هل بدأت إيران حربها الاستباقية لاستكمال السيطرة على الجنوب السوري؟
تجمع أحرار حوران – راشد الحوراني
بات الجنوب السوري بمحافظاته الثلاث يشكل مطمعًا رئيسيًا لإيران، ومصدر قلق لدول الجوار والعالم، إذ أصبح القاعدة الرئيسية لصناعة وتصدير المخدرات في المنطقة، فإيران ترغب بتحويل الجنوب لضاحية جنوبية أخرى، دينيًا وتجاريًا وعسكريًا لتهديد الجوار، والأطراف الإقليمية والدولية لم تتخذ بعد قرارًا لحسم الملف الذي أُثير فعلاً في عواصم دول كبرى مؤخرًا.
الجنوب في عين العاصفة الإيرانية!
بلدة خازمة في ريف السويداء الشرقي، والتي تعتبر أصغر بلدات السويداء، شهدت معركة خاطفة يوم الأربعاء الفائت 8 حزيران/يونيو، بتدبير إيراني، وتنفيذ من قبل قوات الأمن العسكري وكل من ميليشيات فجر والدفاع الوطني المدعومتين إيرانيًا، أدت لتحييد قوّة مكافحة الإرهاب عن المشهد إلى حد كبير، بحيث شكّل ما جرى انقسامًا في الرأي، بين من رأى أن قوة مكافحة الإرهاب على وشك التبدد، وبين من رأى أنها ستغيب عن المشهد لفترة ربما ستكون طويلة كي تتمكن من إعادة ترتيب أوراقها من جديد، خاصة مع مقتل قائدها “سامر الحكيم” وعدم صدور أي بيان عنها أو عن حزب اللواء السوري الذي لم يصدر أي بيان حول العملية.
في تموز/يوليو 2021 تم الإعلان عن تشكيل قوّة مكافحة الإرهاب تزامنًا مع تشكيل حزب اللواء السوري كحزب سياسي، أُعلن عن ارتباط هذه القوة بالحزب ضمن أهداف موحدة، في حين أنّ هناك من يشير إلى أنّ القوّة كانت تتلقى دعمها عبر الحزب المدعوم غربيًا، وأعلنت القوّة أنّ أحد أبرز أهدافها محاربة تجارة المخدرات في محافظة السويداء، لذلك كان تركز وجودها في ريف السويداء وباديتها الشرقية حيث تمر أهم طرق المخدرات المتجهة نحو الأردن، ما دفع بالاعتقاد أن كل الأطراف هناك ترغب بالسيطرة على هذه الطرق للاستفادة من هذه التجارة.
وبالتزامن مع ذلك، كانت إيران تنقل نفوذها ودعمها في السويداء من المخابرات الجوية، إلى المخابرات العسكرية التي أصبحت مؤخرًا اليد الإيرانية الضاربة في الجنوب السوري، وخلال العام الماضي لم تقم القوّة بأي تصعيد، كما أنّ المناوشات بينها وبين أجهزة الأمن التابعة للنظام كانت محدودة.
اقرأ أيضاً.. ما حقيقة التواطؤ الروسي مع إيران في مسألة الانسحاب الروسي من درعا؟
مؤخرًا، صرّح العاهل الأردني، الملك عبدالله الثاني، عن احتمال انسحاب القوات الروسية من الجنوب، واحتمال سيطرة إيران على الجنوب، هذه التصريحات وازدياد الحديث عن الجنوب السوري، أثبت أنّ هناك تحركًا ما يتم التجهيز له لتغيير واقع هذه المنطقة.
كل ذلك سبّب القلق لإيران، التي قررت التحرك بشكل استباقي في الجنوب ضمن محافظاته الثلاث، تحسبًا لأي تحرك عسكري، قد يأتي عبر الحدود الأردنية، أو عبر قاعدة التنف التي تخضع لسيطرة التحالف الدولي، خاصة بعد المعلومات التي نُشرت مؤخرًا حول تجهيز فصائل جديدة لمحاربة التواجد الإيراني، لم يتسنَ لتجمع أحرار حوران التحقق منها بعد.
الضربة الاستباقية
الاشتباك الذي شنته قوات الأمن العسكري والدفاع الوطني وفجر المدعومة إيرانيًا، ضد قوّة مكافحة الإرهاب كان للتخلص من الأخيرة، فهي الفصيل الوحيد الخارج عن سيطرة الأمن العسكري وإيران في المنطقة، وبتحييد القوّة باتت سيطرة الأمن العسكري كاملة على المحافظة.
وعلى الطرف الآخر في محافظة درعا، فقد بدأت قبل نحو أسبوع عدة مجموعات من حزب الله اللبناني، ولواء أبو الفضل العباس، بالتوجه من مقراتها في محيط مطار دمشق الدولي إلى منطقة السيدة زينب، وذلك للاجتماع وتوزيع المهام والاستماع إلى خطب دينية من رجال الدين، ليتم بعد ذلك نقلهم إلى مواقعهم الجديدة في الجنوب السوري، كما أن مجموعات مماثلة انطلقت قبلها بأيام من منطقة السومرية قرب دمشق للجنوب أيضًا.
وفي هذا السياق، أشار مصدر خاص لـ”تجمع أحرار حوران”، إلى أن هناك حملة تجييش كبيرة تحركها إيران ضد مناطق عدة في محافظة درعا، تعتبر حتى الآن تقف في وجه المشروع الإيراني، وتأتي هذه الحملة بحجة إيواء عناصر إرهابيين في هذه المناطق.
اقرأ أيضاً.. كيف تعمل إيران على تحويل الجنوب السوري لضاحية جنوبية ثانية؟
وبهذا تكون إيران تعمل باتجاهين في درعا بنفس الوقت، الأول في حال حصلت عمليات اقتحام تكون قد أكملت سيطرتها على درعا على الأرض، ومن جانب آخر فقد نشرت فعلاً المئات من العناصر على الحدود الأردنية، لدعم تهريب المخدرات من جهة، واستباقًا لأي تحرك عسكري ضدها من خارج الحدود.
أحداث تتسارع مؤخرًا جنوب سوريا، ويبدو أنّ عامل الوقت مهم للجميع، فإيران تحاول استغلال الوقت بكل السبل الممكنة، والأطراف الأخرى لم تحسم أمرها بعد، لتبقى هناك العديد من الاحتمالات المفتوحة خلال المرحلة القادمة.