الآثار في درعا.. هدف اقتصادي إيراني
تجمع أحرار حوران – راشد الحوراني
تعود معظم الآثار في محافظة درعا إلى عصر ما قبل الميلاد، ومنها إلى الألف الرابع قبل الميلاد، حسب بعثة أثرية قيمت هذه الآثار عام 2002، وتلاحقت الحضارات في المحافظة، ومن أبرزها العصر الروماني، الذي ترك أبرز آثار المحافظة في مدينة بصرى الشام ومناطق أخرى، لتتلوها الحضارات الإسلامية.
تاريخ نهب الآثار في درعا
تعرضت الآثار في درعا لنهب ممنهج، وآخر عشوائي خلال العقود الماضية، ولعل فترة الثمانينات من القرن الماضي كانت الفترة الأبرز لنهب الآثار بشكل ممنهج على يد رفعت الأسد، شقيق رأس النظام الراحل حافظ الأسد، وعلى يد باسل الأسد، حيث عمل كل منهما على التنقيب عن آثار المحافظة وخاصة في المناطق الأثرية المعروفة كبصرى الشام والمناطق المحيطة بها باستخدام معدات حديثة وآليات في ذلك الوقت.
وعلى الرغم من هذا التنقيب إلا أن الدراسات الأثرية التي أجرتها مديرية آثار درعا في الأعوام ما قبل 2011، أكدت وجود آثار مختلفة لا تزال مدفونة في مختلف مناطق المحافظة، وعزت هذه البعثات ذلك أن الرومان كانوا يعتبرون منطقة (حوران) من أهم المناطق بالنسبة لهم، حيث كثرت فيها الحاميات الرومانية، خاصة بالقرب من مناطق تواجد المياه، كمنطقة وادي اليرموك، والمزيريب، والأشعري، وتل شهاب، حيث بنيت فيها قلاع صغيرة للإشراف على الطرق وكاستراحات للجيوش الرومانية، وهذه الحاميات استخدمت لاحقا من قبل العثمانيين خلال سيطرتهم على بلاد الشام.
الآثار ما بعد الثورة
ازدادت عمليات التنقيب عن الآثار بعد العام 2012 تحديدًا عندما خرجت مناطق عديدة من المحافظة من يد النظام السوري، حيث بدأت العديد من الفصائل وحتى الأهالي بالتنقيب عنها ولكن بشكل عشوائي.
العام 2015، كانت أول عملية نهب آثار حقيقية في بصرى الشام على يد الميليشيات التابعة لإيران، والتي تشكلت في المدينة عقب اندلاع الثورة السورية، حيث تم نهب ما لا يقل عن 150 قطعة أثرية هُربت إلى لبنان بمساعدة حزب الله اللبناني.
ومن جهة أخرى، كان الريف الغربي في منطقة حوض اليرموك، يتعرض لعملية نهب للآثار بشكل واسع النطاق على يد جيش خالد بن الوليد التابع لتنظيم داعش، وحصل تجمع أحرار حوران على معلومات تؤكد أن التنظيم كان يعتمد تجارة الآثار كأحد مصادر التمويل الذاتي لعملياته العسكرية والأمنية، وكان يلجأ لبيعها عبر سماسرة إلى الميليشيات الإيرانية، ولاحقًا اعترف قادة التنظيم بوجود علاقات تبادل بالسلاح والمال بين التنظيم والميليشيات وبإشراف من قاسم سليماني بشكل مباشر على هذه العمليات.
الآثار بعد التسوية
كانت تسوية 2018، مدخلًا مهمّا لعمليات واسعة النطاق للتنقيب عن الآثار في المحافظة، ولكن جميعها بإشراف الميليشيات الإيرانية وعلى رأسها حزب الله اللبناني، والتي يتم العمل عليها باستخدام أجهزة كشف متطورة.
وكانت العملية الأولى التي نفذها الحزب في منطقة حوض اليرموك، بعد هزيمة تنظيم داعش، حيث دخل عناصر الحزب تحت غطاء عسكري من الفرقة السابعة التابعة للنظام، وتم استخدام أجهزة كشف متطورة تم تركيبها على سيارات دفع رباعي تعرف محليًا باسم (الراشدات)، وهي قادرة على اكتشاف المعادن المدفونة.
وبعد ذلك استهدف حزب الله منطقة تل الأشعري المعروفة باحتوائها على مدافن أثرية تعرف بمدافن (الدولمن) وهي مدافن مقدسة تحتوي رفات رجال دين دُفن فيها عملات مختلفة ومجوهرات تعود للكهنة، إضافة للمخطوطات التي تتحدث عن فترات تاريخية مختلفة.
وفي العامين الأخيرين، بدأت مجموعات محلية تابعة للميليشيات الإيرانية بالتنقيب عن الآثار في منطقة الجيدور، حيث تعمل مجموعة محلية مكونة من نحو 75 شخصًا يتزعمها قيادي سابق في المعارضة على التنقيب عن الآثار لصالح حزب الله اللبناني، مقابل تسهيل تجارة هذه المجموعة بالتبغ القادم من لبنان ومواد أخرى بينها الحبوب المخدرة.
كما تتم عمليات تنقيب بالقرب من بلدة محجة، في تل يدعى (تل الكتيبة) والذي يقع تحت سيطرة قوات العرين (اللواء 313) التابع للحرس الثوري الإيراني.
وتستفيد الميليشيات الإيرانية من تجارة الآثار والمخدرات، كوسيلة للتمويل الذاتي لاستمرار بقائها في المحافظة، إضافة لدفع رواتب العناصر والمجندين من أبناء المنطقة لصالح تنفيذ مهام أمنيّة، بسبب نقص التمويل القادم من إيران نتيجة العقوبات الغربية المفروضة على طهران وعلى نظام الأسد على حد سواء، وهذا ما دفع الميليشيات إلى تبني عملية التمويل الذاتي أو اللامركزي لاستمرار أنشطتها.