مشروع قانون أميركي لتسمية سوريا بدولة المخدرات
تجمع أحرار حوران – راشد الحوراني
صراعات جديدة تشهدها سوريا بدأت تطفو إلى السطح مؤخرًا، وتحمل عناوين مختلفة وبين أطراف مختلفة، أساسها المخدرات والتمدد الإيراني الذي بدأ بتطوير استراتيجياته الاقتصادية في سوريا، والتي يعتبر الجنوب جزءًا منها.
ما هو مشروع المخدرات الأميركي؟
عقدت لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب الأميركي، يوم أمس الخميس اجتماعًا لترميز عدد من مشاريع قوانين على جدول الأعمال ومنها قانون الكبتاجون “أتش آر6265″، الذي سيتطلب وضع استراتيجية مشتركة بين الوكالات الأميركية لتفكيك أنشطة إنتاج المخدرات لنظام الأسد.
النائب الجمهوري فرينش هيل، الذي قدم مشروع القانون بالاشتراك مع الراعي المشارك النائب الديمقرطي بريندان بويل، والسيناتور الجمهوري روجر مارشال، وجهوا رسالة إلى وزير الخارجية أنتوني بلينكن، يطلبون فيها مراجعة الإدارة الأميركية ما إذا كانت سوريا تستوفي معايير “دولة رئيسية منتجة للمخدرات غير المشروعة” أو “بلد عبور رئيسي للمخدرات”.
كما تلقى بلينكين رسالة منفصلة من مايكل ماكول، العضو البارز في لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب، والعضو البارز في العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ جيم ريش، من الجمهوريين، يطلبان فيه تفاصيل إضافية حول صافي ثروة بشار الأسد، بالنظر إلى عائلته، الناتجة عن تجارة وتهريب المخدرات والشبكات التي يديرها أفراد من عائلة الأسد على رأسهم ماهر الأسد.
وقال هيل في وقت سابق، إنه “بالإضافة إلى انتهاكاته الجسيمة لحقوق الإنسان وارتكاب جرائم حرب بانتظام ضد شعبه، أصبح نظام الأسد في سوريا الآن دولة مخدرات”، مشيراً إلى أن إنتاج وتجارة المخدرات والكبتاجون “ليس فقط شريان حياة مالي حاسم للأسد، ولكنه يشكل السكان المحليين، ويعمل على تقويض الأسر والمجتمعات المحلية، ويموّل الجماعات المدعومة من إيران في المنطقة”.
وأضاف أنه “يجب على الحكومة الأميركية أن تفعل كل ما في وسعها لتعطيل المستوى الصناعي لإنتاج الأدوية في سوريا، ويشمل ذلك وضع مشروع استراتيجي مشترك بين الوكالات الفيدرالية، وتحويلها إلى قانون وقرار يصدر عن وزارة الخارجية ينص على أن سوريا هي بلد رئيسي لتصنيع المخدرات وعبورها”.
ووفق ما نقل موقع “ريبون أدفانس”، المتخصص بتشريعات النواب الأميركيين، فإن الرسالة التي وجهها المشرعون الأميركيون إلى وزير الخارجية، أنتوني بلينكن، تشير إلى أن البيت الأبيض، وفي أحدث تقرير له، لم يدرج سوريا من بين 22 دولة تم تحديدها على أنها بلد عبور رئيسي للمخدرات، أو دول رئيسية منتجة للمخدرات غير المشروعة، على الرغم من أن عناصر بارزة في نظام بشار الأسد وشبكات تابعة له تنخرط في إنتاج الأمفيتامين والاتجار به برعاية الدولة.
وأوضح الموقعون على الرسالة أنهم “شهدوا أيضاً زيادة مقلقة في صادرات الكبتاجون من الشبكات التابعة لنظام الأسد”، مضيفين أن “هذا الارتفاع تزامن أيضاً مع زيادة مضبوطات الكبتاغون التابعة للأسد على مستوى العالم”.
أهمية القانون الأميركي
يعتبر الجنوب السوري أبرز مراكز تصنيع وتهريب المخدرات بشكل عام، والكبتاجون بشكل خاص، إذ تحولت المنطقة التي تشمل محافظتي درعا والسويداء بعد تسوية العام 2018 أبرز معاقل صناعة الكبتاجون.
اقرأ أيضاً.. الجنوب السوري.. محطة تزويد الأردن والخليج بالمخدرات
وينتشر في محافظة درعا نحو 11 معملاً لصناعة الكبتاجون، وما لا يقل عن 8 معامل لكبس الحشيش، وجميع هذه المعامل تم إنشاؤها بالتعاون ما بين النظام والميليشيات الإيرانية.
هناك العديد من الصعوبات التي تواجه الحد من عملية تصنيع وانتشار الكبتاجون في الجنوب السوري، وتندرج هذه الصعوبات في نوعين.
الأولى تتعلق بتتبع أنماط صناعة الكبتاجون وتهريبه واستهلاكه وتكمن في تحديد مركبه الطليعي، حيث يعمل القائمون على صناعته على تعديل تركيبته الكيميائية باستمرار، والثانية فإن الكبتاجون سهل التصنيع بطبيعته، وهذا الأمر خلق عدة شبكات في سوريا، وتتم إدارتها بشكل لا مركزي، وبموافقة من بشار الأسد وشقيقه وشركائهم من الميلشيات الإيرانية، لكن هذه الشبكات مشتتة وتتضارب مصالحها أحيانا ما يؤدي لصدامات واشتباكات عسكرية بين الأطراف المسؤولة عن التصنيع، وهذه اللامركزية في تصنيع الكبتاجون تجعل ضبط إنتاجها أو إيقافه في حال كان هناك نية لذلك لدى السلطات صعبة جدًا.
ومن أجل الحد من انتشار الكبتاجون، لا بد من العمل على محاربة سلاسل الإنتاج والتوريد كاملة وليس على مرحلة واحدة فقط، فمن غير المجدي أن يتم التعامل مع نقاط التصنيع فقط، لأن هذه الشبكة اللامركزية تتفرع على شكل واسع، وبالتالي يمكنها أن تعمل حتى من أي منطقة ويمكن أن تجد أي نقطة للتهريب.
أي أنه لا بد أن يكون هناك تحركات منسقة بين الأطراف الفاعلة سواء داخل سوريا وخارجها لمكافحة كامل السلسلة من مرحلة التصنيع وصولا لمرحلة الاستهلاك، وهنا لا بد من الاصطدام بالحقيقة وهي أن النظام السوري مستفيد من هذه التجارة وهي إحدى أهم مصادر الدخل لديه، فهو العقبة الحقيقية في وجه الحد من هذه التجارة.
وفي هذا السياق، فإنه في حال تم سن هذا القانون، فإنه سيطلب من وزارة الدفاع والخارجية والخزانة، وكل من إدارة مكافحة المخدرات، ومكتب المخابرات الوطنية، والوكالات الفيدرالية الأخرى، تزويد الكونغرس باستراتيجية لتعطيل وتفكيك شبكات إنتاج وتهريب المخدرات المرتبطة بنظام الأسد.
ومن الجدير بالذكر، أنه لا يمكن أن يتوقف نظام الأسد والميليشيات الإيرانية عن تصنيع المخدرات وحبوب الكبتاجون، فهي تمثل أحد أبرز وجوه الإقتصاد بالنسبة لهم، وخاصة في الجنوب الذي يعتبر نقطة الإنطلاق الرئيسية لتهريب هذه المواد إلى الأردن والسعودية ودول الخليج.