الجنوب السوري.. محطة تزويد الأردن والخليج بالمخدرات
يعرض التقرير مناطق تهريب وتصنيع المواد المخدّرة
تجمع أحرار حوران – شريف عبد الرحمن
عقب اتفاقية التسوية في تموز 2018، والتي انتهت بسيطرة النظام السوري وحلفائه على محافظتي درعا والقنيطرة، تحولت المحافظتين إلى مركز لإرسال المخدرات باتجاه المملكة الأردنية والخليج العربي، فضلاً عن تحويلها إلى قاعدة لترويجها واختبار النوعيّة.
وترتبط عمليات تهريب المخدرات وتوزيعها بميليشيات حزب الله اللبناني والفرقة الرابعة المدعومة من قبل إيران، حيث تنتشر بشكل كبير في مناطق نفوذهم، إضافة إلى استخدامهم النقاط الحدودية مع الأردن كمنطلق لعمليات تهريبها إلى دول الخليج العربي.
مسار المخدرات وطرق تهريبها
رصد تجمع أحرار حوران ثلاث مسارات لدخول المخدرات وأهمها مادة “الكبتاجون” وخروجه عبر حزب الله من وإلى الجنوب السوري، حيث يبدأ المسار الأول من نقطة المصنع، المنفذ السوري اللبناني الرسمي، إذ تقوم مجموعات تابعة لحزب الله بنقل الكبتاجون من بلدة عيتا الفخار في لبنان عبر طرق ترابية بجانب نقطة المصنع وصولاً إلى بلدة جديدة يابوس داخل الأراضي السورية، ليتم نقلها إلى نادي الرماية والفروسية في بلدة الديماس التابع للفرقة الرابعة والحرس الجمهوري ثم إلى الصبورة ثم سعسع ثم خان أرنبة في القنيطرة ثم إلى ريف درعا الغربي حتى تل شهاب وخراب الشحم.
بينما يمر المسار الثاني من مدينة القصير في ريف حمص، أكبر قواعد حزب الله في سوريا، ليصل إلى الساحل السوري.
في حين ينقسم المسار الثالث إلى طريقين يبدآن من سهل البقاع في الجنوب اللبناني، يتفرّع بعدها عند نقطة فليطة إلى عسال الورد – رنكوس – عدرا العمالية – الضمير – حران العواميد – المطلة – المسمية – قاعدة كريم الشمالي في منطقة اللجاة، أو من فليطة باتجاه يبرود – جيرود – الرحيبة – الضمير – حران العواميد – المطلة – دير علي – قاعدة تل الحارّة في درعا الغربي – نوى – المزيريب – خراب الشحم.
أما مادة “الكريستال ميث”، ويطلق عليها تسميات شعبية مختلفة منها “آتش بوز” و “الشبو”، فقد لاقت رواجاً كبيراً في الآونة الأخيرة نظراً لأسعارها الزهيدة، يبدأ مسارها من منطقة أصفهان العراقية ثم إلى الأراضي السورية ومنها إلى الأردنية.
ويعتبر طريق البادية السورية الواصل إلى الحدود العراقية من أبرز طريق تهريب شحنات المخدرات ووصولها إلى منطقة اللجاة شمال شرقي درعا، إذ لا تتعرض السيارات المحملة بالمخدرات للتفتيش رغم مرورها بحواجز عسكرية تابعة للنظام السوري وكثيرٌ منها محسوبة على إيران.
وبالإضافة للحبوب التي يتم تصنيعها وتهريبها من لبنان والعراق إلى سوريا، تمكن حزب الله من إدخال عدد من مكابس صناعة تلك الحبوب إلى المنطقة الجنوبية، كان آخرها قبل أشهر، حيث أدخل مكبساً جديداً إلى منطقة اللجاة، بهدف تخفيض التكاليف، وتسهيل عمليات التهريب إلى الأردن والخليج.
محطات التهريب إلى الأردن
في منتصف شباط/فبراير 2022 وجّه مدير الإعلام العسكري في الجيش الأردني، العقيد مصطفى الحياري، للمرة الأولى أمام عدد من الصحفيين اتهامات علنية لجهات رسمية سورية، قائلاً إن القوات المسلحة “تمتلك صوراً وإثباتات تؤكد تورط بعض المخافر السورية على الحدود ومعها ميليشيات منظمة بتسهيل مهام مهربي السلاح والمخدرات”.
وأضاف الحياري أن بلاده “تخوض حرباً غير معلنة مع المهربين ومن يقف خلفهم”.
وكشفت القوات المسلحة الأردنية في وقت سابق عن مقتل ضابط وإصابة 3 أفراد من قوات حرس الحدود بنيران مهربين انسحبوا إلى العمق السوري، كما أكدت قتلها منذ بداية العام 30 مهرباً، وضبط أكثر من 17 ألف كفّ حشيش و16 مليون حبة مخدرة.
وأعلن الجيش الأردني في بيانٍ له، أنه أحبط 361 محاولة تسلل وتهريب مخدرات من سوريا إلى الأردن خلال عام 2021، وضبط قرابة 15.5 مليون حبة مخدرة من أنواع مختلفة بما في ذلك كبتاجون وترامادول، وأكثر من 16 ألف عبوة حشيش مخدر تزن 760 كيلوغراماً، و2 كيلوغرام من مادة الهيروين.
وبيّن عن زيادة دراماتيكية في محاولات تهريب المخدرات من سوريا، مشيراً أن ذلك يشكل تهديدات عابرة للحدود الأردنية والمنطقة المجاورة وبقية العالم.
وكشف مصدر خاص لتجمع أحرار حوران أنّ ميليشيات إيران تستخدم عدة نقاط وبلدات على الحدود الأردنية السورية لتهريب المخدرات إليها وهي: تل شهاب وكويا وبيت آرة ومنطقة الزمل، وخراب الشحم والمتاعية، وبلدة نصيب ومعبرها.
في حين حوّلت محطة تحلية المياه بالقرب من بلدة خراب الشحم بعد توقفها عن العمل عام 2012 إلى مكبس لصناعة حبوب الكبتاجون.
وفي محافظة السويداء يتم نقل شحنات المواد المخدّرة من منطقة اللجاة عبر البادية السورية، لتصل إلى منطقتي الشعاب وخربة عواد الواقعتين على حدود الأردن.
أهم التجار والمروّجين
محمد أحمد، اسم مستعار لقيادي سابق في فصائل الجيش الحر بدرعا، قال لتجمع أحرار حوران إنّ المشرف الأول على عملية إدخال المخدرات إلى درعا هو العقيد في مكتب أمن الفرقة الرابعة “محمد عيسى”، وأغلب عناصره يتعاطون المواد المخدرة بتسهيلات منه بما فيهم أبناء محافظة درعا العاملين بإمرته ضمن صفوف ميليشيا الفرقة الرابعة.
وأضاف القيادي أنّ “غسان أ.ز” و “رائد ر” من أهم الشخصيات العاملة في تجارة المخدرات في درعا، موضحاً أنهم يتسلّمون الشحنات مباشرةً من حزب الله، وتقوم مجموعاتهم المحليّة بتوزيعها على المتعاونين معهم في أرياف درعا.
وينقسم توزيع المخدرات إلى مهمّتين، الأولى للترويج والتوزيع المحلي وأهم المروجين في مناطق تل شهاب والعجمي وزيزون: “أحمد ش”، “ف.ح”، “فايز ر”، “وليد ح”، وفي مدينة طفس: “يوسف ع” المرتبط بجهاز المخابرات الجوية، و “عبد الناصر ك” المقلب (عبود ش) ويعتبر من أبرز المروّجين للمواد المخدرة في المنطقة الغربية لدرعا.
أمّا في بلدة المزيرعة، يتواجد “عامر ر” وهو من الشخصيات المتعاونة مع حزب الله اللبناني بشكل مباشر، ويشاركه كلاً من “عامر ف” و “فضل ر”.
في حين يعتبر كلاً من “علاء م”، “محمود ت”، “محمود ر”، “عبد الرحمن ش”، “ليث س”، “علاء س” و “ضياء س”، من أهم تجار المخدرات في بلدتي المزيريب وخراب الشحم.
كما تعد مدينة نوى غربي درعا من أبرز مناطق انتشار مادة “الكريستال ميث”، ويدير تجارتها أعضاء في حزب البعث العربي الاشتراكي الموالي للنظام السوري، ومن أبرز المروجين فيها “بسام ع”، “علي د”.
وفي السويداء تبرز بلدة “عتيل” كمركز لتوزيع هذه المادة بإشراف متزعم مجموعة عسكرية تتبع للأمن العسكري، يدعى “راجي ف”.
وفي مدينة درعا يتعاون عدد من تجار المخدرات من بينهم “مروان م” و “محمد ع.م” مع القيادي في قوات العرين “وسيم اعمر المسالمة” والمساعد أول في الأمن العسكري “سامر عمران” في نقل شحنات المواد المخدرة وتهريبها خارج المنطقة.
اقرأ أيضاً.. ميليشيا الكبتاجون.. أقراص ترسم ملامح مستقبل الشبان في الجنوب السوري
أمّا المهمّة الثانية فهي للتهريب الخارجي، وكشف المصدر عن أهم مهربي المخدرات من سوريا إلى الأردن وهم: “أحمد ش”، “أبو شهاب ع”، “أبو وسيم د”، “ياسر ح”، “فهد ن” و “بلال أ.ز”.
وعلى الحدود العراقية يتسلّم مادة الكريستال كلاً من “محمود ن”، “أبو معن ج”، “محمود و” و “أبو ياسين” ليصار توزيع بعضها في المحافظة وتسليم بعضها الآخر لمهربي خط الأردن.
وفي منطقة قرفا في الريف الأوسط لمحافظة درعا، يقوم العقيد “عمر الغزالي” شقيق اللواء رستم الغزالي بتأمين حماية شحنات المواد المخدرة من ريف دمشق إلى محافظة درعا، بالاشتراك مع كلاً من “معن ك” المقيم حالياً في منطقة صحنايا بريف دمشق وشقيقه “إبراهيم ك” حيث يقوم الأخيران بتأمين وصول الشحنات إلى جسر ازرع ومنها إلى محطة وقود البشاير والتي تبعد عن جسر ازرع 1 كم من جهة مدينة الشيخ مسكين.
وتساهم في عمليات التهريب عن طريق معبر نصيب الحدودي مع الأردن المجموعة الأمنية التي يتزعمها القيادي السابق في فصائل المعارضة “عماد أ.ز” بالتنسيق مع ابن عمه “غسان أ.ز” حيث تشرف على نقل شحنات المخدرات إلى الحدود الأردنية لصالح فرع المخابرات العسكرية، ومجموعات أخرى مرتبطة بجهاز المخابرات الجوية والفرقة الرابعة المقربين بشكل كبير من إيران.
ويساعدهم في ذلك ضباط يتبعون للفرقة الرابعة والمخابرات العسكرية والمخابرات الجوية عن طريق تسهيل حركة دخول السيارات والشاحنات المعبئة المواد المخدرة إلى معبر نصيب، مقابل إتاوات مالية كبيرة تُفرض على الشاحنات.
أمّا في منطقة اللجاة وريف السويداء يجري التنسيق مع تجار محليين، من أبرزهم “غنام خ”، “حسن ر”، خلف ب”، “خالد س”، “رافع ر” و “مرعي ر” في حين يساعد حزب الله في عملياته متعاونون محليون، من أبرزهم: “خلدون ح”، “حسين و” و “هايل ر” الذين يعملون على تجهيز الشحنات لتهريبها إلى الأردن أو بيعها في الأسواق المحلية.
وعبر الشريط الحدودي بين سوريا والأردن تتولى قيادة الفرقة الخامسة عشرة التابعة للنظام السوري مهمّة تسهيل عمليات تهريب المواد المخدرات من خلال النقاط التي يتمركزون بها منذ سيطرة النظام السوري على محافظة درعا في تموز/يوليو 2018.