مرجعية موحدة في درعا قريبًا.. ما الذي يجري في الجنوب؟
تجمع أحرار حوران – راشد الحوراني
نحو شهر مر على انطلاق المظاهرات في السويداء التي تبدو أن لا عودة في مطالبها التي بلغت السقف الأعلى وهو رحيل نظام الأسد، ومظاهرات متواصلة في درعا، مظاهرات فجرها تردي الأوضاع الأمنية والاقتصادية والوصول إلى قناعة بأن النظام لم يكن يرغب يومًا بأن يجري أي إصلاحات أو أن يقدم أي تنازلات للشعب الذي لا يراه الأسد ومن حوله إلا جزءًا من سوريا المزرعة التي طالما سُميت سوريا الأسد.
السويداء ومنذ اليوم الأول خرجت بشكل موحد في مظاهراتها، بعيدة عن التشتت والخلافات سواء في المطالب أو الأهداف، ليظهر الدور الكبير الذي شكله وجود مرجعية لأبناء السويداء وهو الشيخ حكمت الهجري الذي أخذ على عاتقه الوقوف مع أبناء محافظته في مطالبهم بشكل صريح ودون أي مواربة، وما دفعهم للالتفاف حوله داخل سوريا وخارجها، واعتباره محدث ثورة جبل العرب الجديد.
في درعا مهد الثورة السورية الأول، تشتت طفا إلى السطح مع بداية المظاهرات، أظهره ضعف التنسيق بين المناطق تارة، وقلة عدد المتظاهرين تارة أخرى، ويعزو أبناء درعا ذلك لمساعي نظام الأسد في بث التفرقة التي كان عنوان النظام فيها “فرّق تسد” الأمر الذي أحدث خلافات بين بعض القيادات المعارضة السابقة، وبعض الوجهاء، لكن ذلك بات يشكل عبئًا على أبناء المحافظة الطامحة لنيل الحرية، وهذا ما دفعهم للبدء بالبحث بشكل جدي عن مرجع قيادي يوحدهم ويكون سببًا لنبذ أي خلافات ويكون قادرًا على إبعاد من يريدون ركوب موجة الثورة.
خطوات متسارعة
معلومات من مصادر مختلفة حصل عليها “تجمع أحرار حوران” تشير إلى أن خطوات متسارعة من أبناء درعا خلال الأيام الأخيرة تتجه نحو اختيار شخصية مقبولة من جميع أبناء حوران لتكون بمثابة مرجعية لهم لإعادة العمل الثوري إلى مساره السوري، فقط السوري الصحيح بعيدًا عن أي أجندات من أي نوع.
ويدور سؤال بين أبناء درعا، هل يمكن لأي شخصية أن تبدي قبولها لتكون في الموقع الذي يريده أبناء حوران خلال مرحلة تعتبر من أكثر مراحل الثورة حساسية وصعوبة؟ مرحلة إما أن تنتهي بانتصار الثورة وإسقاط نظام الأسد أو الوقوع في الانقسام والتأخر لنيل ما يريده السوريون.
كما تشير المعلومات إلى أنه يتم النقاش بين وجهاء من حوران حول برنامج واضح يؤكد أن الثورة في درعا لم تتوقف، وستبقى مستمرة، وأنها ثورة شعب بعيدة عن أي بعد ديني أو عشائري أو فئوي، وهي ثورة تريد أن تكون سوريا لكل السوريين بكل أطيافهم يحكمها قانون فوق الجميع، وتسود العدالة فيها بين الجميع.
هل تنجح فكرة مرجعية واحدة لدرعا؟
يرتبط نجاح إيجاد مرجعية واحد لأبناء درعا بالعديد من العوامل التي يجب تحقيقها، فمن حيث المبدأ لا بد من أن تتمتع الفكرة بقبول واسع على الساحة الشعبية وهذا يرتبط بالشخصية المرجعية التي سيتم اختيارها ومكانتها بين الأهالي وقدرتها على التأثير عليهم والحشد لاستعادة زمام الثورة من جديد من يد شخصيات تعمل وفق أجندات تعتمد على المصالح.
أيضًا لابد من وضع برنامج واضح لسير الثورة في المحافظة أولاً وتنسيق المظاهرات في كل مناطقها بلون واحد، ومن جهة ثانية التنسيق مع السويداء وكل المناطق السورية الثائرة، وبهذا الشكل يمكن الانطلاق بشكل صحيح وقادر على إعادة الثورة لأهلها الحقيقيين.
كما لابد من أن تكون مرحلة الثورة الحالية، مرحلة سورية خالصة بعيدة عن أي تدخلات خارجية، وعدم قبول أي فكرة من أفكار الدعم خاصة المادي والذي أثبت أنه أحد أسباب انحراف الثورة واستغلال البعض لها لتحقيق منافع شخصية على حساب السوريين.
ويرتبط نجاح المرجعية في درعا بعدم رفع أي شعارات من شأنها التأثير على الحراك السلمي الثوري، ففي درعا وبين أهلها الكثير من القيم التي تعتبر كافية لتسير الثورة في مسارها الصحيح.
من جهة ثانية، فمن المؤكد أن فكرة إيجاد مرجعية موحدة للثورة في درعا ستواجه بعض الصعوبات والعوائق، وعلى رأسها الخطر الأمني من استهداف هذه الشخصية من عملاء نظام الأسد، كما أن أتباع حزب البعث لا يزالون يعملون على زرع الفتنة بين الأهالي وسيعملون على تشويه أي توحد.
كما لابد من مواجهة أولئك الذين يتبنون خطابات دينية إقصائية ترفض الآخر وهؤلاء سيعملون جاهدين على إفشال خطوة التوحد تحت ذرائع مختلفة وقد نجحوا خلال السنوات الماضية بذلك ليس في درعا وحدها وإنما في كل سوريا.
من الواضح أن أبناء درعا أيقنوا بأنّ وحدتهم كفيلة بخلاصهم وخلاص السوريين إذا ما وقفوا مع بقية المحافظات في نسق واحد قوي، غير أن عامل الوقت بات أمرًا مهمًا لتحقيق هذا التوحد سريعًا، فالأوضاع تمر بمرحلة متسارعة ولابد من أن يتم الإعلان عن هذه المرجعية خلال وقت قصير، ينتظر فيه أبناء درعا والسويداء وكل سوريا عودة درعا إلى ما كانت عليه في بداية الثورة السورية.