عمليات الخطف المضاد تخيّم بظلالها السوداوية على أهالي المحافظتين الجارتين درعا والسويداء
تجمع أحرار حوران – أحمد المجاريش
ماتزال عمليات الخطف المتبادل، التي يشهدها الجنوب السوري، تخيم بظلالها السوداوية على أهالي المحافظتين الجارتين درعا والسويداء، وذلك بعد ازدياد عددها في الأشهر الأخيرة، وتعرض بعض المخطوفين للتعذيب والقتل والابتزاز المالي.
تستمر حالات الخطف والخطف المتبادل منذ سنوات، إذ يقوم مسلحون في المحافظتين بخطف المدنيين واشتراط إخراجهم مقابل مبلغ مادي قد يصل إلى 100 مليون ليرة سورية، ليقع مدنيون آخرون فريسة عمليات الخطف المضاد برهن الإفراج عن نظائرهم المخطوفين في محافظاتهم.
ووثق تجمع أحرار حوران أكثر من 150 مدني من أبناء درعا والسويداء، تعرضوا للخطف والتعذيب منذ شهر آب إلى منتصف شهر تشرين الثاني الحالي، وتم الإفراج عن معظمهم عقب دفع مبالغ مادية أو عن طريق عمليات تبادل بين الطرفين.
وقال الناشط الإعلامي “أبو ريان المعروفي” محرر في موقع “السويداء 24” لـ “تجمع أحرار حوران” إنّ “عدد المخطوفين خلال العام الحالي 2017 يتجاوز 400 شخص بين مخطوفين من جهات مجهولة ومحلية ومعتقلين من قبل الجهات الأمنية بقضايا سياسية أو ما شابه ذلك دون القضايا الجنائية”.
إذ كانت آخر عمليات الخطف هو المواطن “أحمد فارس المصري” مدرس لغة أجنبية وسائق تاكسي ينحدر من مدينة خربة غزالة في ريف درعا الشرقي ويقيم في السويداء منذ سنوات، ليرد لذويه اتصال من رقمه يطالب بفدية مالية قدرها عشرين مليون ليرة مقابل إطلاق سراحه، وبعدها أرسلوا صوراً توضح تعذيب “المصري” لابتزاز ذويه.
الصور التي أرسلها الخاطفون لذوي المصري ظهر فيها ابنهم وهو مكبّل بالسلاسل الحديدية وعلى جسمة آثار التعذيب لابتزاز أهله وللإسراع في دفع المال.
وأشارت الناشطة الحقوقية “منار العلي” اسم مستعار، هكذا أحبت أن يذكر اسمها لـ “تجمع أحرار حوران” أنّ “عمليات الخطف تصب في مصلحة النظام وأفرعه الأمنية لأنه يزيد من حالة التوتر بين الجارتين السويداء ودرعا وهو ما سعت إليه المخابرات العسكرية في السويداء منذ انطلاق الثورة السورية، ولا يزال البعض من السويداء ودرعا يخدمونه حتى اللحظة “.
وأضافت العلي “أنّ حوادث الخطف هي نتيجة طبيعية لما تعيشه المحافظتين من فوضى وفلتان أمني، وارتفاعٍ غير مسبوق في مستوى الجريمة ، من قتل وخطف وسرقة، فالمليشيات التي سلحها النظام ودرّبها أصبحت هي من تدير ملفات الجريمة والفساد بعدما تمرّدت على ما تبقى من مؤسسات الدولة المتهالكة”.
وفي السياق أصدرت محكمة دار العدل العاملة في حوران بياناً بتاريخ 22 تشرين الثاني جاء فيه “محكمة دار العدل تدين عمليات الخطف بحق المدنيين من أهالي درعا والسويداء والتي تتنافى مع تعاليم ديننا الحنيف وعاداتنا وقيمنا الأصيلة وأخلاقنا العربية”.
وأضاف البيان “بصفتنا القضائية سنلاحق المتورطين بهذا الجرم الشنيع وسيتم محاسبتهم وفق القوانين والأنظمة النافذة”.
أبو محمد الكركي تاجر من أبناء ريف درعا الشرقي قال لـ “تجمع أحرار حوران” إنّ “عمليات الخطف المستمرة بين محافظتي درعا والسويداء تنعكس سلباً على أبناء درعا وحدهم، ويعود ذلك بسبب قيام أهالي السويداء بإغلاق الطرق المؤدية إلى درعا بالحجارة، إذ تعتبر السويداء هي الشريان الاقتصادي الوحيد الذي يغذي درعا بالمواد الاستهلاكية والتموينية والنفطية مما يؤدي إلى ارتفاع الأسعار بدرعا بشكل كبير”.
وأوضح المعروفي “في ظل ترهل الجهات الأمنية وهي المسؤولة عن حماية المواطنين في السويداء، يصبح العاتق على الوجهاء والشرفاء والمرجعيات الاجتماعية ورجال الدين فهي الجهات القادرة على إيجاد حلول لهكذا مسألة وهي الجهات التي لا تزال تمتلك الشرعية نوعاً ما من المواطنين، وهذا ينطبق على درعا فالفصائل المعارضة فيها لم تأخذ دورها كما يجب وهي مسؤولة عن حماية المواطنين في مناطق سيطرتها”.
وأردف المعروفي “علينا اليوم أن نعول على المجتمع المحلي وأهل العقد والرأي، والجميع يعلم أنّ درعا والسويداء فيها موروث عشائري متقارب جداً جداً، لهذا تدخّل المجتمع المحلي كفيل جداً بالحد من هذه الظاهرة، وخير دليل على ذلك قضايا خطف متبادلة عديدة حصلت بين الجارتين سهلاً وجبلاً كانت نهايتها على يد وجهاء ورجال دين وشرفاء من المحافظتين”.
وتساءل ناشطون من أبناء السويداء عن سر تزايد عمليات الخطف في محافظة السويداء في ظل تواجد عشرات الحواجز التابعة لنظام الأسد داخل المدينة وعلى أطرافها.
وفي ظل استمرار حالات الخطف والخطف المضاد يبقى الضحية مدنيون أبرياء من محافظتي السويداء ودرعا، في حين أنّ المجرم الحقيقي من عصابات الدم والمال وتجار الدم في المحافظتين والمدعومين بشكل أو بآخر من قبل أفرع نظام الأسد في السويداء خارج القفص، وسط انتشار الفوضى والسلاح بأيدي المجرمين.