كيف اخترقت إيران العشائر في جنوب سوريا؟
تجمع أحرار حوران – سلام عبد الله
تمكنت إيران خلال السنوات الماضية من توسيع نفوذها على أكثر من صعيد في مناطق مختلفة من سوريا، وأولت المنطقة الجنوبية اهتمامًا من نوع خاص، نظراً لموقع المنطقة الذي يتميز بموقع استراتيجي هام، لقربه من الحدود مع الجولان المحتل والأردن، وهو ما دفع إيران لتجنيد المئات من أبناء المنطقة في صفوف ميليشياتها عبر حزب الله اللبناني، وبعض القادة المحليين الذين تربطهم علاقات مباشرة مع الحرس الثوري الإيراني وضباط النظام السوري المعروفين بولائهم لإيران.
لم تكتفِ إيران بعمليات التجنيد، وإنما ذهبت أبعد من ذلك، محاولة تجنيد قادة رأي وجهاء عشائر لضمان تواجدها في المنطقة على المدى المتوسط والطويل، عبر شراء الولاءات من وجهاء عشائر، ومثقفين وطلاب علم.
وبحسب المتابعة في هذا الجانب فقد تبين أن إيران تمكنت من تجنيد “عبد العزيز الرفاعي” وأعطته صفة شيخ وساعدته في الوصول إلى مجلس الشعب، وسبق الرفاعي أن زار إيران أكثر من مرة قبل وصوله إلى مجلس الشعب، وتصديره للشارع في المنطقة كوجه اجتماعي بارز يسعى إلى حل الخلافات وإصلاح ذات البين.
ويعتقد بعض الأهالي في المنطقة أن زيارة الرفاعي إلى إيران كانت بهدف تقديم الطاعة والولاء، مقابل حصوله على بعض النفوذ المجتمعي، ودعم كامل من إيران عبر فروع النظام الأمنية التي تسيطر على المنطقة والتي ستدعو الرفاعي إلى كل المناسبات العامة والخاصة.
من ناحية أخرى عزز تواجد الرفاعي في صف إيران موقف بعض أفراد عائلته المستفيدين من النظام والمقربين منه، ونجح بعضهم في الوصول إلى مناصب قيادية في المحافظة من بينهم “حسين الرفاعي” أمين فرع الحزب في المحافظة، والقيادي السابق في المعارضة “محمد علي الرفاعي” المعروف محليًا بـ (أبو علي اللحام) الذي عاد من الشمال السوري المحرر إلى مسقط رأسه في أم ولد ليتزعم مجموعة عسكرية تعمل لصالح الميليشيات الإيرانية في المنطقة وتعمل على اعتقال واغتيال معارضي النظام وإيران في المنطقة، وتسهيل عمليات تهريب وترويج المواد المخدرة.
السعي الإيراني إلى تجنيد أبناء العشائر يعود إلى سنوات قبل الثورة، في العام 2007 دعا مجموعة من المعممين أبناء بلدة منكت الحطب في أقصى ريف درعا الشمالي إلى حسينية في منطقة السيدة زينب في دمشق، وخلال الاجتماع مع الوفد المشكل من أبناء البلدة، الذين تربطهم صلات قربى وينتسبون إلى عائلة واحدة، اعتبر المعممون أبناء البلدة جزءًا من آل بيت الرسول وطرحوا عليهم دعم وتمويل مضافة لأبناء البلدة بهدف التشاور وحل الخلافات وإيجاد الحلول للمشاكل التي تواجه البلدة وأهلها بمساعدة مالية مباشرة من المعممين وتدخل لدى السلطات الحكومية إن استدعى الأمر لمساعدة البلدة وأهلها.
رفض أهالي منكت الحطب العرض المقدم من المعممين، لمعرفة عدد من أعضاء الوفد أن هذه بداية للتشييع الأهالي.
كذلك سعّت إيران عبر أذرعها إلى تجنيد شخصيات بينهم ضباط من مدينتي الشيخ مسكين ونوى، وتمكنت من استقطاب قرابة 40 عائلة من الشيخ مسكين بين عامي 2008 وحتى مطلع 2011 وكذلك بعض العائلات في مدينة نوى.
ومنحت إيران تلك العائلات مساعدات مالية شهرية عبر المستشارية الثقافية الإيرانية في دمشق، المسؤولة عن تمويل عمليات التشييع في المنطقة، ومنحتهم شهادات “سيد شريف” على اعتبار تلك العائلات من السادة الأشراف الذين يعود نسبهم إلى النبي محمد.
اقرأ أيضاً.. كيف تعمل إيران على تحويل الجنوب السوري لضاحية جنوبية ثانية؟
تلك المحاولات كانت تسير ببطء ولم تتمكن طوال سنوات من تحقيق الغاية المنشودة في تحويل الجنوب السوري إلى ضاحية جنوبية كما فعلت في لبنان، إلا أن اندلاع الثورة السورية ساهم في تسريع العملية، وتمكنت إيران من زيادة أعداد الموالين بزيادة ملحوظة مستغلة الأوضاع الاقتصادية والأمنية التي تعيشها المنطقة.