درعا: مَن المستفيد من الخدمة الإلزامية لأبناء المحافظة؟
تجمع أحرار حوران – راشد الحوراني
مع بداية شهر نيسان/أبريل الجاري، انتهت مهلة التأجيل للخدمة العسكرية التي منحت لأبناء محافظة درعا قبل عام كامل، بالقرار رقم5343ن والصادر عن المديرية العامة للتجنيد، بهدف استكمال التسويات في المحافظة، ولكن حتى الآن لم يصدر أي قرار مماثل جديد يمنح مهلة جديدة لأبناء المحافظة، بسبب الغياب الجزئي للروس عن المشهد في المحافظة، نتيجة الانشغال الروسي بالحرب في أوكرانيا.
ومع مطلع الشهر الجاري، أصدرت اللجنة الأمنية في المحافظة، قرار يقضي بالبدء بإجراء عمليات تسوية لأوضاع العسكريين المنشقين، خلال يومي 20 و 21 نيسان الحالي، أي يومي الأربعاء والخميس الماضيين.
وجاء في نص القرار “نظراً لاقتراب انتهاء المدة الممنوحة وتسهيلاً للإجراءات اللازمة والضرورية بحق العسكريين الفارين من وحداتهم سيتم افتتاح مركزا لاستقبال العسكريين الفارين والراغبين بتسوية أوضاعهم، و وبأنه سيتم تزويد العسكريين بقرارات ترك قضائية تصدر عن السيد قاضي الفرد العسكري بدرعا ومنحهم المهمات اللازمة من أجل الالتحاق بوحداتهم خلال مهلة قانونية مدتها 15 يوماً من تاريخ الاستلام”.
اللجنة المركزية تحذّر
حذرت اللجنة المركزية، المكونة من وجهاء ومعارضين سابقين في مدينة درعا، خلال اجتماعها مع عدد من الشباب في درعا البلد بمدينة درعا، من التردد لأحياء درعا المحطة بسبب انتهاء مهلة التسوية، بحسب مصادر محلية لتجمع أحرار حوران.
وطالبت اللجنة المركزية، بتمديد مهلة التأجيل مرة أخرى، إلا أن اللجنة الأمنية في درعا أبدت رفضاً مبدئياً لمطالب الأهالي، ثم أبلغتهم أنها قامت برفع المطالب للقيادة في دمشق، ولن يكون هناك جواب إلا بعد انتهاء عيد الفطر.
وبالتزامن مع انتهاء مهلة التأجيل الممنوحة، بدأت ميليشيات تابعة للأجهزة الأمنية، والميليشيات الإيرانية في درعا، بالتدقيق على هويات الشبان المارين عبر حواجزها العسكرية، للبحث عن الشبان المطلوبين والمتخلفين عن الخدمة العسكرية.
وقال مصدر لتجمع أحرار حوران إنّ ميليشيات محلية يتزعمها مصطفى المسالمة الملقب محلياً بالكسم، قامت بالانتشار في مدينة درعا يوم أمس الاثنين، وميليشيات أخرى تابعة للأمن العسكري أقدمت على اعتقال شابّين مطلوبين للخدمة العسكرية وحجز دراجاتهم النارية في مدينة درعا.
كما انتشرت ميليشيا بقيادة المدعو “محمد علي اللحام” في ريف درعا الشرقي، بين بلدتي المليحة الغربية والمليحة الشرقية، للتفتيش على هويات المارة، بحثاً عن المطلوبين للخدمة العسكرية.
كيف تستفيد إيران والنظام من التأجيل واللا تأجيل؟
شهدت الأشهر التي تلت مهلة التأجيل في العام الماضي، سباقًا من شبان درعا بالسفر، حيث ترافقت مهلة التأجيل بالسماح للشبان المطلوبين للخدمة الإلزامية والمؤجلين باستخراج جوازات سفر، والسماح لهم بمغادرة البلاد، وذلك ما دفع الآلاف من أبناء المحافظة للسفر إلى عدة دول، أبرزها بيلاروسيا ومصر والإمارات العربية المتحدة.
وحسب مختصين في المجال الاقتصادي لـ”تجمع أحرار حوران” فقد حصد النظام السوري عبر مديريات الهجرة والجوازات مبالغ مالية كبيرة من منح جوازات السفر، حيث وصل سعر الجواز عبر بعض السماسرة التابعين للنظام، إلى نحو 1200 دولار، داخل سوريا، بالإضافة للتهافت على الجوازات في سفارات وقنصليات النظام خارج سوريا، وهذه المبالغ الكبيرة مفيدة للنظام في ظل العقوبات المفروضة على سوريا.
أما بالنسبة لإيران، فكان سفر أعداد كبيرة من أبناء المحافظة، يصب في مصلحة مشروعها التوسعي في الجنوب السوري، والذي يعتبر إفراغ المحافظة من عنصر الشبان أحد أهم أسباب نجاحه.
ولكن وبعد نهاية المهلة السابقة، فقد وقع أبناء المحافظة من جديد أمام فخ التجنيد الإلزامي، وباتت الخيارات أمامهم محدودة، فهي إما الانضمام لقوات النظام، أو الميليشيات، أو مغادرة البلاد بطرق غير شرعية، أو التعرض للاعتقال والاغتيال.
ونتيجة للتجربة السابقة، عقب تسوية تموز 2018 حيث قتل العديد من أبناء المحافظة تحت التعذيب في سجون النظام، وخاصة سجن صيدنايا، من بينهم 42 منشق عن جيش النظام، حسب توثيق تجمع أحرار حوران، معظمهم قاموا بتسليم أنفسهم عقب العفو الصادر عن رأس النظام بشار الأسد والمتعلق بما يسمى “الفرار الداخلي”.
وحسب مكتب توثيق الانتهاكات في “تجمع أحرار حوران” فقد تم تسجيل مقتل 102 شابًا من أبناء محافظة درعا، تحت التعذيب في مراكز الاحتجاز التابعة للنظام السوري، وأبرزها سجن صيدنايا العسكري، منذ سيطرة النظام على المحافظة في تموز/يوليو 2018 حتى نهاية شهر آذار/مارس الفائت.
ومن هنا تستثمر إيران وميليشياتها وعلى رأسهم حزب الله اللبناني هذه الحالة لتهجير أبناء المحافظة، ولكن بطريقة غير شرعية، حيث يقوم حزب الله بتهريب أبناء المحافظة، بالتعاون مع ضباط في الأمن القومي السوري التابع للحرس الثوري، وبالتعاون مع الفرقة الرابعة، وتتم عمليات التهريب إلى لبنان، وإلى الشمال السوري.
وتحقق إيران فائدة مزدوجة، الأولى الحصول على مبالغ مالية كبيرة نتيجة عمليات تهريب أبناء المحافظة، إذ تتراوح أجور عملية التهريب للشخص الواحد ما بين 700 إلى 2000 دولار، حسب حالته إن كان مدنيًا، أو كان منشقًا عن جيش النظام، كما تحقق الفائدة الأهم بالنسبة لها وهي عملية استكمال تفريغ المحافظة من أبنائها، استكمالا لمشروعها لجعل محافظة درعا القاعدة الأهم لتهريب المخدرات للأردن ودول الخليج، ولتشكل ضغطًا وتهديدًا أمنيًا على دول الجوار، وهنا يمكنها استغلال ذلك كورقة مساومة في العديد من المحافل، ومنها مفاوضات الملف النووي الإيراني.
ينتظر أبناء درعا، عملية انتهاء المفاوضات بين اللجنة المركزية واللجنة الأمنية، والقرار الذي سيصدر من قيادة النظام في دمشق، بمنح مهلة جديدة، أو عدم منحها، وفي كلتا الحالتين تعتبر إيران هي المستفيد الأول مما يجري، وما ستؤول إليه الأمور في الأيام القادمة، فهدف تفريغ المحافظة من أبنائها هو الهدف الأهم، بصرف النظر عن الوسائل المستخدمة في ذلك.