بين هرمجدون والإمام القائم.. هل العرب مستهدفون بحرب دينية؟
تجمع أحرار حوران – راشد الحوراني
لم تكد تبدأ الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، بعد هجوم حركة حماس على غلاف غزة وما ترك من قتلى وجرحى في صفوف الجيش الإسرائيلي، حتى بدأت قوات من إسرائيل وخارجها بالتحشد بشكل لافت وسريع.
خلال ثلاثة أيام كانت الولايات المتحدة قد أرسلت حاملتي طائرات يرافقهما أسطول ضخم، قادر على إبادة دولة كبرى، لتتبعه بإرسال قوات خاصة متعددة، لتقوم بعدها دول أوروبية بإرسال أساطيلها العسكرية إلى شرق المتوسط.
حتى ألمانيا التي لم تكن تشارك في عمليات عسكرية منذ الحرب العالمية أرسلت أسطولاً بحرياً هي الأخرى لشرق المتوسط، إلى قبالة ساحل فلسطين.
على الجانب الآخر، وقفت إيران وذيولها في المنطقة، في العراق، في سوريا، لبنان، واليمن موقف من يهدد الدول الغربية بالحرب في حال قاموا باستهداف قطاع غزة، ليتبين في النهاية أن هذه التهديدات لا تعدو عن كونها كلمات للتناول الإعلامي ولتغذية عقول أتباع إيران الذين باتوا عبارة عن قطيع بشري يسبح بحمد الخامنئي وشكره.
نبوءة يهوه “النبي إيشفا”
بحسب العديد من الخبراء العسكريين، فإنه من الناحية العسكرية والاستراتيجية، بقاء الحرب ضمن حدود قطاع غزة سيعرض إسرائيل لهزيمة عسكرية، والولايات المتحدة والغرب يدركون هذا الأمر جيدًا، وهو ما يفسر استمرار الحشود الغربية باتجاه شرق المتوسط.
الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، وفي زيارته لإسرائيل قبل أيام، اقترح خلال لقائه مع نتنياهو تمكين التحالف الدولي الذي قاتل تنظيم داعش، من قتال حركة حماس، وهذا التحالف مكون من أكثر من ثمانين دولة.
بنيامين نتنياهو، وخلال خطاب موجه للإسرائيليين، قبل أيام قال “أدعو جميع المواطنين لحمل السلاح، سوف نحقق نبوءة يهوه، فنحن أهل النور وهم أهل الظلمة”.
نبوءة يهوه “النبي إيشفا”، هي عمل عسكري ضخم مشترك بين اليهود “الصهاينة”، والمسيحيين “الإنجيليين”، تعرف لديهم باسم “هرمجدون” تهدف لإجبار المسيح على الخروج.
فالنقطة المشتركة بين الإنجيليين والصهاينة، هو اعتقادهم بأنهم قادرون على الانتصار عن طريق معاندة الله، ويعتقدون أنه من خلال ما يقومون به سيتعين على الله “تعالى عما يصفون” أن يكون مجبرًا على إرسال المسيح إلى العالم، وهذا لن يكون إلا بشن حرب هي في معتقداتهم الدينية في فلسطين.
الدعوة لحرب وفق معتقدات دينية ليست الأولى على لسان نتنياهو، ففي أيلول / سبتمبر 2001، وبُعيد الهجمات التي طالت برجي مركز التجارة العالمي في نيويورك، والبنتاغون في واشنطن، خرج الرئيس الأميركي السابق، جورج دبليو بوش، ليعلن بشكل مسبق، وقبل البدء بأي تحقيقات تثبت أن طرفًا إسلاميًا يقف خلف الهجمات، أنه سيشن حربًا صليبية جديدة في الشرق الأوسط، دمر على إثرها أفغانستان والعراق.
نبوءة يهوه، وردت في العهد القديم لدى اليهود، وترى أن هدفها الأكبر هو مصر، التي سُميت في مخططات إدارة جورج دبليو بوش، بـ”الجائزة الكبرى” بعد تدمير دول طوق إسرائيل، تلك الاستراتيجية التي وضعها آنذاك من عُرفوا بصقور الإدارة وهم: ديك تشيني، نائب الرئيس، ورامسفيلد وزير الدفاع، ونائبه حاخام البيت الأبيض، بول وولفوتيز، والتي غلفتها لاحقًا مستشارة الأمن القومي، كوندوليزا رايس بغلاف سمي “الشرق الأوسط الجديد”، الذي بدأت ملامحه الجديدة بالارتسام بشكل واضح.
وتنص النبوءة كما وردت “ها هُوَ الرَّبُّ قَادِمٌ إِلَى مِصْرَ يَرْكَبُ سَحَابَةً سَرِيعَةً، فَتَرْتَجِفُ أَوْثَانُ مِصْرَ فِي حَضْرَتِهِ، وَتَذُوبُ قُلُوبُ الْمِصْرِيِّينَ فِي دَاخِلِهِمْ. وَأُثِيرُ مِصْرِيِّينَ عَلَى مِصْرِيِّينَ فَيَتَحَارَبُونَ، وَيَقُومُ الْوَاحِدُ عَلَى أَخِيهِ، وَالْمَدِينَةُ عَلَى الْمَدِينَةِ وَالْمَمْلَكَةُ عَلَى الْمَمْلَكَةِ، فَتَذُوبُ أَرْوَاحُ الْمِصْرِيِّينَ فِي دَاخِلِهِمْ، وَأُبْطِلُ مَشُورَتَهُمْ، وَتَنْضُبُ مِيَاهُ النِّيلِ وَتَجِفُّ الأَحْوَاضُ وَتَيْبَسُ. وتُنْتِنُ الْقَنَوَاتُ، وَتَتَنَاقَصُ تَفَرُّعَاتُ النِّيلِ وَتَجِفُّ”.
ومن هنا يُفسر بعض المصريين بالذات الدعم الإسرائيلي والغربي لأثيوبيا بتمويل سد النهضة، الذي سيؤدي في النهاية إلى جفاف النيل في مصر.
هل تلتقي نظرة الشيعة للعرب مع نظره نبوءة يهوه؟
في مداخلة على إحدى القنوات العربية للتعليق على الحرب في غزة، سأل المذيع، الخبير والكاتب الإيراني، نجاح محمد علي، المعروف بقربه من دوائر الحرس الثوري الإيراني، متى ستتدخلون لنصرة غزة؟ فأجابه علي، سنتدخل من جهة اليمن، ليقاطعه المذيع مستغربًا، لكن لا يوجد حدود لليمن مع غزة، فرد عليه علي، من اليمن سنستهدف السعودية.
أيضًا ومنذ بدء الحرب في غزة، توجهت حشود كبيرة من الحشد الشعبي العراقي إلى الحدود الأردنية، ضمن آلاف من المدنيين تحت ذريعة الاعتصام من أجل قيام الأردن بفتح حدوده لهم للذهاب لنصرة غزة، في الوقت الذي يعبر فيه الحشد وكل مرتزقة إيران الحدود السورية دون إذن، ويستبيحون سوريا ولبنان، ومن السهل عليهم العبور من سوريا لمواجهة إسرائيل.
لكن العديد من المصادر أشارت إلى أن الحشد بتوجيه الآلاف من عناصره للحدود الأردنية، ليس لدى قيادته المرتبطة بفيلق القدس أي نية أو رغبة بنصرة فلسطين، إنما الهدف الرئيسي هو استكمال حصار الأردن، الدولة العربية التي لا تزال تتمسك بما بقي من عروبة حقيقية.
وبالفعل بدأ الحشد بالضغط على الأردن، بفرض إتاوات على الشاحنات التي تنقل النفط للأردن، بحجة أن النفط يُعطى مجانًا للأردنيين وهذا ليس من حقهم، إضافة للعديد من الاستفزازات قرب معبر طريبيل كالشعارات الطائفية وإشعال النيران.
في لبنان، تقوم ميليشيا حزب الله بشن هجمات على مناطق الجليل الأعلى في فلسطين، باستهداف أماكن معظمها مفتوح أو مناطق محددة، لترد عليه إسرائيل بغارات لا تزال في معظمها ضمن حدود الاشتباك المتوافق عليها بين الطرفين.
في حقيقة الأمر، أكد صحافيون لبنانيون أن الحزب يتعمد استهداف إسرائيل من محيط قرى سنية ومسيحية في الجنوب، مثل كفر شوبا، وحلتا وغيرها لتهجير أهلها وجعل المنطقة بالكامل خاضعة لسيطرته الشيعية فقط.
لكن من جانب آخر، برع الإيرانيون وحزب الله وميليشيات إيران الأخرى بقتل السوريين بكل أنواع الأسلحة، حتى أن حسن نصر الله، الأمين العام لحزب الله، قال في بدايات الثورة السورية، “إذا لزم الأمر سأذهب للقتال بنفسي في سوريا”.
ما تقوم به إيران وذيولها ليس إلا جزء من مخطط قتل العرب وتدمير دولهم وتشريدهم، وهو أمر مبني على عقائد خاصة بالشيعة الاثني عشرية، ترتبط بخروج القائم لديهم وهو الإمام الثاني عشر حسب اعتقادهم من سلالة علي بن أبي طالب رضي الله عنه.
في كتاب “لله ثم للتاريخ” لمؤلفه حسين الموسوي، أحد علماء النجف، والذي ينكر الشيعة وجوده، أفرد قسما في كتابه حول نظرة الشيعة للعرب والسنة، حيث يؤكد فيه أن أقوال فقهاء ومجتهدي الشيعة تشير إلى أن عدوهم الوحيد هو أهل السنة، لذلك أطلقوا عليهم أسماء مختلفة، كالعامة، والنواصب.
وبحسب الموسوي، فإنه بعد دراسات استغرقت سنوات طويلة لكتب ومؤلفات علماء الشيعة الحديثة والقديمة، فإن فكرة القائم هي من اختلاقهم، وتوصل إلى أن القائم في الحقيقة أحد احتمالين، الأول قيام دولة إسرائيل، والثاني خروج المسيح الدجال، وهذا ما يتفق أكثر من ما تهدف إليه معركة هرمجدون.
حيث يؤكد الموسوي، أن الإمام الثاني عشر الذي يدعى الشيعة أنه دخل السرداب، وهو ابن الإمام الحسن العسكري، لكن الحسن العسكري لم يكن لديه أي أبناء.
وحسب الموسوي، فإن القائم لن يظهر إلا بعد سفك دماء الكثير من العرب وعند خروجه فإن مهمته الرئيسية هي قتل العرب وإبادتهم عن بكرة أبيهم، وهذا ما تقوم به إيران وذيولها من جهة، وما تقوم به إسرائيل وحلفاؤها من جهة أخرى.
وبالتدقيق في تصريحات المسؤولين الإيرانيين منذ بدء الحرب على غزة، فإن معظمها يؤكد ذلك، والتصريح الأخير كان يوم أمس، لرئيس أركان القوات الإيرانية، الجنرال محمد باقري، الذي قال “حتى لو استمر قصف غزة لمدة عام وقتل جميع سكان غزة، فإن إسرائيل ستظل مهزومة”.
أي بات من الواضح أن كلام مسؤولي طهران عن الدفاع عن غزة، بات كذبة مفضوحة للجميع، لا يصدقها سوى من غُسلت أدمغتهم ليتحولوا إلى آلات للطم والحقد والانتقام.
من الواضح أن ما يجري اليوم ليس أمرًا عاديًا، فالأساس الديني لطالما كان الدافع الخفي للحروب والغزو، ولا يغير ذلك المصطلحات الدبوماسية، والتشدق بالقوانين الدولية، حيث يمكن من نظرة بسيطة معرفة أن كل هؤلاء ليس لديهم سوى هدف وحيد وهو القضاء على العرب.