حاكم درعا وشركاؤه !
تجمع أحرار حوران – سلام عبد الله
قبيل تسليم المنطقة الجنوبية من سوريا للنظام السوري وروسيا كانت دول الجوار لسوريا قد شهدت زيارات مكوكية واجتماعات مكثفة على مستوى عالٍ من التمثيل، بدأتها إسرائيل حينها في زيارات لوزير الدفاع وضباط استخبارات إلى موسكو، وانتهت بزيارة رئيس الحكومة الإسرائيلية حينها بينامين نتنياهو، وزيارات مشابهة من الجانب الروسي إلى تل أبيب، تلك الزيارات لم تكن سوى رسم خطوط عريضة لمستقبل المنطقة، وضمان أمن إسرائيل من مجموعات مؤدلجة قد تصل إلى الجانب القريب من الحدود.
كذلك لم يكن الأردن بعيداً عن التنسيق مع الاسرائيلي والروسي، قبل الأردن الصفقة على مضض، إذ لم يكن هناك الكثير من الخيارات، وكان هامش المناورة ضيقاً جداً بعد رسالة السفارة الأمريكية لفصائل الجبهة الجنوبية، التي أعطت قادة تلك الفصائل حرية الاختيار بما يتناسب مع مصلحة المنطقة وأهلها، بمعنى سلّموا تسلموا.
كان النظام يراقب عن كثب تطورات الأحداث ويُعد العدة لمرحلة جديدة مختلفة كلياً ستعيشها المنطقة الجنوبية، وبناء على تلك القراءة والمعلومات الروسية – الإماراتية التي كانت تصل تباعاً لمخابرات النظام السوري، فقد قرر في تلك الفترة إعفاء العميد وفيق الناصر من مهمة رئاسة فرع الأمن العسكري في المنطقة الجنوبية، وتكليف العميد لؤي العلي بتلك المهمة.
شاهد.. من هو لؤي العلي؟
حقق وفيق الناصر خلال فترة ترأسه الأمن العسكري في المنطقة سياسة النظام والأوامر التي كان يتلقاها من الإيراني كحليف، تمكن من إذكاء الفتنة بين درعا والسويداء على أساس طائفي، بعد أن جنّد مجموعات عملت لذلك الغرض، بمنع إدخال المؤون من السويداء إلى درعا، وعمليات الخطف والقتل المتبادلة بين الطرفين، إضافة لتشكيل مجموعات مازالت تعمل لصالح المشروع الإيراني في المحافظتين.
أما لؤي العلي فكانت سياسته واضحة للغاية قامت على أساس مزيد من الفتن يقابله مزيد من السيطرة، لم يكتفِ العلي بالفتنة بين السهل والجبل، إنما ذهب أبعد من ذلك، وكانت رؤيته إشعال الفتن وشراء الولاءات في كل بلدة ومدينة من محافظة درعا، مراعياً النفوذ العشائري واعتبارات أخرى لكل منها، خاصة وأن العلي يعتبر أحد أبناء درعا لطول الفترة التي قضاها فيها خلال فترة خدمته في السلك الأمني منذ تسعينيات القرن الماضي.
بعد ما سُمّي اتفاق التسوية صنع العلي بطانة من أبناء المنطقة تأتمر بأمره، وقدم لهم بعض المزايا، كأن يعتقل مجموعة من المدنيين من أبناء المحافظة، ثم يطلق سراحهم لكسب ودهم، ومنحهم صفة الحل والعقد وتصديرهم كوجهاء اجتماعيين، بالتوازي مع تدجين بعض المعارضين -مدنيين وعسكريين- بذات الطريقة، وتكليف المجموعات المسلحة التي صنعها بعمليات أمنية خاصة، أنهت حياة العشرات من القادة السابقين في المعارضة.
وإذا ما سألنا العلي عن السبب الذي دفعه إلى قتل مجموعة من أبناء المنطقة بعد خروجهم من اجتماع معه، سيكون رده “لم أجد من يردني”.
اقرأ أيضاً.. خلايا لؤي العلي الأمنية تنكّل بشبان درعا
وبالفعل لم يكن لؤي العلي الذي يشكل حلقة ضمن سلسلة طويلة ومعقدة داخلياً وخارجياً سوى منفذ لأوامر مشغليه في دمشق وطهران وموسكو.
اختصارًا لما تقدم فإنّ من أوصل درعا والمنطقة الجنوبية عموماً إلى هذه الحالة من التفكك والانهيار ما هي إلا قرارات دول وضعف معارضة وغياب رؤية واضحة لمستقبل سوريا عموماً والمنطقة الجنوبية بشكل خاص.
من هو لؤي العلي؟
ينحدر لؤي العلي من محافظة طرطوس، انخرط في السلك الأمني وتدرّج في المناصب حيث عمل في قسم الأمن العسكري بنوى برتبة ملازم، وكان يتبع لفرع المخابرات العسكرية في السويداء، ثم نُقل إلى قسم الأمن العسكري في إزرع برتبة نقيب، وخدم بعد ذلك في قسم الأمن العسكري بالصنمين ودرعا برتبة مقدم، وفق موقع “مع العدالة” المتخصص بتوثيق انتهاكات شخصيّات سورية.
وفي عام 2011، رُفع إلى رتبة عقيد، وتم تعيينه رئيساً لقسم الأمن العسكري بدرعا بعد خضوعه لدورة عسكرية في السودان، وعُرف بتعصبه الطائفي ونزعته الإجرامية في التعامل مع أبناء محافظة درعا، حيث اعتمد عليه النظام في قمع الاحتجاجات السلمية بالمحافظة، فكان أحد المشاركين في اقتحام الجامع العمري بمدينة درعا، والذي أسفر عن استشهاد 30 شخصاً، وإصابة واعتقال العشرات.
وورد اسم العلي في تقرير منظمة “هيومن رايتس ووتش”، في يونيو 2011 والمعنون تحت اسم “لم نر مثل هذا الرعب من قبل“، حيث اتهم بالاشتراك في ارتكاب جرائم ضد الإنسانية في درعا، والقيام بعمليات القتل والتعذيب الممنهجة من قبل القوات التي اقتحمت درعا، حيث أشرف على كافة العمليات التي قام بها عناصر قسم المخابرات العسكرية في درعا.
واشترك العلي مع العميد وفيق ناصر والعميد سهيل الحسن في التصدي للمتظاهرين الذين حاولوا فك الحصار عن مدينة درعا في 29 أبريل/نيسان 2011 ما أدى إلى استشهاد 120 شخص واعتقال مئات آخرين، ثم شارك في عمليات الدهم والاقتحامات، وفي حصار المدينة خلال الفترة 25/4/2011-5/5/2011، ومن ثم اجتياحها وجمع شبابها في الملعب البلدي، حيث تمت تصفية نحو ألفي شخص بدم بارد.
كما يعتبر المسؤول المباشر عن إصدار الأوامر باستهداف أحياء درعا البلد المحررة والأحياء الخاضعة لسيطرة الأمن العسكري بقذائف الهاون وإلصاق التهمة بفصائل المعارضة، وبشن حملات مداهمة مدعومة بقوات عسكرية ضد عدد من مدن وبلدات محافظة درعا، خاصة في ريف درعا الشرقي في العام 2012، ومن أبرز تلك الحملات:
اقتحام بلدة صيدا في أيار 2012.
اقتحام بلدة الغارية الغربية في حزيران 2012.
اقتحام بلدة الكرك الشرقي في تشرين الأول 2012.
الحملة العسكرية على أحياء مدينة درعا خلال الفترة (24-6-2021 حتى 6-9-2021)
الحملة العسكرية على مدينة طفس خلال الفترة (27-7-2022 حتى 13-8-2022)
وخضع العلي للعقوبات الكندية والبريطانية والأوربية نتيجة لدوره الاجرامي بحق أبناء الشعب السوري، الأمر الذي دفع النظام لترفيعه إلى رتبة عميد وتعيينه رئيساً لفرع الأمن العسكري في المنطقة الجنوبية خلفاً للعميد وفيق ناصر مطلع عام 2018.
يعتبر لؤي العلي عراب المشروع الإيراني في السويداء ودرعا والقنيطرة إلى جانب عمله الأمني في شعبة الأمن العسكري فهو يحظى بتواصل وتنسيق مع الجانب الإيراني.