درعا: ثلاث طفلات تجرّعن مرارة اليتم مرّات
بقلم: ريما العلي
استشهد والدهن و رفضت والدتهن البقاء في سوريا واختارت الذهاب مع عائلتها واللجوء إلى إحدى دول الجوار، لكن جدتهن رفضت مغادرة الطفلات الثلاث والتي لم تكن أصغرهن قد تجاوزت الثلاثة أشهر.
تقول أكبرهن (13 عاماً) أن جدتي رفضت أن نغادر أرض سورية التي دفع والدي دمه ثمناً لنعيش في حرية، و تتابع الطفلة: “تولت جدتي تربيتنا بعد وفاة والدي و مغادرة والدتي لكنها لم تدم لنا أكثر من 9 أعوام لقد تعرضنا لليتم 3 مرات الأولى عندما غادرنا أبي حيث خرج ولم يعد و الثانية عندما قررت والدتي الذهاب مع أهلها إلى إحدى دول الجوار أما المرة الثالثة والتي كانت أشد وقعاً وشعرنا فيها بأننا أيتام بعد وفاة جدتي”.
تكمل الطفلة بحرقة “لقد كانت جدتي تقوم بواجبها كـ أم و أب لمدة 9 سنوات كانت تذهب للعمل في المشاريع الزراعية رغم كبر سنها من أجل تأمين احتياجاتنا ورفضت جدتي إن نترك المدرسة على الرغم من الحاجة الملحة وخاصة بعد سيطرة قوات النظام على الجنوب السوري”.
وتضيف أن الكفالة التي كنا نحصل عليها من إحدى الجمعيات الخيرية توقفت، كانت هذه الكفالة بالرغم من قلتها مصدر دخلنا الوحيد.
وأثناء حديثي مع الطفلة الثانية (11 عاماً) قالت: بالرغم من أن أعمامي وزوجاتهم يعاملوننا كمعاملة بناتهم، لكن لا يكاد يمر علي يوم من دون أن أفكر في جدتي.
وتستطرد ما إن أضع رأسي على الوسادة في المساء حتى تنهمر دموعي وينفطر قلبي شوقاً لها، الدنيا كلها لا تستطيع أن تعوض حنانها وعطفها علينا.
تعيش الطفلات اليوم في منزل والدهن، أصغرهن تبلغ (9 أعوام) تقول أنها لا تعرف والدها الذي قتل على يد قوات النظام ولا تعرف والدتها التي هاجرت وتركتها، وتضيف “أنها شعرت بأنها يتيمة بعد وفاة جدتها فمنذ تفتحت عيونها لم ترَ سوى جدتها التي كانت الأم و الأب”.
تسكن الثلاث طفلات بجوار أعمامهن الأول أب لتسعة أطفال والآخر أب لثمانية أطفال يعانون كباقي الشعب السوري في ظل أوضاع إنسانية سيّئة جداً، وتعيش الطفلات الثلاث مرارة فقد العائلة ومرارة العوز.
خالد محمد -اسم المستعار- لأحد العاملين السابقين في إحدى الجمعيات الخيرية التي كانت توزع كفالات على الأيتام في محافظه درعا قال إن توزيع كفالات الأيتام توقف منذ سيطرة قوات النظام على الجنوب السوري.
وأضاف أن الأفرع الأمنية التابعة لنظام الأسد تلاحق كل من يعمل على توزيع الكفالات الأمر الذي دعا كثير من الجمعيات إلى إيقاف نشاطها في الجنوب السوري وأكد أن الجمعيات تريد الحصول على توثيقات عند توزيع هذه الكفالات الامر الذي عقده الأمر بشكل أكبر.
أما عن حالة اليتيمات الثلاث أفادنا أن إحدى الجمعيات كانت تتكفل بكفالة شهرية مقدارها 50 دولارًا لاثنتين منهن وكان هذا المبلغ بمثابه صمام الأمان من أجل عدم حاجتهن لأحد.
وأشار أن جدتهن كانت تستلم الكفالة كونها كانت المعيل الوحيد لهن بعده استشهاد والدهن وسفر والدتهن.
ونوه أنه بعد سيطرت ميليشيات الأسد على المنطقة حاولنا التواصل مع بعض أصحاب الأيادي البيضاء من أجل مساعدة اليتيمات الثلاث.
وتابع أن أحد الأشخاص تواصل معنا وتم تقديم مبلغ مالي على دفعتين في العام 2019 ولكن بعد ذلك لم يتم اطلاعنا بإرسال أي مبلغ لهن.
وصل لنا خبر وفاة جدتهن منذ عام تقريبًا والمؤكد الآن أن وضعهن المعيشي سيء جدًا بسبب عدم وجود معيل لهن وكونهن طفلات يعشن في منزل ولا دخل لهن سوى بعض المساعدات من جيرانهن.
وقد ذكر أحد وجهاء المنطقة إنه رغم وجود جمعيات كفالات أيتام تتبع للنظام إلا أن عملها ينحصر بتقديم خدماتها لأطفال من قتلوا ضمن قوات النظام السوري.
وأضاف أن الأيتام من أكثر فئات المجتمع التي تحتاج إلى المساعدات الإنسانية والرعاية الصحية.
وأشار إلى أن أعداد الأيتام في محافظة درعا كبير جدًا استشهد آبائهم على يد مليشيات نظام الأسد والمليشيات الإيرانية.
وأفاد أن كل يوم هناك أيتام جدد حيث لم يتوقف قتل المعتقلين في سجون النظام ولم تتوقف عمليات الاغتيال التي تنفذها جهات تابعة لمليشيات النظام أو متعاونة معه.