الفساد والإهمال يحرمان أهالي معربة الماء
تجمع أحرار حوران – شريف عبد الرحمن
يعاني أهالي معربة شرقي درعا من نقص كبير في مياه الشرب الواردة إليهم من الخطوط الرئيسة نتيجة عمليات الفساد التي يديرها قيادات عسكرية محلية من جهة، والإهمال الحكومي وتقاعسه عن تنفيذ المشاريع الخدمية لصالح البلدة من جهة أخرى.
وقال مصدر خاص لتجمع أحرار حوران إن اللواء الثامن التابع لفرع الأمن العسكري يقوم ببيع الكهرباء على الخط الذاتي “خط المضخات” وهو خط كهربائي يتغذى بأكثر من 15 ساعة من التيار الكهربائي يومياً، لأصحاب المشاريع الزراعية والصناعية.
وأوضح المصدر أن بيع الكهرباء سبب عبئ على خط مضخات المياه (خط إرواء كحيل) في بلدة كحيل شرقي درعا، ما يؤدي إلى انقطاع التيار من حين لآخر عن تلك المضخات، ومع كل انقطاع تحتاج المضخات إلى أكثر من نصف ساعة للضخ مجدداً، وبالتالي تذهب المياه في الأنابيب أدراج الرياح.
وكشف المصدر الذي فضل عدم الكشف عن هويته لأسباب أمنية أن اللواء الثامن يتقاضى من أصحاب المشاريع التي يزودها بالتيار الكهربائي والتي تبلغ أكثر من 20 مشروع، مبلغ مالي يتراوح بين 4 و 7 ملايين ليرة سورية شهرياً، والذي يعتبر توفيراً لأصحاب المشاريع عوضاً عن شرائهم لمادة المازوت.
ومن جانب آخر، قال المصدر أن المعاناة بدأت منذ دمج خط إرواء كحيل وخط الثورة من قبل وحدة المياه في مدينة بصرى الشام من أجل أن يكون ضغط المياه أقوى على أن يصل إلى بلدة معربة ثلث كمية المياه وثلثين لمدينة بصرى الشام، لكن التعديات على خطوط الكهرباء المغذية لآبار كحيل بالإضافة إلى التعديات الكثيرة على خطوط المياه، حيث أن هناك العديد من الأشخاص ثقبوا خط الدفع الرئيسي بأنابيب بقطر 2 إنش أو 3 إنش لتغذية مزارعهم بالمياه في بلدات السهوة والمسيفرة وكحيل.
وأضاف أنه في بداية دمج الخطوط كانت البلدة تتغذى جيداً من منها، إذ كانت تغطي ما يقارب 3 أحياء سكنية يومياً، لكن التعديات حالت دون وصول المياه من الخطوط الخارجية وسببت حالة من العجز، الأمر الذي أدى إلى وضع الحمل على الخزان الشرقي في البلدة، ناهيك عن الأعطال الكثير للآبار الداخلية كونها حفرت على عمق مرتفع.
أما المشاكل الداخلية، قال أحد المطلعين على الملفات الخدمية في البلدة أن هناك أكثر من 800 اشتراك مخالف، حيث أن العوائل تقوم بثقب الشبكة وفتح خطوط جديد بالخفاء، وبالتالي قاموا بوضع شبكة مائية جديدة فوق الشبكة الرئيسية، ما يؤدي إلى تشتت المياه بين الشبكتين.
وأردف المصدر أن فساد موظفين المياه وتقاضيهم للرشاوى، وعدم التزامهم بالتوجيهات، وعدم وجود عدالة في توزيع مياه الشرب على الأحياء، تشتت وتشرذم المؤسسات الحكومية في البلدة وعدم التنسيق بينها، يؤثر بشكل سلبي على إيصال المياه إلى المواطنين.
وعن الحلول يرى المصدر أن البلدة بحاجة إلى بئرين ماء إضافيين ليصل عدد الآبار إلى خمسة، بالإضافة إلى حملة جادة لإزالة التعديات عن خطي المياه والكهرباء، ووقف بيعها للمشاريع الزراعية والصناعية.
وأوضح أن وجهاء البلدة واللجان الخدمية قدموا العديد من الشكاوى لمجلس محافظة درعا، ولم يتلقوا سوى الوعود، مشيراً أنه في المرة الأخيرة كان الرد أنه يجب على أهالي البلد جمع مبالغ مالية لترميم شبكات المياه وحفر آبار جديدة، وأنه سيتم رفع ملف البلدة للمنظمات الدولية.
أما بالنسبة للشكاوى في مديرية مؤسسات المياه فيكون رده أنه ليس لديهم أي إمكانيات متاحة، وأنه يجب عليكم الحديث مع اللواء الثامن لإزالة التعديات والمخالفات.
وسبق أن اجتمع ووجهاء البلدة في أيلول عام 2021 في منزل المدعو “رعد العامر” الذي تربطه علاقة وثيقة مع قيادات اللواء الثامن في مدينة بصرى الشام، واتصلوا هاتفياً مع المدعو “علي باش” الرجل الأول في اللواء بعد قائده “أحمد العودة”، ووعد بإيجاد حلول لمشكلة البلدة، وذلك بحسب أحد وجهاء البلدة في تصريح سابق للتجمع.
بحسب المصدر ذاته فقد اعترف حينها “نعم كنا نؤخذ مبالغ مالية من الآبار والمعامل والمنشآت لإتمام بعض المشاريع الخدمية في مدينة بصرى الشام، والتي كلفت اللواء مبالغ مالية كبيرة، ولكننا الآن انتهينا منها، وفي 27 أيلول، سنزيل جميع المخالفات على خطي الكهرباء والماء”.
وأشار إلى أن اللواء أطلق بعدها حملات لإزالة التعديات على الخطوط المخالفة والخطوط التي يتقاضى ثمنها، إلا أنهم في ما بعد قاموا بإعادة وصل الأخيرة إلى الشبكة.
ويلجأ الأهالي في هذه المرحلة إلى شراء الماء من الآبار الخاصة، والذي يبلغ سعر الصهريج الواحد الذي يتراوح حجمه بين 25 إلى 30 برميل، 75 ألف ليرة سورية، في حين أن العائلة المكونة من 5 أفراد تحتاج إلى صهريجين مياه، أي أنها تفوق راتب الموظف الحكومي.
حال البلدة لا يختلف كثيراً عن حال معظم المناطق في محافظة درعا، إلّا أن الأهالي في البلدة يرون أن مؤسسات النظام والمتحكمين العسكريين في المنطقة يعمقون جراحهم ويحرمونهم من مياه الشرب.