تجمع أحرار حوران – سمير السعدي
في 27 تشرين الأول/أكتوبر نشر تجمع أحرار حوران تقريراً بعنوان “شبكة تهريب تديرها فاغنر والضحايا سوريون” وبعد البحث والتواصل مع ضحايا هذه الشبكة ننشر اليوم كامل التفاصيل التي حصلنا عليها.
تنويه: ينشر تجمع أحرار حوران بالوثائق والصور تفاصيل شبكة من تجار البشر تعمل داخل سوريا وخارجها، وإن نشر تفاصيل عناصر الشبكة “الحسابات البنكية والوثائق الشخصية” يأتي ضمن سياق علمنا الصحفي وفي محاولة منا لتحذير السوريين من التعامل مع شبكات الإتجار بالبشر، وكي لا يكونوا ضحايا لعمليات النصب والاحتيال، وإننا نراعي أخلاقيات العمل الصحفي ونحترم حق الخصوصية، ونشر الوثائق والتفاصيل كاملة الهدف منه ما ذكر أعلاه.
كل الطرق تؤدي إلى شبكات تجار البشر
حصل “تجمع أحرار حوران” على شهادات 8 سوريين وقعوا ضحايا لعمليات النصب والاحتيال على أمل الوصول إلى أوروبا بعد أن سُدت جميع الطرق وضاق بهم الحال في سوريا وبلدان اللجوء القريبة منها.
تشير الشهادات إلى أنّ أكثر طرق التهريب نشاطاً نحو أوروبا في الوقت الحالي يبدأ بالحصول على فيزا إلى روسيا، ومنها إلى بيلاروسيا ثم بولندا ودول الاتحاد الأوروبي، وتمنح روسيا السوريين فيزاً متعددة من بينها الفيز العلاجية وفيزا الطالب، وتتراوح مدة الحصول على الفيزا من أسبوع إلى شهر بحسب البلدان التي يجري تقديم الطلب فيها.
وللحصول على الفيزا ينبغي تقديم دعوات من روسيا “القبول الدراسي” هو الأكثر شيوعاً بين التأشيرات التي تم الحصول عليها مؤخراً، وتلك التي حصلنا على صور منها.
مكتب في دبي وآخر في دمشق!
بحسب الوثائق التي حصلنا عليها من ضحايا عمليات النصب والإتجار بالبشر تبين أن مكتب يُدعى « visa tours » في دبي يديره مجموعة من الأقارب من محافظة اللاذقية، المكتب اتخذ شعار “لوغو” قريب من شعار شركة سياحية مصرية تحمل الاسم ذاته، تواصلنا مع الشركة المصرية لمعرفة إن كان لها دور في استخراج تأشيرات للسوريين إلى روسيا ودول أوروبا الشرقية، الأمر الذي نفته الشركة، ونفت أي علاقة لها بمكاتب خارج مصر.
وروّج أصحاب المكتب بين السوريين علاقاتهم الواسعة وقدرتهم على استخراج تأشيرات إلى دول مختلفة من بينها روسيا ودول أوروبا الشرقية، وتأمين النقل من روسيا إلى بيلاروسيا ومنها إلى بولندا عبر أشخاص متواجدين هناك لهذا الغرض.
وقدّم القائمون على المكتب ضمانات من بينها عقود – لا قيمة قانونية لها – نصّت على تعهد الطرف الأول ممثلاً باسم أحد أعضاء الشبكة على استخراج تأشيرة دخول إلى روسيا مقابل مبالغ تراوحت بين ثلاثة وخمسة آلاف دولار.
العقود التي حصلنا عليها توضح الشراكة بين visa tours ومكتب آخر في العاصمة دمشق يدعى Intelligence يدير مكتب دمشق “محمد عبدالرزاق السبيعي” أمّا فيزا تورس في دبي يديره ثلاثة من اللاذقية ورابع متواجد في العاصمة الروسية موسكو يتردد على دبي كل عدة أشهر.
عُرف من بين القائمين على المكتب في دبي محمد وعلي أحمد علوش، بينما يتولى عملية استخراج القبول الجامعي في روسيا أحد أقاربهم، يتواصل مع الضحايا من خلال رقم هاتف سوري ويعرف عن نفسه باسم علي واسمه الحقيقي مضر.
وبحسب صور التأشيرات التي حصلنا عليها فجميع التأشيرات صادرة عن السفارة الروسية في دمشق ومعظمها تأشيرات دراسية.
أحد الأساتذة الجامعيين في جامعة روسية بحث عن سبب منع الدخول إلى روسيا خاصة وأن الفيزا سليمة ليخبرنا أن الأقساط التي يفترض دفعها للجامعة لم تدفع بعد، ورجّح أن يكون هذا السبب في منع الدخول.
الدفع بالدولار مقابل التأشيرة ودخول روسيا
يشترط أعضاء الشبكة على دفع المبالغ المتفق عليها بالدولار عبر حوالات مصرفية على حساب في البنك الإسلامي – فرع دبي باسم المدعو محمد أحمد علوش، أو التسليم نقداً خارج سوريا.
مؤخراً وبحسب تسجيلات لأحد عناصر الشبكة رفضوا استلام ما يعادل المبلغ بالليرة السورية داخل سورية بسبب عدم استقرار سعر الصرف، ما دفع ذوي أحد الضحايا لتحويل المبلغ من الليرة إلى الدولار وتسليمه لأحد عناصر الشبكة في العاصمة دمشق.
تابعنا خلال إعداد هذا التحقيق سير ثلاث رحلات جوية إلى مطارات روسية، الرحلة الأولى رقم FZ 160/FZ 977 انطلقت من مطار رفيق الحريري في 20 تشرين الأول/أكتوبر على خطوط FlyDubai الجوية ووصلت إلى مطار Mineralnye Vody Airport في 22 تشرين الأول/أكتوبر كان على متن الرحلة 13 سورياً حصلوا على تأشيرات من ذات الشبكة، سمح أمن المطار بدخول اثنين منهم وأعيد 11 إلى الدول التي خرجوا منها.
أما الرحلة الثانية كانت بتاريخ 4 تشرين الثاني/نوفمبر الجاري على ذات الخطوط وإلى مطار في مدينة روسية ثانية وكان على متن الرحلة 8 أشخاص لم يسمح لأحد منهم بالدخول وتم إعادتهم إلى لبنان والإمارات.
الرحلة الثالثة انطلقت من الشارقة على خطوط Airarabia مساء 29 تشرين الأول/أكتوبر ووصلت إلى مطار موسكو عند الساعة العاشرة ليلاً، كان على متن الرحلة ثلاثة خرجوا بذات الطريقة بتأشيرات حصلوا عليها من ذات المكتب في دبي، رفض أمن المطار دخولهم، لكن أحدهم اقترح دفع مبلغ مالي، ولاقى عرضه موافقة من عناصر المطار، دفع الثلاثة 3200 دولار مقابل دخولهم روسيا.
نحن الدولة ولاك!
بعد تواصل الضحايا معنا لكشف الشبكة في الإعلام وحرصاً على إعطاء أصحاب المكاتب في دبي الحق في الرد، تواصلنا معهم للاستفسار عن الفيز ومنع أصحابها من الدخول في مطار موسكو خاصة أن العشرات منهم قد دفعوا مبالغ مالية وصلت إلى أكثر من خمسة آلاف دولار، لنتفاجأ في الرد غير المتوقع.
محمد علوش المقيم في دبي تجاوز في سب وشتم الضحايا إلى كامل السوريين من معارضي النظام واصفاً إياهم بأبناء المخيمات وغيرها من الشتائم التي لا يمكننا ذكرها في سياق التحقيق، كما أطلق علوش تهديدات لذوي الضحايا بالملاحقة من المخابرات السورية إذا ما وصل الأمر لنشر تفاصيل عمليات الاحتيال التي ينفذها رفقة أقاربه.
أما مضر الموجود في موسكو فقد أعطى لنفسه وأفراد عصابته الحق في الاستيلاء على أموال السوريين “اللي بدو يطلع من البلد بدو يدفع الثمن غالي” مهدداً بإرسال معلومات الشخص الذي تواصل معه إلى المخابرات الروسية والسورية، ما يثبت علاقة الشبكة بأجهزة تلك الدول، سيما وأن ثلاثة من الضحايا أكدوا أن المخابرات العسكرية السورية أجرت دراسات أمنية عنهم قبيل حصولهم على الفيزا.
بينما اكتفى أحد أفراد الشبكة في دمشق بإنشاء مجموعة على الواتس آب جمع فيها عدداً من ضحايا عمليات الاحتيال التي يمارسونها وتوعد بملاحقة ذويهم في سوريا.
أموال الضحايا في ملاهي دبي!
بحسب الأشخاص الذين تواصلنا معهم يتجاوز المبلغ الذي حصل عليه أفراد الشبكة 300 ألف دولار، وبتتبع نشاطهم في دبي حصلنا على مجموعة من الصور والمقاطع المصورة –نعتذر عن نشرها– تظهر محمد وعلي أحمد علوش برفقة مضر المقيم في موسكو متواجدين في ملاهي ليلية في دبي، واعتبر الضحايا أن الأموال التي يتم إنفاقها في هذه الأماكن هي جزء من عمليات الاحتيال وتجارة البشر التي مارستها أفراد العصابة طوال الأشهر الماضية.
ونود أن نبين أن معظم الذين تواصلنا معهم اضطروا لبيع ممتلكات في سوريا لتحقيق حلمهم في الخروج من جحيم الحياة هناك، ونسبة تتعدى خمسين في المائة منهم من حملة الشهادات الجامعية أو طلاب في سنوات دراستهم الأخيرة تركوا مقاعد الدراسة آملين أن تكون أوروبا ملاذهم الأخير، إلا أن أحلامهم تحطمت بحسب وصفهم على صخرة تجار بشر كان نظامهم وحليفه الروسي سبباً في تهجيرهم وقتل بقايا أحلاهم.