نصر الله لقتل السوريين.. السيد واللحية الممشطة
تجمع أحرار حوران – راشد الحوراني
لم تكد الحرب تبدأ على قطاع غزة في السابع من تشرين الأول الماضي، حتى استبشر المخدوعون من العرب والمسلمين وأنصار محور المقاومة والممانعة، بأن صواريخ إيران وحزب الله ستمطر تل أبيب وحيفا وما بعد حيفا، تلك الجملة الشهيرة التي قالها أمين عام حزب الله اللبناني، حسن نصر الله، خلال حرب تموز 2006.
لكن مر الشهر الأول واقتصرت المقاومة على تصريحات متضاربة تبين حالة من الكذب عاشتها إيران وأدواتها في المنطقة، فتارة ستتوسع الحرب، وتارة أخرى تخرج الدعوات لإرسال مساعدات لغزة، ليتم الإعلان عن كلمة حسن نصرالله الأولى في الثالث من تشرين الثاني.
ومع اقتراب الكلمة، بدأ حزب الله ببث فيديوهات دعائية لسيد المقاومة وهو يمر قرب حائط عُلق عليه علم حزب الله، لينظر إلى العلم باحترام ثم يكمل مشيته، وينقطع الفيديو هنا، ليهب أنصاره بصواريخ عباراتهم على وسائل التواصل الاجتماعي، بالإشادة بالأمين، وما سيفعله بالعدة الصهيوني المتغطرس، وأن الطريق إلى القدس بات مفتوحاً تماماً.
ليخرج أمينهم ويقول أن عملية السابع من تشرين الأول هي عملية “حمساوية” لا علاقة للحزب بها، ولا علاقة لإيران بها، ورغم ذلك فإن الحزب لن يتخلى عن حلفائه في غزة، وبالفعل لم يترك حزب الله عموداً في داخل الخط الأزرق إلا واستهدفه بصواريخه الموجهة.
خطاب السيد، ودفاع الحزب عن غزة، شكل ردة فعل كانت بمثابة مزيج من الإحباط والحيرة لقطعان المقاومة، فمنهم من صمت، ومنهم لجأ إلى القول أنه تكتيك من السيد، ومنهم من لجأ إلى تخوين كل من انتقد سماحته واعتبره عميلا لتل أبيب، ليتنبه السيد بأن خطابه الأول كان دون ما هو مطلوب على الأقل كلاميًا وليس فعليًا، على الأقل أمام قطعانه، وليس أمام العالم، فهو لا يملك سوى الكلام، ولا يملك سوى إطلاق بضعة صواريخ ورشقات رشاشة في ظل وجود الأساطيل الغربية التي هددت بمسح أي جهة تتدخل إلى جانب حماس.
هل وقع الحزب في ورطة حرب مقبلة؟
في الحادي عشر من تشرين الثاني ألقى نصرالله خطابه الثاني، ليحاول تدارك خطأه في الأول، لكن ما فات قد فات، ولم يعد ينفع الكذاب كذبه، على الأقل بالنسبة لمن يعرف محور المقاومة، وحتى بالنسبة لشريحة وإن كانت بسيطة من قطعان المقاومة.
فبدأ الحديث عن الانخراط لحزب الله في الجبهة الجنوبية للبنان مع إسرائيل منذ بداية الحرب على غزة، وبدا كمن يقدم جرد حساب أمام أتباعه، مع التركيز في الوقت نفسه على عدم وجود نية في ذلك الوقت لتوسيع نطاق الحرب ما لم تبدأ إسرائيل بذلك.
كما تحدث نصرالله للمرة الأولى عن مصطلح الجبهات المساندة، أي الجولان واليمن والعراق، وأن هزيمة إسرائيل لن تكون بهجوم واسع واحد، وإنما هزيمة تراكمية تضعفها رويدا رويدا حتى تنهار.
وبعد الخطاب لم تتغير معادلة القصف المتبادل بين الحزب وإسرائيل، حيث استمرت ضمن الحدود المرسومة لقواعد الاشتباك في البلدات الحدودية في عمق 7 كم لدى الطرفين، إلا أن الحرب وإن كانت على شكل اتفاق، فلا بد من حدوث خطأ في الحسابات والتقدير ما يفتح الباب لحرب شاملة.
فحزب الله بدأ في الأيام العشرة الأخيرة التي سبقت هدنة غزة بالتصعيد ضد إسرائيل، في هجماته ونوعيتها، فاستخدم المسيرات الانتحارية، وصواريخ زلزال شديدة الانفجار، وتمكن من تدمير ثكنة إسرائيلية كاملة، وهذا ما دفع إسرائيل للرد بقوة واستهداف مقرات الحزب خارج حدود الـ 7 كم، وقامت بقتل قائد وحدة الرضوان أقوى وحدات الحزب في الجنوب، وزادت خسائر الحزب.
لكن حزب الله، وبما قام به استطاع استفزاز إسرائيل التي بدأت فعليا بالتخطيط للحرب على لبنان بعد غزة، فالحزب يرفض تطبيق قرار مجلس الأمن رقم 1701، والذي ينص على انسحاب الحزب وسلاحه إلى خلف نهر الليطاني، وحلول الجيش اللبناني في الجنوب.
وهذا ما جعل إسرائيل خلال الأيام الأخيرة تتخذ منه حجة للضغط على الحزب الذي يستمر بحشد عناصره في الجنوب، ليبدو وكأنه تحد لإسرائيل.
لكن في حقيقة الأمر فقد أوقع الحزب نفسه في الورطة، فهو إن انسحب حسب القرار 1701، فقد خسر حاضنته الشعبية، وإن حارب فسيدمر لبنان، ولن يقبل الحزب ومن خلفه إيران فقدان الحاضنة الشعبية، لأن إيران عملت على نطوير الحزب لسنوات طويلة، ليوصف بأنه درة تاج الإمبراطورية الإيرانية.
اللحية والمشط
في فيديو نادر من نوعه لشخص كنصر الله، ظهر حسن نصرالله بعد خطابه الثاني بفيديو من نوع جديد، إذ كان يمسك مشطًا يمشط به لحيته، ليغزو المقطع المصور معظم الصفحات والحسابت وليتحول إلى مادة دسمة للسخرية في كل مكان.
إلا أن أشخاصًا يرون في المقطع لنصرالله رسالة مهمة، فقديمًا كان من يريد شن حرب، أو الدفاع عن نفسه، أو حتى تهديد أهله وجيرانه، كان يقول باللهجة العامية “أنا ما عندي لحية ممشطة”، لكن فيديو نصرالله كان يقول “أنا عندي لحية عم أمشطها”، وكأنه يخبر إسرائيل وغيرها أن اللحية الممشطة تركز إلى طلب السلام، لكن هذا السلام يبدو سرابًا.
فنصر الله أصيب بالخرس في مقاطعه المصورة والتي بدا فيها هادئًا على عكس ما يفرضه واقع الأمور، وعلى عكس ما اعتاد عليه عندما يتعلق الأمر بالثورة السورية.
ففي مواجهة الثورة السورية، كانت خطابات نصرالله الحادة واضحة بأن ثوار سوريا عملاء ولا بد من قتلهم والخلاص منهم، حتى أنه قال في أحد خطاباته، أنه “لو لم يبق غيري لذهب للقتال في سوريا”.
وبالفعل أوغل حسن نصرالله في دم السوريين يسانده الحرس الثوري والنظام وغيرهم، في فتح الطريق إلى القدس والذي كان لا بد أن يمر حسب رأي نصرالله ومرجعه في قم، إلا عبر درعا ودمشق والمدن السورية، ولا بد من تعبيده بجماجم أهلها وطفالهم.
حرب غزة استطاعت رغم سلبياتها بتدمير غزة وقتل الآلاف منها، وتشريد عشرات الآلاف، كشفت كذب محور المقاومة، وأن شعاراته لم تعدُ عن كونها كلمات تختفي بعد نطقها، في الوقت الذي لازالت بعض القطعان من أتباع المقاومة ترى أنه القدس لن تعود إلا على يد خامنئي ونصرالله.