باحث سياسي: روسيا انقلبت على اتفاق 2018 في درعا وتسعى إلى فرض معادلات جديدة فيها
تجمع أحرار حوران – يوسف المصلح
قال الباحث السياسي “يمان دابقي” لتجمع أحرار حوران، إنّ روسيا، من خلال “خارطة الحل” الجديدة التي طرحتها في درعا البلد، تحاول الانقلاب على اتفاق تموز 2018، والذي وقعته مع فصائل المعارضة وسيطرت قوات النظام بموجبه على محافظة درعا، والذي تفاجأت بوجود عوائق لم تستطيع تجاوزها في حين تسعى إلى فرض معادلات جديدة على جميع الأطراف المهتمة بالجنوب السوري.
حزمة الأهداف الروسية:
في تفاصيل الغاية الروسية من الخارطة، أوضح “دابقي” أنها لكسب الوقت من أجل ضبط الأمور في المنطقة لصالحها، عن طريق رسم خطوط جديدة، بشكل يسمح لها أن تكون هي ذات اليد الأطول في المنطقة عموماً، وفي درعا خصوصاً، وألا تسمح لأي طرف آخر أن يزيد من فعاليته على حسابها، وتسعى بذلك إلى مسك زمام الأمور، وبالتالي تريد من جميع الأطراف ومن ضمنها إسرائيل التنسيق معها فيما يخص محافظة درعا، مستغلة بذلك تجميد الملف السوري دولياً.
وأشار “دابقي” في حديثه إلى أن القوات الروسية تهدف إلى إضعاف المعارضة في درعا، وخصوصاً عقب انتشار معلومات عن إعادة إنتاج محلي للمعارضة بمستوى أقل من السابق، إضافة إلى هدفها في إرسال رسائل إلى المجتمع الدولي والأوروبي بأنها صاحبة القرار، وأن أي مخططات دولية لإعطاء خصوصية للمنطقة الجنوبية سواءً فدرالية أو لا مركزية سيتم إفشالها، فيما تسعى محلياً إلى ضبط المعارضة، وتقوم بعملية تصفية لبعض المتشددين سواء من التابعين لإيران أو للمعارضة السورية ممن رفضوا تسليم السلاح، والفرصة أتيحت أمامها الآن لإعادة هندسة جغرافية المنطقة، ولكن بشكل مغاير عن دورها الأول، وتحولت من ضامن إلى وسيط.
وتابع، “روسيا تلعب على هذا الوتر لأنها تعلم بأن هناك فيتو دولي بعدم السماح لاجتياح درعا بالكامل، وتعلم أن المعارضة فيها تعمل على المحافظة على التوازنات، وهدف المعارضة الحقيقي هو عدم السماح للنظام باجتياح المنطقة، لتجنب القتل والتنكيل كما حدث في اتفاقيات خفض التصعيد، لذلك المعارضة تفضل الجانب الروسي، الذي استغل هذا الجانب لديها”.
“ومن الواضح أن تنفيذ بنود الخارطة سيؤدي إلى إضعاف العامل الإيراني في ملف الجنوب، وبالتالي كل البنود المذكورة من وضع نقاط تفتيش مشتركة بين القوات الروسية والنظام، وتسوية أوضاع المنشقين والمتخلفين، وتسليم السلاح، وعودة السلطات القانونية والمؤسسية، هي بنود مشتركة بين روسيا والنظام فقط، على أن تكون إضعاف للدور الإيراني الذي يريد أن يزيد من عمقه والضغط على إسرائيل من ناحية الجولان، وأيضاً أن يضغط على الأردن والأمن الخليجي في مفاوضات فيينا”.
ورأى الباحث السياسي، أنه على الرغم من محاولة الروس إضعاف الدور الإيراني إلا أن هناك هدف مشتركة بينهما، وهو السيطرة على طريق “دمشق – عمان”، حيث ترغب إيران بوصول الحجيج الإيرانيين من هذا الطريق إلى دول الخليج واختراقهم، وروسيا ترغب في السيطرة عليه كطريق تجاري، وهو هدف استراتيجي مشترك لا يتعارض مع السياسة الروسية في المنطقة.
“خارطة الحل” والبنود المذلة:
وعن البنود الروسية المطروحة بدرعا، وصفها المصدر بأنها بنود مذلة، ولا تحمل شيء جديد، سوى كسب المزيد من الوقت، والذي اتضح جلياً من خلال حصار المعارضة في درعا، من أجل قبولهم بالعامل الروسي، مشيراً أن لجان التفاوض لا تملك خيارات واسعة، وتريد تحقيق الحد الأدنى من المطالب كالعيش بحياة كريمة، وضمان عدم اجتياح النظام للمنطقة، وعدم خروجهم منها، لذلك هم يفضلون الاستناد على العامل الروسي من أجل الالتزام بوعوده السابقة.
“هناك صمت دولي كبير في ملف درعا، ولا يوجد للمناطق المحاصرة نصير على الصعيد المحلي أو الدولي، وهذا متعلق بتغيير الإدارات التي حدثت في إسرائيل وأمريكا وإيران، حيث باتت سوريا آخر الملفات، مما أعطى روسيا نقطة قوة للاستفراد فيه”، بحسب دابقي.
اقرأ أيضاً.. “خارطة الحل الروسيّة”.. العودة لنقطة الصفر!
وختم الباحث السياسي حديثه، بأن درعا تدخل في مقاربة جديدة، ستكون لروسيا الدور الأكبر في إدارة الأمور، إضافة إلى أنها ستقيم خطوط حمراء ما بين الأطراف المحلية، وما بين النظام وإيران، على ألّا يتم حسم الموضوع لصالح أي طرف، وبالتالي روسيا ستستفاد سواء على الصعيد المحلي وعلى صعيد علاقتها مع الأطراف الدولية.
والجدير بالذكر أن القوات الروسية سلّمت لجنة التفاوض في درعا يوم أمس الأحد نسخة عن “خارطة الحل” والتي ادّعى فيها الوفد الروسي أنها تضمن حل للأحداث الأخيرة في درعا البلد بشكل سلمي، وتضمنت تهجير رافضي التسوية مع النظام، تسليم السلاح الخفيف والمتوسط، عودة المنشقين إلى ثكناتهم العسكرية والتحاق المتخلفين بها، دخول النظام والميليشيات الإيرانية إلى درعا، وإعادة الخدمات إلى درعا البلد.
ولاقت البنود الروسية رفضاً واسعاً لدى أهالي المحافظة، والناشطين فيها، وسط دعوات وجهوها للجان التفاوض برفض الموافقة على هذه الشروط، والتي اعتبروها “مجحفة” بحقهم.