بعد توقف مؤقت لتهريب المخدرات للأردن.. التصريف في الداخل
تجمع أحرار حوران – راشد الحوراني
تجارة وتهريب المخدرات التي تعتبر أحد أركان اقتصاد لنظام السوري والميليشيات الإيرانية، شهدت تراجعا خلال شهر تموز/يوليو الجاري، بحسب تقرير لـ”تجمع أحرار حوران”، وذلك على خلفية اجتماع أردني إيراني جرى مؤخراً في العراق بهدف احتواء عمليات تهريب المخدرات.
ويشير تقرير “التجمع”، إلى أنه كان للاجتماع آثار إيجابية حتى الآن، فمن ناحية الأردن يريد التخلص من أي تهديدات تمس أمنه القومي، وإيران وافقت على وقف عمليات التهريب، لكن في مقابل ذلك ستوجه أنظارها وتركيزها بشكل أكبر على ترويج المخدرات داخلياً بشكل كبير، مع إيجاد أسواق خارجية وخاصة بالتهريب عبر الموانىء السورية، إضافة لاستكمال بسط سيطرتها على الجنوب السوري.
إغراق السوق الداخلية
تصنيع وتجارة المخدرات في الجنوب السوري، باتت عملية علنية، فمنذ عملية التسوية في 2018 نشطت المجموعات والخلايا التابعة للميليشيات الإيرانية بترويج الحبوب المخدرة والحشيش في درعا والسويداء، وذلك بمعرفة الأجهزة الأمنية السورية.
وفي سبيل تحقيق ذلك، قامت ميليشيا حزب الله اللبناني مؤخراً بإنشاء عدد من معامل (مكابس) تصنيع الكبتاجون في السويداء، كما أنشأتها من قبل في درعا، حيث تم نقل آلات كبس الحبوب من ريف حمص إلى ريف السويداء.
اقرأ أيضاً.. ما أسباب تراجع عمليات التهريب إلى الأردن؟
تقارير عديدة تتحدث عن إغراق السويداء بعمليات تعاطي المخدرات وبيعها للأهالي خاصة طلاب المدارس، حيث أشارت هذه التقرير التي اطلع عليها وتابعها “تجمع أحرار حوران”، إلى وجود شبكات يعمل فيها عدد من الأطفال، أمام المدارس ويقومون ببيع حبوب الكبتاجون بشكل علني.
وتتم عمليات البيع بأسعار أقل من السوق بكثير، لتوريط أكبر عدد من المراهقين بالتعاطي، فيما رفض مدراء المدارس التدخل بحجة أن سلطتهم تنحصر داخل أسوار مدارسهم، وفي الوقت نفسه فإن الأطفال الذين يبيعون الحبوب المخدرة يتمتعون بحماية الأجهزة الأمنية بشكل علني، والتي منعت الأهالي عدة مرات من الإمساك بهؤلاء الأطفال.
أبو أمير، ناشط من السويداء، أكد خلال حديثه لـ”تجمع أحرار حوران” أنّ ما يتم تداوله صحيح، وأنّ شبكات بيع المخدرات ليست جديدة في السويداء، مبيناً أنّ عملية توريط الأطفال موجودة ومن بينهم طفلات إناث لا تتجاوز أعمارهن 12 عاماً، مشيراً إلى أنّ عملية توريط الأطفال في المخدرات تتحول لأمور أسوأ لاحقاً.
وأوضح الناشط، أنّ إيران تهدف من خلال ترويج المخدرات لأمرين رئيسيين، الأول إيجاد مورد اقتصادي داخلي يغطي عمليات الميليشيات، والثاني، إيجاد جيل مستسلم للطموحات الإيرانية في الجنوب وغير واعي لما يجري، بحيث تسهل السيطرة عليه بشكل أكبر في سبيل تحقيق الهدف الأكبر وهو تشييع المنطقة بشكل كامل.
اقرأ أيضاً.. هل تتوقف إيران عن نشاطاتها في الجنوب السوري وتهديد الجوار؟
وتستغل إيران، الضغوط الاجتماعية والاقتصادية والنفسية من كل الجوانب، ما يجعل هذا المجتمع فريسة سهلة للوقوع في فخ التعاطي، وبذلك يجد التجار والمروجين بهؤلاء الناس قيمة مادية لكسب زبائن جدد، سيكونون بعد إدمانهم زبائن دائمين لديهم دون أن ينظروا إلى المبالغ التي يدفعونها كثمن للمخدرات.
في محافظة درعا، تعتبر عمليات بيع المخدرات أشد خطورة من السويداء، إذ تنتشر هذه التجارة منذ العام 2018 على نطاق واسع، ومن الناحية العملية تعتبر درعا أكثر أهمية واستراتيجية بالنسبة لإيران لاستهدافها بالمخدرات.
فمن ناحية تستغل إيران هذه التجارة لتحقيق أرباح أكبر من السويداء نظراً لوجود بعض الموارد التي تمكن أبناء المحافظة من شراء وتعاطي المواد المخدرة وبالتالي تحقيق أرباح لا يستهان بها، ومن جهة ثانية، لا تزال درعا تشكل “حتى الآن” الرقم الصعب بالنسبة للنظام والميليشيات من خلال وجود جماعات متعددة تعارض التواجد الإيراني، وذلك على الرغم من الفلتان الأمني الذي أوجده النظام بدعم من الإيرانيين، والذي أدى لوجود كم كبير من عمليات الاغتيال في المحافظة.
الجنوب مستهدف من دمشق وحتى الحدود الأردنية
تقرير لصحيفة “الشرق الأوسط” اللندنية، في مطلع الشهر الحالي، أوضح أنّ ما يجري في العاصمة السورية دمشق يؤكد تزايد تجارة وتعاطي المخدرات بشكل واسع، ما دعا خبراء دوليين وإقليميين، إلى إطلاق تسمية “جمهورية الكبتاغون” على سوريا، وذلك في الوقت الذي يحاول النظام تضليل هذه المعلومات بادعائها أنها تواجه هذه الآفة بكل عزيمة وإصرار، وأنّ مناطقها بعيدة عن زراعة وتصنيع المخدرات.
وبيّنت الصحيفة، أنها ترصد منذ فترة طويلة مشهد أشخاص جالسين على أرصفة في شوارع دمشق والحدائق، وقد بدت عليهم مظاهر الفتور والخمول وترديدهم لعبارات غير مفهومة، بسبب تعاطيهم للمخدرات على الأغلب، بعدما كانت رؤية مثل هذه المشاهد نادرة قبل عام 2011.
وأوضح التقرير، أنّ سوريا تحولت من معبر لتهريب المخدرات، قبل العام 2013 إلى مُصَدر لها في هذا العام بالذات، وخاصة حبوب “الكبتاجون”، وذلك بالتزامن مع انكماش اقتصادها الرسمي بسبب الحرب والعقوبات الاقتصادية والفساد داخل الحكومة.
وأيضا، صحيفة “نيويورك تايمز” الأميركية، وفي تحقيق نشرته نهاية العام الماضي، ذكرت أنّ مختبرات “الكبتاغون” تنتشر بشكل أساسي في المناطق التي يسيطر عليها النظام السوري، والأراضي التي يسيطر عليها حزب الله” بالقرب من الحدود اللبنانية، أو خارج العاصمة دمشق وحول مدينة اللاذقية الساحلية.
وبيّنت الصحيفة، أنّه على الرغم من أنّ المخدرات مُعدة للتصدير الخارجي، فإنّ دمشق أغرقت المجتمع السوري بمنتجاتها ذات النوعية الرديئة، حيث لجأ الكثير من الناس لتعاطي المخدرات وسيلة للهروب من اليأس وحالة انسداد الأفق والإحساس بالعجز والوضع الاقتصادي المتردي، وأشارت إلى أنّه رغم كل ادعاءات النظام السوري حول قيامه بمداهمات وإلقاء القبض على بعض المروجين، فإنّ هذه العمليات تطال صغار المروجين والمتورطين، فيما لم تقترب من الشخصيات والجهات التي تدير أو تحمي هذه التجارة.
يشار إلى أنّ ما تقوم به إيران والنظام السوري من تصنيع وترويج وتجارة للمخدرات، هي عمليات ممنهجة، ومتعددة الأهداف منها ما هو اقتصادي داخلي للحصول على إيرادات مالية بعد التوقف المؤقت لتهريب المخدرات نحو الأردن، ومنها ما هو اجتماعي للسيطرة على مجتمعات الجنوب السوري وبسط السيطرة عليها.