تفاصيل تكشف المتورطين بعملية خطف الطفل “فواز قطيفان” وارتباطهم بجهاز أمني
تجمع أحرار حوران – شريف عبد الرحمن
أعاد الخاطفون الطفل “فواز محمد قطيفان” (8 سنوات) ابن بلدة ابطع بريف درعا الأوسط، يوم أمس السبت 12 شباط، إلى عائلته بعد أكثر من ثلاثة أشهر مضت على اختطافه مقابل دفعهم الفدية المالية المطلوبة والبالغة 400 مليون ليرة سورية، ما يعادل 105 آلاف دولار أمريكي.
وأثارت عملية اختطاف الطفل وإعادته لأهله تساؤلات للكثير من أبناء محافظة درعا خاصّة بعد ظهور العميد “ضرار الدندل” قائد شرطة النظام في المحافظة بتصريحات وصفها ناشطون بـ”المفبركة” على وسائل إعلام موالية يروي حيثيّات الإفراج عن الطفل فواز.
وبحسب رواية الإعلام الموالي للنظام السوري فإنّ الحادثة جرت بعد اتصال الخاطفين بذوي الطفل، ظهر يوم أمس السبت، وطلبوا منهم حضور والد ووالدة الطفل لوحدهم إلى منطقة صوامع الحبوب شرق مدينة نوى لتسليم مبلغ الفدية المالية واستلام الطفل.
وأكد مصدر إعلامي بدرعا لتجمع أحرار حوران أنّ والد ووالدة الطفل فواز قاموا بتسليم مبلغ الفدية بالدولار وهو 105 آلاف دولار أمريكي، ما يعادل 400 مليون ليرة سورية، للعصابة الخاطفة في مساء يوم السبت.
وفي تناقض واضح بين والد فواز وقائد شرطة النظام الذي زعم أنّ شخصاً مجهول الهوية يركب دراجة نارية ترك الطفل في أحد الطرق الزراعية شرق صوامع الحبوب في مدينة نوى، إلّا أنّ والد فواز أكد بأنّ الخاطفين تركوا الطفل عند صيدلية في مدينة نوى.
وأحضر الخاطفون الطفل بدراجة نارية إلى أمام صيدلية حسام الجهماني عند دوار المخفر في مدينة نوى ووضعوا معه ورقة كتبوا عليها اسمه ورقم هاتف ذويه، وبحسب مراسل تجمع أحرار حوران فإنّ هذه الصيدلية تبعد نحو 100 متر فقط عن المربع الأمني التابع للنظام السوري في المدينة.
ويشير “دندل” إلى أنّ المنطقة الموصوفة من قبل الخاطفين “صوامع الحبوب” تخضع لسيطرة “عصابات مسلحة” بينما في الواقع تعتبر منطقة عسكرية ويوجد بقربها عدة قطع عسكرية تتبع للواء 112 وتبعد حوالي 3 كم عن الصيدلية التي وضع الطفل عندها..!
وبالرغم من ذلك يزعم “دندل” أنّ القوات العسكرية التابعة للنظام لم تستطع التدخل في عملية إطلاق سراح الطفل حتى لا يعرّضوا حياته للخطر في حين أنّه بإمكانهم إغلاق مخارج ومداخل المدينة خلال دقائق وملاحقتهم بعد تسليم الطفل مباشرة.
بدوره، نفى مصدر من عائلة الطفل فواز قطيفان وجود أي دور للنظام السوري في عملية تحرير الطفل، مشيراً إلى تضليل واضح من قبل وزارة الداخلية السورية التي أوحت لمتابعيها عبر فيسبوك أنّ لها دور في عملية التحرير.
فبركات بهدف توريط معارضين للنظام!
خلال تصريحات العميد دندل زعم أنّ قوات الشرطة حددت رقم هاتف الخاطفين بمساعدة من الانتربول الدولي الذين حددوا شخص مرتبط بهم من قرية الكتيبة في خربة غزالة شرقي درعا، واقتحمت قوات الشرطة القرية في صباح يوم الثلاثاء 8 شباط الجاري، واعتقلت أربعة شبّان أشقاء من عائلة واحدة من بينهم الشاب الأساسي الذي ألقوا التهمة عليه وهو “محمد ذيب الزعبي”.
محمد الزعبي، قيادي سابق في الجيش الحر، انضوى عقب التسوية في صفوف اللواء الثامن التابع للفيلق الخامس الذي يقوده أحمد العودة بدرعا، بحسب مراسل تجمع أحرار حوران.
وبحسب أقارب من الزعبي وصفوا لتجمع أحرار حوران اقتحام قوات الأمن الجنائي للمنزل بطريقة همجية وإرهابية بكل معنى الكلمة، حيث اعتدت قوات الشرطة لفظيّاً وبالضرب على النساء في منزل الزعبي عند مداهمته وقاموا بسرقة صياغة ذهب منه، إضافة لتكسير وتخريب كبير داخل المنزل، ومصادرة الهواتف النقالة، لاسيما التهديد باعتقال النساء وسحبهن لفرع التحقيق.
وأفاد المصدر أنّ الزعبي يتعرض للتهديدات منذ عام تقريباً وخاصّة أنه يتسلم منصباً أمنياً ضمن صفوف اللواء الثامن في قرية الكتيبة ووقف عدة مرات في وجه قوات النظام عند محاولتها اعتقال أفراد من القرية.
ويُعرف عن الزعبي أنّه باع عدة دونمات من الأراضي الخاصة بعائلته بمبالغ طائلة وليس له أية سوابق جنائية وذو سيرة حسنة في قريته.
وأشار المصدر أنّ النظام أفرج عن إخوته الثلاثة بعد يوم من اعتقالهم وأنّهم لا يعلمون حتى الآن التهمة الموجهة لهم ولأخيهم محمد الذي لا يعلمون مصيره حتى الآن في حين كانت هناك وعود بالإفراج عنه لاحقاً ليتفاجؤوا باتهامه من قبل “دندل” يوم أمس السبت وربطه بقضية اختطاف الطفل.
وتعرض الزعبي مع إخوته للتعذيب بشكل عنيف في فرع الأمن الجنائي، وبقي لساعات طويلة مشبوحاً في الفرع في بداية اعتقاله، بحسب شهادة مقرب منه، رفض الكشف عن اسمه لأسباب أمنيّة.
من هم خاطفو الطفل فواز؟
حصل تجمع أحرار حوران على معلومات تفيد بقيام “ع.ق” المنحدر من بلدة تسيل والذي يسكن في بلدة ابطع بالاشتراك مع زوجته وشخصين آخرين أحدهما “إ.ح” من بلدة ابطع، باختطاف الطفل فواز أثناء ذهابه مع شقيقته إلى المدرسة صباحاً في 2 تشرين الثاني/نوفمبر 2021.
ويعمل كل من “ع.ق” و “إ.ح” ضمن مجموعة عسكرية مسلّحة تُشرف على عملها سرية المداهمة 215 التابعة لشعبة المخابرات العسكرية، بحسب مصدر خاص.
بعد اختطاف الطفل فواز، عاد والده من الكويت وقدّم شكوى في الأمن الجنائي ضد طليقته “هـ” وقام فرع الأمن الجنائي بسجنها، ليقوم بعد ذلك الفرع بالضغط على والد الطفل عن طريق النقيب في الأمن الجنائي “سنان” الذي اتصل بوالد فواز من أجل سحب الشكوى ضدها نتيجة تدخل سرية المداهمة 215، وهو ماتم فعلاً، بحسب المصدر.
ويشترك مع هذه العصابة، رئيس قسم المهام في الأمن العسكري بمدينة ازرع المدعو “أبو جعفر” الذي يتبع للعميد “لؤي العلي” في الفرع 265، وجرى توثيق عدة عمليات خطف واعتقال ضلع بها المدعو “أبو جعفر” مع متعاونين محليين يطلبون مبالغ مالية طائلة مقابل الإفراج عن الضحايا.
وفي حديث الطفل فواز قطيفان لوسائل إعلام موالية للنظام فقد بيّن أن الضرب الذي تعرّض له في مقاطع الفيديو كان وهمياً للضغط على ذويه بدفع الفدية المالية، حيث غلّف الخاطفون الحزام الجلدي بقطع من الاسفنج لضمان عدم أذية فواز.
وأصبحت حادثة اختطاف الطفل فواز قضية رأي عام دولي بعد نشر العصابة الخاطفة شريطاً مصوّراً في 3 شباط الجاري، يظهر تعذيب الطفل فواز بهدف الضغط على عائلته لدفع مبلغ الفدية المالية.
تمويل ذاتي لعصابات محليّة!
أشار أحد المصادر التي تواصل معها تجمع أحرار حوران إلى أنّ عناصر محليين يتبعون لسرية المداهمة 215 لديهم صلاحيات بتمويل أنفسهم عن طريق عمليات النهب والسرقات والمطالبة بفديات مالية من المخطوفين، مقابل تنفيذ مهام أمنيّة لصالح سرية 215 أبرزها عمليات اغتيال بحق معارضين للنظام السوري وإيران.
ومن الأعمال التي تقوم بها سرية المداهمة 215 اعتقال أشخاص من محافظة درعا، لتطلب مبالغ مالية تتراوح بين 15 و 20 مليون ليرة سورية لقاء الإفراج عنهم، وذلك بحجة وجود فيش أمني بحقهم لدى السرية.
وفي حوادث مشابهة وثقها تجمع أحرار حوران في الآونة الأخيرة قيام مجموعة محلية من أبناء مدينة نوى غربي درعا بإلقاء القبض على الشابين “و.ب”، “أ.ش” اللذين كانا يتلقيان تعليمات من رئيس مفرزة أمن الدولة المدعو (أبو ميسم) المنحدر من مدينة الشيخ مسكين، والمساعد في أمن الدولة المدعو “محمد أبو حيدرة” المنحدر من مدينة تلكلخ في حمص.
حيث اعترفا بقيامهما في عمليات مراقبة لأشخاص في مدينة نوى وإرسال معلومات عنهم للمساعد محمد أبو حيدرة، ليقوم الأخير بتفعيل أرقام خارجية ويتواصل مع الضحايا وتهديدهم باسم “أبو خالد الفلسطيني” من تنظيم داعش من أجل دفع مبالغ مالية ضخمة مقابل عدم التعرض لهم، بحجة أنهم مطلوبون للتنظيم.
وفي السياق بيّن أحد الأشخاص في مدينة نوى لتجمع أحرار حوران أنه تعرض لعملية ابتزاز من قبل المدعو “أبو خالد الفلسطيني” من تنظيم داعش، حيث هدده بمداهمة منزله واختطاف ابنه أو دفع مبلغ مالي قدره 15 مليون ليرة سوري.
ورغم تسليم الشابّين “و.ب”، “أ.ش” من قبل المجموعة المحلية لفرع الأمن السياسي التابع للنظام السوري إلّا أنّ الأخير تجاهل مطلب أهالي مدينة نوى باعتقال أفراد العصابة المرتبطة بفرع أمن الدولة، حيث تجاوزت المبالغ التي تم نهبها من قبل هذه العصابة نحو 150 مليون ليرة سورية.
وتشهد محافظة درعا فلتاناً أمنياً منذ سيطرة النظام على المحافظة في تموز 2018 بموجب اتفاق التسوية الذي وقعته مع فصائل الجيش الحر بضمانة روسية، حيث انتشرت بشكل كبير عمليات الاغتيالات والقتل، وعمليات النهب والتشليح، بعد تحويل المحافظة إلى مركز لصناعة وتهريب المخدرات وتسهيل النظام وميليشيات حزب الله تداوله بين الشباب.