درعا: غياب روسي وحضور إيراني
تجمع أحرار حوران – راشد الحوراني
على الرغم من التسوية الأخيرة في أيلول/سبتمبر 2021، تشهد محافظة درعا اضطرابات أمنية وعسكرية، تعطي مؤشرات كبيرة على أن المحافظة لم تستقر حتى الآن، ويعود ذلك لأسباب مختلفة، أبرزها الصراع الروسي – الإيراني، وما ينتج عنه من عمليات اغتيال وتصفية بين ضباط النظام، وصراع على النفوذ بين الجناحين.
فقد أظهرت عمليات نقل وعزل الضباط في محافظة درعا في الآونة الأخيرة، الخلافات الكبيرة بين الأجهزة الأمنية نفسها، وبين الإيرانيين والروس، حيث يسعى كل طرف منهما لبسط نفوذه بشكل أكبر.
اغتيال ماهر وسوف فضح الصراع
كان اغتيال الرائد ماهر وسوف، مطلع الشهر الجاري، الضابط في الأمن السياسي والمسؤول السابق عن معبر نصيب الحدودي، بمثابة طفو الخلاف الروسي الإيراني على السطح، حيث كان الطرفان يسعيان لإخفاء هذا الخلاف خلال السنوات الثلاث الماضية.
وحسب تقرير سابق، لـ”تجمع أحرار حوران”، فإن وسوف المنحدر من محافظة طرطوس، كان قد كُلف بضبط معبر نصيب الحدودي من القصر الجمهوري للحد من عمليات تهريب المخدرات إلى الأردن، من أجل إيهام الأردن أن النظام يعمل على مكافحة تهريب المخدرات، وذلك لتعزيز العلاقات بين الطرفين.
ونتيجة لمحاولات وسوف إيجاد صيغة وسط بين الميليشيات الإيرانية، والفروع الأمنية في قضايا التهريب، والتي باءت بالفشل، فقد تم اغتيال وسوف بالقرب من بلدة صيدا على أتستراد دمشق- عمان الدولي، في منطقة تخضع لسيطرة المخابرات الجوية والأمن العسكري.
وبعد اغتيال وسوف، وعلى إثر ما جرى في مدينة جاسم مؤخرًا، عندما حاولت الأجهزة الأمنية اعتقال عدد من المطلوبين، والاشتباك معهم والتي أدت لمقتل عدد من عناصر وضباط النظام، وأسر عدد آخر، قام النظام بإجراء تغييرات في الضباط، وجاءت هذه التغييرات لتصب في مصلحة الجناح الإيراني في درعا.
تنقلات لافتة
نقل النظام الرائد يحيى ميّا، رئيس مفرزة الأمن السياسي في مدينة إزرع، وعيّنه مسؤولاً عن معبر نصيب الحدودي، ويعرف عن ميّا أن توجهه بالكامل نحو إيران، كما تم نقل العميد “عقاب صقر” إلى مدينة الحسكة، وعزل رئيس فرع الأمن السياسي بدرعا العقيد “أسامة أسعد” من منصبه ونقله أيضًا.
اقرأ أيضاً.. درعا: بعد عملية اقتحام فاشلة.. تغييرات في صفوف النظام
وفي مقابل ذلك، تعيين العميد “بسام شحادة” رئيس فرع أمن الدولة في درعا خلفًا للعميد “عقاب صقر عباس”، كما تم تعيين العقيد “سامر سويدان” المنحدر من ريف “بانياس”، رئيسًا لفرع الأمن السياسي بدرعا.
من هو يحيى ميّا؟
ينحدر ميّا من ريف طرطوس، ويعمل في مدينة إزرع منذ عدة سنوات، كرئيس لمفرزة الأمن السياسي، وهذا ما مكنه من بناء علاقات في المحافظة، مع المجموعات التابعة لإيران وحزب الله في بلدة قرفا، وخاصة زيدان الغزالي.
وبالإضافة إلى ذلك، تربط ميّا علاقة جيدة مع الحوثيين في اليمن، حيث سبق وأن زار اليمن بعد اشتعال المعارك هناك بين الحوثيين والرئيس السابق علي عبدالله صالح، حيث تم تأمين سفره مع مستشارين عسكريين إيرانيين وآخرين من حزب الله اللبناني، وكانت زيارته بهدف توطيد العلاقات مع اليمنيين المؤيدين لنظام الأسد.
كما تربطه بحزب الله والحرس الثوري الإيراني علاقات قوية، حيث تشرف مجموعات تابعة له على مطار إزرع الزراعي، والذي تستخدمه إيران في إطلاق الطائرات المسيرة، والذي تم استهدافه بقصف إسرائيلي لأكثر من مرة.
اشتهر ميّا، بقيادته صد هجوم المعارضة المسلحة في درعا على الكتيبة المهجورة قرب بلدة إبطع في تشرين الأول/ أكتوبر 2016، حيث استطاع إيقاع المهاجمين في كمين أسفر عن مقتل نحو 43 مقاتلاً من الجيش الحر، وكان ممن شوهدوا وهم يقومون بالتمثيل بجثث المقاتلين.
وهذه الحادثة، كان لها صدى كبير في وقتها لدى إعلام حزب الله اللبناني، حيث وصف إعلام حزب الله أن القائد الميداني الذي صد الهجوم كان من أهم رجال الحزب، في إشارة إلى يحيى ميّا.
وحسب معلومات، حصل عليها تجمع أحرار حوران فإن تكليف ميّا بالإشراف على معبر نصيب الحدودي، جاء بأوامر إيرانية مباشرة، وذلك لمعرفة الإيرانيين أنه قادر على تلبية مصالحهم في استمرار تهريب المخدرات إلى الأردن.
إيران تستغل الحرب الأوكرانية
أدى الغزو الروسي لأوكرانيا، والذي يسير بعكس ما يرغب به الروس إلى تخلي الروس أو غض النظر منهم على التمدد الإيراني الذي يجري في سوريا حاليًا.
ومع انشغال روسيا بحربها، لم يكن أمامها خيار سوى فسح المجال لقوات النظام والميليشيات الإيرانية بتقوية سيطرتها في سوريا منعًا لحدوث أي اختراق لما حققه النظام بدعم روسي، وهذا ما يفسر غلبة الجناح الإيراني في الآونة الأخيرة حتى في تعيينات الضباط وتنقلاتهم، وخاصة تعيين اللواء عبد الفتاح قدسية رئيس شعبة المخابرات العسكرية السابق، خلفًا لعلي مملوك كرئيس لمكتب الأمن الوطني، والذي تتبع له كافة الفروع الأمنية السورية، ما يظهر مدى السيطرة الإيرانية على المفاصل الأمنية في سوريا.