المعارضة السورية .. بين غياب الرؤية وضياع الهدف!!
درعا : الإثنين / 10 تموز 2017
أبو ربيع الحوراني – تجمع أحرار حوران
لم يكن اللغط الكبير والانقسام الواضح والحاد بين أطياف المعارضة السورية، الذي يسبق انعقاد كل مؤتمر دولي يتحدث عن إيجاد حل سياسي للأزمة السورية هو وليد اللحظة، بل هو امتداد لتراكمات كثيرة ونتيجة حتمية للتشتت والضياع والتخبط وغياب الرؤية التي تعيشها القيادة السياسية والعسكرية للمعارضة.
حيث أثبتت فشلها على مدار السنوات الماضية، نتيجة الأخطاء الجسيمة التي ترتكبها في كل مرة بسبب عدم قدرتها على تحمل المسؤولية، والارتقاء لمستوى طموحات الشعب السوري العظيم، والتضحيات الأعظم التي قدمت، ومازالت تقدم على الأرض من قبل الفصائل المسلحة، التي أخذت على عاتقها منفردة القتال حتى آخر قطرة دم لحماية الأرض والعرض ورحيل النظام المجرم.
لم تستطع هذه القيادة حتى اللحظة إثبات ذاتها على الساحة الدولية واقناع المجتمع الدولي بعدالة قضيتها للتعامل معها كبديل حقيقي لنظام الأسد، وكممثل شرعي ووحيد للشعب السوري، الذي ثار على نظام فاسد قاتل تجاوز في تصرفاته كل القوانين والأعراف والقيم الإنسانية، بالإضافة إلى فشلها الذريع في احتواء ولم شمل كافة أطياف المعارضة في كيان واحد وتحت راية واحدة ووضع الخطط وتأمين الدعم العسكري والإعلامي والتغطية السياسية اللازمة لها.
كل ذلك يأتي بسبب الوهن الذي أصابها جراء الخلافات والانقسامات والتشظيات التي بدأت تنخر هذا الجسم منذ زمن بعيد بسبب تضارب الرؤى والحسابات الشخصية الضيقة لكل طرف؛ فهي أشبه ماتكون في واد والثورة في وادٍ آخر.
ورغم محاولة بعض الشخصيات على المستويين السياسي والعسكري، والمعروفة بوطنيتها ورفضها لهذا الواقع السيئ، الانخراط في هذا المسار ظناً منها بقدرتها على تغييره والمساهمة في عملية الإصلاح والنهوض وتصحيح المسار إلا أنها واجهت الكثير من العقبات والصعاب جراء مواقف بعض التيارات والتكتلات من خلال الكيانات المتعددة التي أضعفت المواقف، وحالت دون تحقيق كيان واحد موحد قوي وقادر على مواجهة التحديات.
وهذا ما انعكس سلباً على الأرض من خلال الوقائع الميدانية التي شهدتها الكثير من الجبهات في الآونة الأخيرة، حيث استطاعت قوات النظام والميليشيات المتعاونة معها بدعم جوي روسي غير مسبوق من استغلال هذا التشرذم والضياع والفوضى الحاصلة وتحقيق بعض المكاسب العسكرية لها على الأرض.
كثيرة هي الأصوات التي ارتفعت وطالبت بضرورة توحيد الفصائل وانتقدت تعددها وتشرذمها وتقصيرها غير مدركة أن هذا الواقع ما هو إلا انعكاس حقيقي وصورة طبق الأصل لما يجري في كيانات ثلاث هي من تمثل المعارضة في الخارج منقسمة على نفسها في التوجهات والأفكار وربما في الرؤى، فالخلافات والمحسوبيات والتجاذبات هي من منعت حتى اللحظة من بلورة وولادة جسم سياسي واحد وموحد قادر على رسم خريطة جديدة تحدث تغييراً جذرياً في المعادلة وتمثل كل أطياف المعارضة وتقودها إلى بر الأمان في السياسة والعسكرة والإعلام .
والمطلوب اليوم وأكثر من أي وقت مضى هو تجاوز كل هذه المطبات والارتقاء لمستوى التضحيات والطموحات التي يعول عليها الجميع؛ فالقيادة بالتالي هي مسؤولية وتكليف وليست تشريف، و تحتاج لرجال صادقين أصحاب فكر ناضج ورؤى ثاقبة وعلى كل المستويات يستقرؤون الماضي والحاضر ويرسمون صورة المستقبل.