هل تكون كهرباء الجنوب هدفاً إيرانياً؟
تجمع أحرار حوران – راشد الحوراني
لا تقتصر المحاولات الإيرانية للسيطرة والتغلغل في سوريا على الناحية العسكرية والأمنية، حتى بالنسبة لتصنيع وتهريب المخدرات التي باتت أمراً واقعاً خاصة في الجنوب السوري والتي تشكل مردوداً اقتصادياً هائلاً، إنّما تعمل إيران ومنذ عدة سنوات على السيطرة على مفاصل اقتصادية وحيوية أكثر استدامة، وتتصل بحياة السوريين بشكل مباشر، ومن بين القطاعات المهمة التي تسيطر عليها إيران بالتدريج الكهرباء.
واقع الكهرباء في درعا
درعا وكما بقية المحافظات السورية، تعاني من تقنين كبير في التيار الكهربائي، إذ تصل ساعات التقنين في بعض الأحيان إلى 12 ساعة فصل، مقابل ساعتي وصل، وذلك نتيجة للأعطال التي تعاني منها محطات التحويل الرئيسية من جهة، و الشبكات التي تعرضت لدمار ونهب واسعين خلال السنوات الماضية.
وأيضا تعاني مؤسسة الكهرباء في درعا، من نقص كبير في المعدات والتمويل، على الرغم من محاولاتها لإنارة المحافظة وإجراء عمليات الصيانة، إلا أنّه وبحسب مصادر لـ”تجمع أحرار حوران”، فإن المحطات الرئيسية تعاني من أعطال وخاصة في قطع الغيار التي تعمل المؤسسة على صيانتها دون التمكن من تبديلها، بسبب العقوبات الأميركية بحسب ما يردده باستمرار مسؤولو النظام.
خلال الأعوام الأخيرة، قامت وزارة الكهرباء السورية بتوقيع اتفاقات مع شركات إيرانية لإجراء صيانة لمحطات الكهرباء الرئيسية في سورية، دون الإفصاح عن كامل هذه الاتفاقات التي تصر دمشق على اعتبارها اتفاقات دعم للسوريين، في حين يرى مراقبون أن إيران لا تقدم شيئاً دون مقابل، مؤكدين سعي إيران للسيطرة على قطاع الطاقة السوري بشكل عام.
وخلال العامين الماضيين، بدأت شركات إيرانية بالفعل بصيانة محطات الكهرباء الرئيسية في سوريا، حيث أنهت إحدى هذه الشركات مؤخراً صيانة المحطة الحرارية للكهرباء في حلب.
حلب هي البداية؟
في الوقت الذي أعلن فيه رأس النظام بشار الأسد، خلال زيارته إلى حلب في العيد، أنّ وزارة الكهرباء استطاعت إعادة تشغيل المحطة الحرارية للكهرباء في المدينة بجهود وأياد “سورية”، كانت إيران قد سبقته نهاية الشهر الماضي بالإعلان عن صيانة المحطة.
فبحسب تقارير صحفية، أعلنت شركة “مبنا” الإيرانية، نهاية شهر حزيران/يونيو الفائت، انتهاءها من أعمال إعادة تأهيل المجموعة الخامسة من المحطة الحرارية في حلب، وذلك عبر صفحة “المستشارية الثقافية الإيرانية” في سوريا على منصة “فيسبوك”.
وبينت “المستشارية الإيرانية”، أنّ شركة “مبنا” تمكنت من إصلاح المحطة، موضحة أنّ محطة حلب الحرارية رافعة كبيرة ومهمة في شبكة الكهرباء السورية، حيث كانت تُنتج قبل الحرب 1100 ميغا واط، أي أنها ستحدث تغييراً في موضوع الكهرباء إذا ما عادت لكامل طاقتها الإنتاجية.
اقرأ أيضاً.. في مصلحة من تصب قوانين ملكية العقارات الجديدة؟
وتشير التقارير، إلى أنّ إيران وقعت في الصيف الماضي على اتفاقات مع حكومة النظام، من أجل استثمار صيانة محطة “محردة” لتوليد الكهرباء مقابل الفوسفات، حيث أعلنت حكومة النظام في ذلك الوقت أنّ هناك تفاوضاً مع شركة إيرانية لتأهيل مجموعات توليد محطة محردة على أساس المقايضة بالفوسفات.
وكان أعلن وزير الكهرباء “غسان الزامل” في نيسان/أبريل 2021، عن تعاقد مع إيران بقيمة 124 مليون يورو، لتأهيل عدد من المحطات الكهربائية.
وبحسب العديد من التقارير، التي اطلع عليها “تجمع أحرار حوران”، فإنّ إيران وقعت عقوداً متعددة مع النظام السوري تمكنها من السيطرة على معظم قطاع الكهرباء والطاقة في سوريا.
درعا ومحطة دير علي
محطة دير علي، بالقرب من مدينة الكسوة جنوب دمشق، تعتبر المحطة الرئيسية لتغذية المنطقة الجنوبية بالكهرباء، كما تعتبر إحدى أهم المحطات في سوريا على الإطلاق، باعتبارها أحد أهم محطات الربط الكهربائي بين سوريا والأردن ومصر قبل اندلاع الثورة السورية، واحتمال عودتها لهذا الربط في حال تم تنفيذ اتفاق توريد الكهرباء بين كل من “سوريا، مصر، الأردن، لبنان”، والذي ينص على تزويد لبنان بالكهرباء عبر مرورها من محطة دير علي.
وبحسب مصادر محلية، فإن محطة دير علي بحاجة إلى عمليات صيانة، وسط عجز وزارة الكهرباء عن تنفيذها، وتشير المعلومات إلى أنّ الشركات الإيرانية هي الأوفر حظاً في عمليات الصيانة.
وأيضاً في درعا، هناك 9 محطات كهرباء رئيسية للتحويل وهي” الباسل، بصرى الشام، الحراك، الشيخ مسكين، نوى، الصنمين، جاسم، خربة غزالة، العجمي”، وهذه المحطات تعاني من نقص في قطع الغيار التي تفتقر إليها المؤسسة في درعا، ما يجعلها هدفاً لشركات الكهرباء الإيرانية أيضاً.
وبحسب معلومات حصل عليها “تجمع أحرار حوران”، فإنّ اتفاقات خاصة بالكهرباء بين سوريا وإيران، وقيام شركات إيرانية بتنفيذ الصيانة وتوريد قطع غيار ومحولات لسوريا، ليست جديدة، إذ قامت وزارة الكهرباء قبل اندلاع الثورة بنحو عامين من إرسال مجموعة من المهندسين السوريين في الوزارة في بعثة لإيران للتدرب على العمل وفق المحولات والمحطات الكهربائية الإيرانية.
اقرأ أيضاً.. درعا: وقفة احتجاجية رفضاً للوجود الإيراني
ويرى مختصون أن إيران حالياً هي الوحيدة القادرة على العمل في قطاع الكهرباء في الجنوب، وفي عموم سوريا، نظراً لعدم قدرة شركات خارجية أخرى من الدخول على هذا الخط بسبب عقوبات قيصر، التي تعاقب كل الشركات التي تتعامل مع نظام الأسد.
والجدير بالذكر، أنّ الأطماع الإيرانية باتت تمتد إلى كل المفاصل الحيوية في سوريا، فبالإضافة للكهرباء، وقعت إيران مع حكومة النظام على مشاريع تتعلق بمشاريع للطاقة البديلة ومعامل لتصنيع الحديد الإسفنجي وقضبان الحديد وغيرها.