“العنف المدرسي” ظاهرة مدمرة للأجيال
تجمع أحرار حوران – معاً من أجل درعا
يتعرض الكثير من الطلاب في المدارس لانتهاكات نفسية وجسدية قد تؤدي في بعض الأحيان إلى ضرر دائم، غالباً ما يؤثر بشكل كبير على حياتهم الشخصية، ما ينعكس سلباً على المدرسة والأسرة والمجتمع.
العنف النفسي والجسدي
و من أهم أنواع العنف المدرسي وأكثرها انتشاراً في مجتمعنا، هو العنف النفسي، حيث يعتبر هذا الشكل من أقسى أنواع العنف الممارس على الطالب ويتضمن عدة أشكال منها: الكلمات النابية وهي التي يسمعها الطالب من المعلم أو من زملاءه بسبب تقصيره في الواجبات أو من خلال إحداث شغب أثناء الحصة الدراسية.
“التمييز” حيث يقوم بعض المعلمين بتمييز الطلاب عن بعضهم إما بالاهتمام أثناء الحصة الدراسية، ومشاركتهم في الدرس بشكل مستمر أو تمييزهم بالجلوس في المقاعد الأمامية حتى يبقوا على تواصل معهم، وقد يميز المعلم الطلاب ويصنفهم حسب الحالة الاجتماعية أو الاقتصادية للأهل مما يجعل الطالب ينظر لزملائه بازدراء وكره، ويحاول دائما الحاق الأذى بهم،
أما الشكل الثالث من يتمثل في الواجبات المنزلية حيث يعتقد الكثير من المعلمين والأهل أن كثرة الواجبات المنزلية تساعد الطالب في التركيز والاهتمام بالدراسة، بينما تجعل الطالب يصاب بالإحباط وتشعره بالكره تجاه مدرسته ومعلمه، لأن الواجبات المنزلية الكثيرة تمنع الطفل من ممارسة اللعب في المنزل، وتمنعه من متابعة برامجه المفضلة وممارسة هواياته، فينظر للحياة على أنها دراسة فقط وغير ذلك هي أشياء ثانوية ليس من حقه ممارستها ليعلم في وقت متأخر أن حقه في اللعب وممارسة هواياته يوازي حقه في التعلم.
“التنمر” حيث يتعرض فيه الكثير من الطلاب لحالات تنمر من زملاءهم بسبب تأخرهم الدراسي أو بسبب الحالة الاجتماعية للأهل مما يجعل الطفل في كثير من الأحيان يكره الذهاب إلى المدرسة فيختلق الحجج لانقطاعه عنها ويجعله سبب رئيسي لتغيبه الدائم.
أما العنف الجسدي، والذي لا يقل في تأثيره على الطالب في المدرسة عن العنف النفسي، حيث يمارس العنف الجسدي على الطالب بأشكال عدة كالضرب المبرح الذي يتعرض له الطالب سواء من المعلم او من زملاءه والذي يترك آثاراً جسدية ونفسية على الطالب قد تلازمه مدى الحياة، فضلاً عن العدد الكبير للكتب المدرسية التي يضطر الطالب لحملها يومياً من البيت إلى المدرسة في حقيبة قد يصل وزنها إلى أكثر من نصف وزنه.
آثاره وكيفية تجنبه
لعلّ جميع ما ذكر من أشكال العنف المدرسي سيؤثر سلباً على الطالب ويضعف تحصيله المدرسي، فضلاً عن تأثيرها الكبير في المجتمع.
وبحسب باحث اجتماعي خلال حديثه لتجمع أحرار حوران، فإن أهم الآثار هي ضعف التحصيل المدرسي وحصوله على درجات متدنية تجعل منه شخصاً غير واثق من نفسه، فيظن أنه غير أهل للتعلم وبالتالي سيبحث عن بديل للمدرسة كالعمل او السفر، والنظرة السلبية للمدرسة وللمعلمين فيقوم بتعميم نظرته السلبية على جميع المعلمين وزملاءه في المدرسة بسبب تمييزهم عنه والاهتمام بهم دونه، إضافة إلى التفكير في الهرب من المدرسة.
وأضاف الباحث، أن إنشاء جيل عنيف يفكر بالانتقام من كل من يعتدي عليه نفسياً وجسدياً وبالتالي سينتشر القتل والسرقة في المجتمع فيتحول إلى مجتمع فوضوي يعيش حالة من الرعب، وسيظهر بعد سنوات جيل يحمل شهادة ولكنه لا يفقه شيئا وذلك لاعتماده على الحفظ الصم هروباً من العقوبة، فضلاً عن تسرب الكثير من الطلاب بسبب ممارسة العنف عليهم في المدرسة، حيث سينشأ جيل غير متعلم وغير قادر على مواكبة التطور الالكتروني السريع الذي ينتشر في العالم.
ورأى المصدر أن كشف أسباب العنف المدرسي يعتبر الخطوة الأولى في إيجاد الحلول ومعالجته، وأهمها التوجه الصحيح بالتربية الأخلاقية التي تبين حقوق الطفل وواجباته، وتوجيه المعلمين إلى ضرورة التعامل السليم مع الطالب بما يتناسب عمره وقوته الجسدية وعدم تحميله أكبر من طاقته، واختيار الإداريين على أسس واضحة تجمع بين الكفاءة العلمية والرجاحة العقلية والخُلقية، واتباعهم لدورات في أساليب التعامل مع الطلاب.
وأشار إلى أن تشجيع الطلاب على انجازاتهم التي يقومون بها في المدرسة مهما كان نوعها وحجمها، من أهم أسباب النجاح لدى الطلاب، وذلك لعرض أفكارهم والتعبير عنها دون أن يتعرضوا للتنمر والتعنيف.
“إنّ ممارسة العنف على الطالب في المدرسة هو سبب ما وصلنا إليه من فساد أخلاقي وثقافي، الذي يعيشه مجتمعنا ويجب على المعلمين والأهل والمجتمع كاملاً، التكاتف معاً لمنع هذه الظاهرة المرضية التي تقتل الجميع”.