معاناة أسر الشهداء لا تنتهي في درعا
تجمع أحرار حوران – عدنان العبدالله
بعد سيطرة النظام السوري على محافظة درعا عام 2018 تفاقمت معاناة أسر الشهداء في ظل توقف المنظمات الإنسانية عن كفالة تلك الأسر، ومع انعدام الدعم الاقتصادي والخدمات الأساسية، يواجه أفراد هذه الأسر صعوبات في تلبية احتياجاتهم الأساسية، ما يجعل الوضع المعيشي لديهم متأزمًا.
سردت أم محمد (50 عاماً) من ريف درعا الغربي لموقع تجمع أحرار حوران جانباً من معاناتها على وقع بكائها وشقاء أطفالها الأربعة قائلة “لم أعد أتحمل الدنيا ولا حرقة أطفالي عاجزة عن فعل أي شيء لهم”.
أم محمد، أم لأربعة أطفال قضي زوجها في المعارك مع قوات النظام في مدينة درعا، تساءلت من أين أطعم وأكسو أطفالي بملابس الشتوية بعد أن تراكمت الديون وتخلى عنا القريب والبعيد؟ فزوجي قتل في عام 2014 في إحدى المعارك ضد النظام السوري، واليوم أنا تركت وحيدة في هذه الدنيا القاسية وأشعر في الضيق الشديد كلما تكرر عجزي عن تلبية مطالب واحتياجات أطفالي بعد استشهاد أبيهم.
وأضافت أم محمد أن الكفالة المالية التي كانت تتلقاها بعد استشهاد زوجها توقفت عام 2018 بعد سيطرة النظام على محافظة درعا، وأنها عاجزة تماماً عن تلبية حاجات أطفالها من ملابس وتدفئة في ضل فصل الشتاء.
وكانت منظمات محلية تعمل في محافظة درعا مع بداية الثورة السورية في آذار عام 2011، على كفالة أطفال أيتام، حيث يتم تخصيص لكل طفل مبلغ مالي يقدر بين 50 – 100 دولار أمريكي في الشهر الواحد، لكن بعد سيطرة النظام توقفت معظم المنظمات عن الكفالة، وأصبح ناشطون في المجال المدني يعملون على فزعات مالية محلية أو عن طريق فاعلي الخير لتلبية بعض الحالات الحرجة.
“أم سامر” استشهد زوجها خلال الحملة العسكرية على محافظة درعا، تاركاً وراءه ثلاثة أطفال، تعيش في ريف درعا الشرقي، قالت لم أتمكن من تأمين كفالة مالية لأطفالي الثلاثة منذ أن استشهد زوجي، أحصل على بعض المساعدات من فاعلي الخير على شكل دفعات كل شهرين أو ثلاث أشهر، لكن تأمين حاجيات أطفالي أكبر بكثير من المبالغ التي تقدم لي، وأن الحياة أصبحت أصعب بكثير من قبل لعدم قدرتي على تلبية احتياجات أطفالي الثلاثة من مأكل وملبس وتدفئة وتعليم.
وأضافت “أم سامر” أنها وجدت نفسها الأم والأب في آن واحد، تواجه شتاء قاسياً في كل عام دون أن يلتفت أحد إليها في تلبية متطلبات التدفئة من ملابس للأطفال أو تدفئة تقي البرد القاسي.
تعمل أم سامر في العديد من المهن لتلبية احتياجات أطفالها منها الخياطة وربة منزل لعدد من أطفال جيرانها عسى أن تؤمن حياة كريمة لأطفالها وسط الظروف الصعبة التي تعصف بها وأطفالها الأيتام.
وفي حديث مع محافط درعا الحرة في الشمال السوري، عصمت العبسي، أكد توقف المنظمات عن العمل في الجنوب السوري بعد سيطرة النظام وأن 90% من الأيتام في درعا لا يوجد أي معيل لهم في ظل الظروف الصعبة التي تمر بها المحافظة من ارتفاع أسعار المواد الغذائية ومواد التدفئة، مشيرًا لوجود بعض الكفالات عن طريق فاعلي الخير وهي غير دائمة.
وأضاف العبسي، أنهم تواصلوا مع العديد من المنظمات من أجل إعادة تفعيل الكفالات المالية، لكنهم رفضوا بسبب سيطرة النظام السوري على المحافظة.
وأشار أنهم عملوا مع المنظمات على كفالة أيتام من أهالي درعا المهجّرين في الشمال السوري.
يتجلّى واقع محافظة درعا في ارتفاع لأسعار المواد الغذائية ومواد التدفئة، مما يفاقم الأوضاع الاقتصادية ويجعل تأمين الحياة اليومية أمرًا صعبًا للغاية، تلك الظروف الصعبة تتسبب في صعوبات كبيرة لأسر الشهداء، الذين يجدون أنفسهم بلا دعم كافٍ، وسط توقف العديد من المنظمات والجمعيات الإغاثية والدولية التي كانت تقدم الرعاية والخدمات لمئات الآلاف من المدنيين.