشعب الحوراني.
– البيئة الثوريّة : فحوران غنيّة بالشباب والأهالي المعارضين للنظام، حيث لم يتم التهجير على نطاق واسع لمعارضي النظام، كما حدث في باقي المناطق السورية.
– خصوصيّة المنطقة في الجنوب، وحساسيّة اتفاق التسوية الذي يصدّره الروس كأهمّ إنجازاتهم، ممّا يجعلُ لأيّ حراك ثوري في حوران وقعًا مضاعفًا، يُجبر النظام على استيعابه، ويؤثّر في تلبية المطالب، خاصّةً فيما يتعلق بالخروقات، وذلك لاحتياج النظام إلى الاستقرار في الجنوب ليثبت نجاحه وسيطرته.!
فحريّ بأبناء حوران استغلال هذه المقوّمات، لمتابعة الحراك الثوري، فسيطرة النظام عسكريًا لا تعني نهاية الثورة، والانتباه بذات الوقت لتكتيكات النظام وأهدافه من التصعيد العسكري في حوران، واستدراج الشباب إلى إظهار السلاح من جديد.
تنويه : المقال يُعبّر عن رأي كاتبه، وتجمع أحرار حوران ليس مسؤولاً عن مضمونه.