حزام عشائري في شرق سوريا يقطع طريق إيران.. هل يبقى الجنوب متنفسًا إيرانيًا؟
تجمع أحرار حوران – راشد الحوراني
مشروع الحزام العشائري “السني” والذي طُرح في العام 2020 يعود إلى الواجهة في الآونة الأخيرة، تقوم الفكرة الأساسية على تشكيل قوة عسكرية من العشائر العربية السنية في شرق وشمال شرق سوريا، بالإضافة لقوات سوريا الديمقراطية “قسد”، وربط كل القوات بقاعدة التنف الأميركية، وذلك من أجل التحرك عسكريًا للسيطرة على مدينة البوكمال أكبر معاقل إيران في سوريا، وباديتها وصولاً لقاعدة التنف العسكرية ليتم قطع الطرق الإيرانية البرية بسوريا أو ما تعرف بـ “الكريدور الإيراني”.
أسباب عديدة تبدو منطقية تعطي مؤشرات على عودة المشروع من جديد، أبرزها الهجمات الإيرانية التي زادت وتيرتها ضد القواعد الأميركية شمال شرق سوريا في العام الحالي باستخدام الطائرات المسيرة، والصواريخ، والتي أدت في نيسان الماضي إلى مقتل متعاقد أميركي في قاعدة أميركية في الحسكة، أيضًا الهجمات التي شنتها إيران بواسطة طائرات مسيرة نهاية العام الماضي على قاعدة التنف والتي أدت لوقوع خسائر في مواقع “جيش سوريا الحرة” في القاعدة.
أيضًا من الأسباب التي بدأت تدفع للقيام بالمشروع تزايد التململ العربي للعشائر العربية في الحسكة ودير الزور من سياسات “قسد” ما دفع الأميركيين لإعادة التفكير بقوى السيطرة في المنطقة وعدم رغبة واشنطن بخسارة المكون العشائري فيها.
أهداف المشروع
من الواضح أن الولايات المتحدة الأميركية استطاعت الاستفادة من تجاربها في التعامل مع العشائر في غربي العراق خاصة في الأنبار والموصل، والتي ترتبط بصلات وثيقة مع العشائر السورية في شرق سوريا، كما استفادت الولايات المتحدة من الأخطاء التي وقعت فيها “قسد” بالتعامل مع العشائر والتي تشبه إلى حد بعيد أخطاء النظام السوري في التعامل معها، والقائم على الإقصاء والتفرقة حتى بين العشيرة الواحدة وإقامة كيانات متعددة داخلها.
ففي المرحلة المقبلة من يمسك زمام الأمور في شرق وشمال شرق سوريا سيمتلك التأثير الكبير في مختلف النواحي حتى في الحل السياسي، إذ تعتبر المنطقة غنية بالنفط وهذا جانب اقتصادي، كما أنها تمتلك خزانا بشريا كبيرا من العشائر، لذلك يجري إعادة العشائر العربية إلى الواجهة.
على الجانب الاستراتيجي، يهدف المشروع إلى قطع الطرق البرية لإيران والتي تمر من العراق عبر سوريا، والتي اتخذتها إيران شريانًا حيويًا خلال السنوات الماضية لنقل المقاتلين والسلاح والمخدرات منها، كما أنا تنفيذ المشروع يفرض ضغطًا كبيرًا على قوات “قسد” التي ترفض المواجهة مع الإيرانيين في المنطقة، كما يبدو أن المشروع مدعوم من تركيا أيضًا حيث سيحد حال تنفيذه من السيطرة الكردية في هذه المناطق.
أما بالنسبة للفصائل المحتمل مشاركتها، فهي قوات الصناديد، ثوار الرقة، المجلس العسكري في دير الزور، جيش سوريا الحرة، وتجمع الشهيد أحمد العبدو وأسود الشرقية، ويصل عدد هذه القوات إلى نحو 8000 مقاتل مدعومون من الأميركيين.
هل يكون الجنوب ضمن مشروع الحزام العشائري؟
حتى الآن لم تذكر أي تقارير عن وجود هدف للمشروع الأميركي للتوسع نحو الجنوب السوري من أجل مكافحة المخدرات خاصة في محافظتي درعا والسويداء، على الرغم من وجود بعض المؤشرات المخالفة لهذا الصمت تجاه هذه المنطقة.
فقد حصل “تجمع أحرار حوران” على معلومات من مصدر خاص، لفت فيها إلى أن قائد قوات الصناديد بندر الحميدي الجربا تواجد في محافظة درعا وتحديدًا في منطقة اللجاة في شهر أيّار/مايو الماضي، دون تحديد الأشخاص الذين التقى بهم، ولكن تلك الزيارة كانت بهدف الحشد لنفس المشروع.
كما أنّ بعض التسريبات أشارت إلى اجتماع جرى بين ممثلين “لم يتم تحديد هويتهم” من السويداء مع ممثلين من قوات “قسد”، للبحث في نفس المشروع وإمكانية انخراط المحافظتين الجنوبيتين فيه، وهذا ما دفع بعض الأطراف في السويداء في الرابع من حزيران/يونيو الفائت لتوزيع منشورات حصل “تجمع أحرار حوران” على نسخة منها، ترفض العلاقة مع “قسد” والنظام على حد سواء، وتطالب بتطبيق قرار مجلس الأمن رقم 2254 الذي ينص على حل سياسي في سوريا.
إيران والجنوب وبدائل الطريق البرية
هناك تساؤل كبير حول رضوخ إيران لخروج الجنوب السوري من يدها، فعلى الرغم من المصالحة العربية مع النظام السوري، وحضور رأس النظام بشار الأسد، القمة العربية في جدّة، وما سبق ذلك من اتفاق بوقف أنشطة تهريب المخدرات إلى الأردن ودول الخليج، واستهداف أحد مهربي المخدرات في بادية السويداء، إلا أن أنشطة إيران وقوات النظام من الفرقة الرابعة والأجهزة الأمنية لم تتوقف، سواء في تهريب المخدرات والسلاح، أو في استمرار التغلغل الإيراني في الجنوب وهو الخطر الداهم على المنطقة والدول العربية المجاورة خلال السنوات القادمة.
من جهة ثانية، يبدو أن إيران تنبهت بشكل مبكر للمشروع العشائري في شرق سوريا، على الرغم من وضوح معالمه بشكل كامل بعد، حيث دفعت النظام السوري إلى فكرة خصخصة خطوط الطيران الجوية السورية، وحقوق تشغيل المطارات السورية المدنية “دمشق وحلب”، من خلال الموافقة على منح شركة “إيلوما” حقوق استثمار الخطوط الجوية السورية، وحقوق تشغيل المطارات السورية، وفق وثائق لتأسيس هذه الشركة حصل “تجمع أحرار حوران” على نسخة منها.
يسار إبراهيم وعلي نجيب إبراهيم، هم أصحاب الشركة إضافة إلى كل من علي محمد ديب، رزان نزار حميرة، راميا حمدان ديب، والذين سجلت الشركة باسمهم، في حين أن الإدارة الفعلية لكل من يسار وعلي إبراهيم، الذين يمثلون واجهة الإمبراطورية الاقتصادية لنظام الأسد، أي بالنتيجة لإيران التي أصبحت تملك حرية النقل الجوي إلى سوريا واستخدام المطارات السورية بموجب اتفاقيات سيتم توقيعها مع الشركة المستثمرة الجديدة “إيلوما” ليكون التعامل مع شركة خاصة بعيدًا عن التعامل الرسمي مع النظام السوري.
مشروع الحزام العشائري في شرق سوريا من المشاريع المهمة، خاصة في حال امتد ليشمل الجنوب السوري في المرحلة التالية، فهو قادر في هذه الحالة على الحد من النفوذ الإيراني بشكل كبير، وقادر على قطع الطريق الرئيسي لإيران بتشكيل الهلال الشيعي من طهران إلى بيروت، على الرغم من وجود بدائل إيرانية عديدة.