جيش الجنوب: إعلام يُروج وواقع يُكذب
تجمع أحرار حوران – سلام عبد الله
نشرت وسائل إعلام سورية معارضة تقريراً مترجماً من صحيفة تركية تدعي فيه عزم الولايات المتحدة الأمريكية وبعض الدول الحلفاء في المنطقة تشكيل جيش قوامه 30 ألف مقاتل من أبناء المنطقة الجنوبية في سوريا لمواجهة إيران ووضع حد لعمليات تهريب المخدرات من سوريا إلى دول الخليج العربي.
تفاصيل التقرير الذي اطلع عليه “تجمع أحرار حوران” سبق أن طرح بذات التفاصيل أواخر عام 2018 وبداية العام 2019 بعد سيطرة النظام وإيران على المنطقة الجنوبية، وبعد أن بدأت تلك الميليشيات تنشط بشكل واسع في المنطقة، مهددة دول الجوار وعلى رأسها الأردن.
تطور المشروع مراراً وأعيد طرحه أكثر من مرة وفي مناسبات متفرقة، كان آخرها اجتماع ضم ممثلين عن مجموعة من الدول العربية عُقد في دولة الإمارات في حزيران/يونيو، جرى الاتفاق فيه على تشكيل ما يشبه قوة ردع عربية لمساندة الأردن في مواجهة عمليات التهريب، بتمويل سعودي ودعم مصري.
اقرأ أيضاً.. الأردن: مقتل مهرّب خلال عملية تهريب على الحدود السورية الأردنية
وبحسب ما رشح عن الاجتماعات من تسريبات فقد عقد المجتمعون العزم على دعم أبناء الجنوب السوري والبدء بملاحقة تجار ومهربي المخدرات من سوريا، بمعنى محاربة العدو في أرضه وتأمين الدعم اللازم للأردن لمواجهة الأخطار المحدقة.
وكان الاجتماع قد تزامن مع تصريحات للملك الأردني عبدالله الثاني قال فيها إن هناك تحركاً فعلياً لتشكيل تحالف عربي لمواجهة المشروع الإيراني.
لكن سرعان ما نفت الإمارات المقربة من الأسد ونظامه وصديقة رجال الأعمال الإيرانيين الخبر لسببين؛ الاول لأن الإمارات تسعى لتتصدر المشهد السياسي والحل في سوريا بما يحافظ على بشار الأسد ونظام حكمه، أما الأمر الثاني فالإمارت في الوقت ذاته تحاول إيجاد حلول وسطية ترضي جميع الأطراف حفاظاً على مصالحها الاقتصادية مع إيران، وخشية ردة فعل محتملة من الحوثي القريب من دبي والقادر على ضرب أهداف حيوية فيها بمسيرات إيرانية صُنعت لهذا الغرض.
وسط هذه الخلافات البينية بين الأشقاء العرب ومع تعدد المشاريع واختلاف الرؤى لمواجهة الإيراني، تعمل آلة النظام العسكرية على قتل من تبقى من معارضي النظام في المنطقة الجنوبية، إذ تمكنت فروع النظام الأمنية وفي أقل من شهر من قتل أكثر من 10 معارضين نصفهم من قادة الصف الأول.
ولأن أخلاقيات العمل الصحفي تستدعي الشفافية ومخاطبة العقل لا العاطفة، كان الأجدى بالمواقع المعارضة التي نقلت وترجمت تقرير الصحيفة التركية أن تراجع الأحداث في المنطقة خلال الأيام القليلة الماضية، والتي تطورت بشكل دراماتيكي، إذ لم يعد عمل ضباط الأفرع الأمنية للنظام يقتصر على إدارة خلايا الاغتيال وإعطاء التعليمات وإعداد القوائم بالأشخاص المطلوب تصفيتهم، بل وصلت بهم الحال لاعتقال المطلوبين وتصفيتهم داخل الفروع الأمنية ورمي الجثث على بعد أمتار من نقاط تمركزهم في رسالة واضحة لجمهور الشباب الذي من المفترض أن يشكل “جيش الجنوب” أن غادروا المنطقة أو انتظروا مصائر مشابهة.
اقرأ أيضاً.. عمليات خطف واعتقال يديرها الأمن العسكري والفدية بمئات الملايين
ثمة فوارق لا يمكن تجاهلها بين واقع مأساوي يحتاج تغييره لعمل متكامل لا طاقة لأبناء المنطقة تحمل تبعاته، وبين مشاريع افتراضية تجترها وسائل إعلام لزيادة ساعات البث وعدد التقارير.