قرفا.. نشاط إيراني غائب عن الأنظار
تجمع أحرار حوران – عامر الحوراني
يضطر أبو خالد (اسم مستعار) الذهاب إلى بلدة نامر أو مدينة الشيخ مسكين في ريف درعا لأداء فريضة صلاة الجمعة أسبوعيًا، قاطعًا عدة كيلومترات بسبب أوضاع بلدته (قرفا) في ريف درعا الأوسط، التي أصبحت مساجدها أشبه بحسينيّات شيعية يتسلّم الخطابة والإمامة فيها شخصيات مقربة من إيران.
ويعاني العديد من الأهالي الوضع ذاته، البعض منهم يذهبون لمناطق أخرى لأداء الصلوات وآخرون يمتنعون عن ارتياد مساجد البلدة في حين يشارك البعض في الصلوات التي تقام في مساجد البلدة الثلاثة خوفًا من تعرضهم للأذى والاعتقال أو فصلهم من وظائفهم في الدوائر الحكومية.
تسود حالة التخوف هذه لدى المئات من أهالي قرفا في ظل ازدياد نشاط التيار الموالي لإيران والداعي للتشيع فيها، مع تواجد شخصيات بارزة في العمل الدعوي للتشيع وكون المساجد الثلاثة فيها واحد منها يعتبر حسينية رسمية تحت اسم “الوحدة الإسلامية”.
في حين أن المسجدين الآخرين هما مسجد اللواء رستم الغزالي والذي يرتاده معظم المقربون من اللواء البارز في جيش النظام والذي قتل في 24 نيسان 2015، والمسجد الأخير يتسلّم فيه الخطابة المدعو “زيدان عبدالله الغزالي” أحد أبرز الداعين للتشيع في الجنوب السوري وذراع إيران فيه.
وقال مصدر محلي لتجمع أحرار حوران إن أهالي بلدة قرفا قدموا أكثر من 15 بلاغاً للأفرع الأمنيّة ضد زيدان الغزالي مطالبين بتغييره من خطابة المسجد الذي يرتاده من أهالي البلدة، ولكن لم يأبه النظام السوري لهذه البلاغات أو يعيرها اهتمامًا.
مركز لنشر التشيّع
تعتبر بلدة قرفا مركز عمليات إيران من أجل نشر التشيع، حيث يتواجد فيها أبرز دعاة التشيع من أبنائها، مثل بدران الكايد، وإليان الكايد، والذين وصلا لمرتبة السيد الدينية عند الطائفة الشيعية.
وفيها إمام حسينية الوحدة الإسلامية المدعو “محمد أحمد الكايد” والذي وصل أيضًا لرتبة سيد لدى حزب الله والطائفة الشيعية، ومسؤول عن تأمين حماية الشخصيات المهمة القادمة من إيران ولبنان إلى محافظتي درعا والقنيطرة، وينشط في نشر المذهب الشيعي.
ويتردد في كل مناسبة تخص المذهب الشيعي، مثل يوم عاشوراء، العديد من الشخصيات الإيرانية والعراقية واللبنانية الشيعية إلى بلدة قرفا والحسينية الموجودة فيها، لأداء طقوسهم ويسمحون للأهالي بمشاهدتهم والاقتراب منهم وحتى مشاركتهم في أدائها، في حين يعلنون عن مساعدات إغاثية ومالية لمن يشاركهم في هذه المناسبات وهي إحدى طرق استقطاب الأهالي وخاصة الأطفال والشباب لنشر التشيّع.
ويضاف لهم الرجل الأول لإيران في المنطقة وهو “زيدان الغزالي” الملقب أبو بهاء، وتُناط به منذ سنوات أدوار مهمة في سبيل نشر المذهب الشيعي، وخاصة أن يتسلّم خطابة أحد المساجد في البلدة وكان سببًا لجعله شبيهًا بحسينية شيعية لاسيّما أنه يعتمد الطقوس الشيعية في أداء الصلوات فيه.
ويقيم الغزالي جلسات متواترة أسبوعيًا لأنصاره في قرفا ويعتمد على أسلوب معين لضمان دعمهم المستمر له من خلال تقديم مبلغ مالي يقدر بـ50 ألف ليرة سورية للفرد الواحد منهم كل فترة زمنية تمتد من شهر إلى شهرين.
ومن أشهر المواقف لزيدان الغزالي مطالبته بإنشاء لجنة وطنية لترويض المعتقلين أثناء حضوره عملية الإفراج عن عشرات المعتقلين من محافظة درعا في صالة المحافظة، يوم الإثنين 8 شباط 2021، وقال حينها إن “في أعناقهم فطرة سليمة ينبغي الوصول إليها”.
اقرأ أيضًا.. موالي لإيران يقترح مبادرة ترويض المعتقلين قبل الإفراج عنهم
وعمل الغزالي على إدارة ملف التشيع في المنطقة الجنوبية لصالح إيران منذ عام 2000 وخرج في العديد من البعثات إلى إيران وأصبح الرجل الأول لهم في المنطقة بسبب قيامه بشراء الأراضي وبناء الحسينيات وإنشاء الحوزات في عدة مدن وبلدات بمحافظة درعا.
غرفة عمليات عسكرية “إيرانية”
يشكّل العقيد “عمر عبد الطلب الغزالي” (شقيق اللواء رستم) ما يشبه غرفة عمليات مركزها بلدة قرفا لإدارة مشاريع إيران في الجنوب السوري، من تجارة المخدرات وتهريبها والعمليات الأمنية، ويديرها من مكان إقامته في العاصمة دمشق، وفق مصدر محلي لتجمع أحرار حوران.
ويعاون العقيد لأداء أعماله ضمن الجنوب السوري كلًا من شقيقه “هاني الغزالي”، رجل الأعمال الموالي لإيران صاحب مجمّع البشائر، وابن شقيقه الآخر “أيمن ياسر الغزالي” صاحب مجمّع الإيمان، اللذان تمكنا من تجنيد العديد من الخلايا النائمة التي تتحرك في حين طلبها بعملية معينة كنقل وتأمين شحنات المخدرات لصالح حزب الله اللبناني، خاصّة في المناطق الحدودية مع الأردن.
وتتواجد هذه الخلايا في مدن وبلدات: داعل، الشيخ مسكين، نوى، السحيلية، الدلي، تل شهاب، معريا، كويا، بيت آره ونصيب، ويبلغ راتب العنصر الواحد 200 دولار تقريبًا بحسب مصدر خاص لتجمع أحرار حوران.
ويساعد في إدارة غرفة العمليات هذه من بلدة قرفا العقيد “أجود الكايد” المسؤول عن ملفات سرية تتعلق باللواء رستم الغزالي أثناء خدمته في لبنان، و “أنس أحمد الكايد” الملقب (أبو الزهراء) وهو برتبة حاج لصالح حزب الله وله علاقات وطيدة مع الحرس الثوري الإيراني وأذرع طائلة في مدينة السويداء يسخّرها في تجنيد ميليشيا الدفاع الوطني لصالح حزب الله.
وحاول حزب الله إعادة تفعيل اللجان الشعبية في قرفا، عندما عُقد اجتماعًا في 8 كانون الثاني 2021 حضره مختار بلدة قرفا “إبراهيم إسماعيل الغزالي” الملقب (أبو جبل) وهو ابن خالة اللواء رستم ورجلا الأعمال هاني وأيمن الغزالي والعديد من ضباط النظام لكن داهمتهم مجموعة محليّة تتبع للواء الثامن، فككت هذا الاجتماع بحسب مصدر مطلع على الحادثة.
اقرأ المزيد..كيف تعمل إيران على تحويل الجنوب السوري لضاحية جنوبية ثانية؟
وأشار المصدر، إن الاجتماع كان يخطط على مستوى حوران، علمًا أن بلدة قرفا تعتبر منبع ومصدر دعم معظم خلايا حزب الله في محافظة درعا بشكل عام، وهي مركز إدارة عمليات إيران في الجنوب.
قبل اتفاق التسوية في تموز 2018 كانت تسيطر على بلدة قرفا ميليشيات طائفية شيعيّة ولجان شعبية موالية لإيران وتتخذ من جامع اللواء رستم الغزالي وقصره مقرّين أساسيين لها.
وبعد اتفاق التسوية اختفت هذه المظاهر المسلحة العلنية في البلدة وأعيد افتتاح جامع اللواء رستم لأداء الشعائر الدينية ودخلتها مجموعة من أبنائها المنضوين في اللواء الثامن المدعوم روسيًا ومعظمهم مقاتلين سابقين في فصائل الجيش الحر، لكن بقي نشاط دعاة التشيع وإدارة عمليات إيران تجري فيها حتى اليوم.