هل تتوقف إيران عن نشاطاتها في الجنوب السوري وتهديد الجوار؟
تجمع أحرار حوران – راشد الحوراني
يشهد الملف السوري بشكل عام عودة للساحة الدولية بعد الجمود الذي طاله خلال العامين الماضيين، حيث أدت الحرب الروسية في أوكرانيا إلى نشوء مواقف دولية وإقليمية جديدة، وحدوث تحالفات مختلفة كما هو شأن السياسة دائمة التبدل.
ومن المحاور المهمة التي بدأت بالتحرك في الملف السوري، الجنوب السوري وخاصة محافظة درعا التي أعادتها الأنشطة الإيرانية داخلها للواجهة من جهة، والتصريحات الأردنية الرسمية الأخيرة من جهة أخرى، باعتبارها نشاطات تهدد الأمن الوطني الأردني، والمتمثلة في تجارة المخدرات وتهريبها.
إصرار إيراني على تهديد الأردن
تصريحات من مسؤولين متعددين من الجانب الأردني ظهرت مؤخرًا حول خوض القوات الأردنية حربًا حقيقية ضد مهربي المخدرات من الجنوب السوري، وكذلك ضد النفوذ الإيراني الذي يشغل الأردنيين مؤخرًا بعد الحديث عن انسحابات روسية محتملة من محافظة درعا.
تلا هذه التصريحات، تحذير الملك الأردني عبدالله الثاني من أن “هذا الفراغ سيملؤه الإيرانيون ووكلاؤهم، وللأسف أمامنا هنا تصعيد محتمل للمشكلات على حدودنا”، وذلك خلال زيارته للولايات المتحدة مؤخرًا.
اقرأ أيضاً.. صاحب نظرية الأرقام الثلاثة يهاجم الأردن وينتصر لإيران
وبحسب الوقائع على الأرض، فالأردن يواجه تهديدًا بالغ الخطورة على حدوده الشمالية، من خلال تواجد الميليشيات الإيرانية، خاصة في منطقة درعا التي تتسم معظم حدودها مع الأردن بالوعورة، ما سيشكل صعوبة في مراقبتها بالشكل اللازم، بالإضافة لوجود كل من الفرقتين الرابعة والتاسعة التابعتين بشكل كامل لإيران وحزب الله، وزاد هذه المخاوف استخدام الطائرات المسيرة لتهريب المخدرات والتجسس.
في اليوم التالي لتحذير الملك عبدالله، تم إرسال شحنة من المخدرات إلى الأردن، من قبل الميليشيات الإيرانية، وفي فجر الأحد الفائت اشتبك الجيش الأردني مع مجموعة من المهربين والمسلحين على الحدود مع سوريا، ما أسفر عن مقتل 4 منهم بينهم قائد مجموعة محلي، مرتبط مباشرة بحزب الله اللبناني.
وخلفت المواجهات 40 قتيلاً على الأقل من المتسللين فضلاً عن إصابة المئات منذ بداية العام، معظمهم من البدو الرحل الذين تستعين بهم الميليشيات المرتبطة بإيران جنوب سوريا.
وبحسب مختصين، فإن قيام الميليشيات الإيرانية بإرسال هذه الشحنة وغيرها، يعبر عن إصرارها على الاستمرار بتهريب المخدرات وتهديد أمن الأردن، فنتيجة للأرباح التي تجنيها من تجارة وتهريب المخدرات فلن تتنازل أبدا عن هذه التجارة، فهي تعمل على استغلال الأردن كطريق مباشر للوصول إلى دول الخليج العربي.
الجنوب يزداد غرقًا في مستنقع المخدرات
إيران التي تعرف أهمية الجنوب السوري بالنسبة لها، تعمل على إغراقه بالمخدرات، تعاطيًا وتجارة وتهريبًا، فالمجتمع يعيش تحت ضغوط اجتماعية واقتصادية ونفسية ومن كل الجوانب، ما يجعله فريسة سهلة للوقوع في فخ التعاطي، وبذلك يجد التجار والمروجين بهؤلاء الناس قيمة مادية لكسب زبائن جدد، سيكونون بعد إدمانهم زبائن دائمين لديهم دون أن ينظروا إلى المبالغ التي يدفعونها كثمن للمخدرات.
ففي كل من درعا والسويداء تنشط التجارة الداخلية للمخدرات، كما ينشط التعاطي بشكل كبير، سواء بين الرجال أو حتى النساء، فبحسب معلومات خاصة بتجمع أحرار حوران، يبلغ عدد النساء اللاتي أصبن بالإدمان على المخدرات في إحدى القرى الصغيرة نحو 100 امرأة بأعمار مختلفة، وهذا ما يعطي مؤشرًا خطيرًا على كيفية تنفيذ المشروع الإيراني.
وعلى الجانب الآخر، في السويداء، بدأت ميليشيا حزب الله اللبناني مؤخرًا بإنشاء عدد من معامل (مكابس) تصنيع الكبتاجون في السويداء، كما أنشأت من قبل في درعا، بحسب تقرير سابق لتجمع أحرار حوران.
وبحسب التقرير، فإن مجموعة تابعة لميليشا حزب الله اللبناني، ينحدر عناصرها من منطقة بعلبك اللبنانية، اتفقوا قبل أيام مع أحد الفصائل المحلية المدعومة من الأمن العسكري على تجهيز معمل لصناعة الكبتاجون في إحدى بلدات الريف الشمالي من السويداء، مضيفا أنه تم نقل آلات كبس الحبوب من ريف حمص إلى السويداء.
اقرأ أيضاً.. الجنوب السوري.. محطة تزويد الأردن والخليج بالمخدرات
حيث تسعى إيران من خلال ميليشياتها لتوسيع عملية التصنيع للحبوب المخدرة في الجنوب، نظرًا لقربها من الحدود الأردنية من جهة، ولإغراق أبناء الجنوب بتعاطي المخدرات ليسهل التحكم بهم من قبلها.
وفي سياق انتشار الحبوب المخدرة في السويداء مؤخرًا بشكل كبير، أفاد مصدر عن موقع “السويداء أي إن إس” وصول شكاوي من أهالي طلاب مدرسة كمال عبيد ومدرسة التجارة عن تورط أبنائهم بتعاطي المخدرات، وذلك من خلال شبكة يعمل فيها عدد من الأطفال، حيث تفيد المعلومات بوجود عدد من الأطفال أمام المدارس يقومون ببيع حبوب الكبتاجون بشكل علني، وبين التقرير أن الأطفال الذين يبيعون الحبوب المخدرة يتمتعون بحماية الأجهزة الأمنية بشكل علني، والتي منعت الأهالي في أكثر من مرة من الإمساك بهم.
وحسب مختصين، فإن إيران تسعى من خلال نشر المخدرات في الجنوب لجعل المجتمع غارقًا بالفساد والجرائم وعدم التفكير بالخطر القادم من وجودها، وبالتالي سيكون هذا المجتمع غير مبالٍ مما ستؤول إليه الأمور، أي أنه لن يشكل أي تهديد على المصالح الإيرانية، لذلك تستهدف إيران في عملية نشر المخدرات فئات الشبان واليافعين وطلاب المدارس كتمهيد للقضاء على جيل كامل ما سيسهل سيطرتها وإحكام قبضتها على الجنوب.
مخطط إيراني متشعب يستهدف الجنوب السوري، يترافق مع إصرار على تنفيذه في ظل بدء انسحاب القوات الروسية من المنطقة، فالمعطيات تشير إلى أن إيران لن تتخلى عن الجنوب فهو منفذها الوحيد عبر الأردن إلى السعودية ودول الخليج العربي، بعد عرقلة مشروعها لسكة الحديد المار عبر العراق إلى سوريا ولبنان.