بعد المخدرات.. الخطف في سوريا وسيلة تمويل لنظام الأسد
تجمع أحرار حوران – أميمة القاسم
في الوقت الذي نشاهد فيه عشرات الفيديوهات التي تروّج للسياحة في سوريا من قِبل بعض مشاهير مواقع التواصل الاجتماعي، ونشرهم لمقاطع تظهر حجم الرفاهية التي يعيشها أبناء الشعب السوري من دون النظر إلى الأوضاع الاقتصادية التي يعاني منها السواد الأعظم من الناس، تقتات بعض الميليشيات المدعومة من قبل نظام الأسد على عمليات خطف تَطال الأطفال والنساء وتبتز ذويهم لدفع فدية مالية.
كما حدث في السويداء مع شاب من أهالي دمشق تم اختطافه سابقاً من قبل عناصر تابعين لفصيل يسمى “فزعة فجر” والإفراج عنه قبل أيام مقابل فدية مالية مقدارها مئة مليون ليرة سورية، بينما لا يزال مصير آخرين مجهولاً جرى اختطافهم أيضاً من قبل عناصر الفصيل من محافظة درعا والسويداء جنوب سوريا.
على صعيد متصل، اتصلت عصابة خطف بذوي شاب من مدينة جاسم في الريف الشمالي من محافظة درعا، بعد قرابة 15 يوماً، من اختطفاه على أوتوستراد درعا – دمشق المنطقة التي ما زالت تخضع لسيطرة قوات النظام طيلة السنوات الماضية، وطالبوهم بفدية مالية قدرها 100 ألف دولار أمريكي.
حادثة أخرى كان ضحيتها شاب وسيدة، على الطريق الواصل بين الكرك الشرقي وبلدة أم ولد في ريف المحافظة الشرقي، تمكنت احدى المجموعات المحلية وأهالي بلدة الكرك من إنقاذهم في اللحظة الأخيرة.
اقرأ أيضًا.. طفس: عصابة تمتهن عمليات الخطف والسرقة لصالح “المخابرات الجوية”
وتعرضت سيدة من بلدة محجة في ريف المحافظة الشمالي للخطف خلال توجهها إلى العاصمة دمشق لعلاج ابنتها، السيدة التي تبلغ من العمر 27 عاماً فُقد الاتصال معها في منطقة خاضعة لسيطرة قوات النظام والميلشيات المدعومة منه، تشير المعلومات إلى أن الخاطفين من عناصر النظام من دون معرفة مصير السيدة التي ينتظر ذويها اتصالاً للمفاوضة على اطلاق سراحها كما جرت العادة.
بالأرقام.. عشرات حالات الخطف
تشير الاحصائيات الصادرة عن المركز السوري للإعلام أن شهر كانون الثاني/يناير من العام الجاري قد شهد 27 حالة اختطاف 3 منهم سيدات و3 أطفال و 21 حالة كان ضحاياها من الشباب والرجال.
في حين وصل عدد الحالات في شهر شباط/فبراير الماضي إلى 89 حالة من بينهم 3 أطفال، ووثق المركز 26 حالة اختطاف في شهر نيسان/أبريل من بين الحالات عملية كانت ضحيتها طفلة.
وبحسب الاحصائيات فإن وتيرة عمليات الخطف في سوريا خلال الأشهر الماضية ظلت ثابتة لم تتغير، وسُجلت عدة حالات اختطاف لأطفال وسيدات، جرى إطلاق سراح بعضها بعد دفع مبالغ مالية.
ولا تقتصر عمليات الخطف على مناطق سيطرة النظام إذ تم تسجيل 28 حالة خطف في مناطق تتبع لسيطرة فصائل المعارضة من بينها 11 حالة في مناطق غصن الزيتون، و9 حالات في مناطق نبع السلام، و8 في مناطق درع الفرات، جميع المناطق تخضع لسيطرة الجيش الوطني.
إلى مناطق سيطرة نظام الأسد تم تسجيل 191 حالة اختطاف بينهم 8 سيدات و10 أطفال خلال النصف الأول من العام الجاري توزعت على محافظات وسط وشرق سوريا وكان لمحافظة حمص النصيب الأكبر من عمليات الخطف، إذ سجلت المحافظة 101 عملية بينها 6 سيدات و5 أطفال منذ بداية العام الجاري.
شاهد.. شرطي بدرعا يُحمّل “الأمن السياسي” مسؤولية حماية عصابات خطف
وتأتي محافظة دير الزور في المركز الثاني من حيث عدد العمليات، إذ وصل عدد عمليات الخطف في المحافظة إلى 31 حالة بينها عملية كان ضحيتها طفلة، وسجلت محافظة درعا 27 حادثة بينها طفلين وفتاة.
في الجنوب أيضاً شهدت محافظة السويداء 12 عملية خطف بينها عملية كان ضحيتها طفل ومثلها في محافظة حماة وسط سوريا، في حين سجلت محافظة ريف دمشق 5 حالات، والرقة حالتين، أما العاصمة دمشق فكان عدد الحالات فيها الأقل إذ سجلت حالة خطف واحدة.
في مناطق سيطرة الإدارة الذاتية المدعومة أمريكيا سجلت المنطقة 22 حالة اختطاف بينهم 16 طفل، منها 7 عمليات في دير الزور من بينها 4 أطفال، و6 عمليات في محافظة الرقة بينهم 5 أطفال، و4 أطفال في محافظة الحسكة من أصل 5 عمليات، و3 أطفال في حلب من أصل 4 عمليات مسجلة.
وعن أسباب استهداف الأطفال في مناطق سيطرة الإدارة الذاتية تقول مصادر حقوقية أن عمليات الخطف عادة ما تكون بغرض التجنيد في صفوف وحدات حماية الشعب الكردية.
العمليات على مرأى قوات النظام ؟
في مناطق سيطرة نظام أسد وأمام أعين عناصره خطفت عصابة السلامة بقيادة الشبيح “شجاع العلي” المرتبط بالمخابرات الجوية، الشاب أحمد مواس على الطريق الدولي في حمص أوائل شهر تموز، وبحسب مصادر أن الخاطف يُدعى حافظ سلامة من قرية بلقسة الذي قام بإرسال مقاطع فيديو إلى ذويه تُظهر تعذيب “مواس” ليُطالب فيما بعد بفدية قدرها 10 آلاف دولار مقابل إطلاق سراح ابنهم.
كما أضافت المصادر أن الشاب كان مُختطف داخل مستودع ضمن حرم مقام “الشيخ أحمد الجزري” ولكن عناصر أسد لا يجرؤون على الاقتراب منه.
اقرأ أيضًا.. عمليات خطف واعتقال يديرها الأمن العسكري والفدية بمئات الملايين
وفي منتصف شهر تموز الفائت سجّا مكتب توثيق الانتهاكات في تجمع أحرار حوران 13 حالة اختطاف من أبناء محافظة درعا، بينهم نساء وأطفال، على طريق “حمص – لبنان” بالقرب من مفرق شين في ريف حمص الغربي.
وطالبت العصابة الخاطفة أهالي المخطوفين بدفع مبالغ ضخمة مقابل الإفراج عنهم، وصل المبلغ إلى مايقارب 30 ألف دولار أمريكي عن كل شخص من المختطفين.
وذكرت المصادر أن المسؤول الأول عن عمليات الخطف في محافظة حمص يدعى “شجاع العلي” وأوضحت أنه مدعوم من قبل مكتب أمن الفرقة الرابعة والذي يمتهن تجارة المخدرات وعمليات الخطف.
وفي السياق نفسه، ناشد الشاب محمود ربوع من أهالي حماة عبر صفحته الشخصية على موقع “فيسبوك” لمساعدته في دفع الفدية وقدرها 10 آلاف دولار بعد أن اختطفت ميليشيا “شجاع العلي” أمه وأخته أثناء توجههّن إلى لبنان.
وأشار ربوع في منشوره إلى ارتباط الخاطفين بالفرقة الرابعة واتصاله بأجهزة الأمن للإبلاغ عن حادثة الخطف لكنهم لم يستجيبوا له.
كما تم اختطاف السيدتان “بتول داحوس” وأخت زوجها “بتول كمرجي” من قبل ميليشيا “شجاع العلي” في ريف حمص الغربي بعد استدراجهّن عن طريق إعلان لتسهيل السفر إلى أوروبا، وأفادت مصادر أنه تم إرسال مقطع فيديو إلى ذوي الفتاة بتول داحوس يظهر فيه تعذيبها وقطع إصبعها لإجبارهم على دفع الفدية وقدرها 30 ألف دولار.
اقرأ أيضًا.. من يُغذي عمليات الخطف بين الجارتين في الجنوب السوري؟
الجدير بالذكر، أن عمليات الخطف تزايدت في المنطقة التي تربط حمص بلبنان بشكل كبير بعد أن استولت عصابة “شجاع العلي” على المنطقة تقريباً، وتمتهن هذه العصابة عمليات الخطف التي تستهدف المدنيين لطلب الفدية والتجارة بالمخدرات والاتجار بالبشر، ورغم تكرار البلاغات من قبل المواطنين على هذه العصابة ومعرفة الشبيح “شجاع العلي” بقيامه بهذه الأفعال إلا أن نظام الأسد غير مكترث لما تتداوله المواقع الإخبارية ووسائل التواصل ومناشدات الأهالي.