مع استمرار تهريب المخدرات.. هل بات الأردن هدف طهران التالي؟
تجمع أحرار حوران – راشد الحوراني
بحث وزير الخارجية الأردني، أيمن الصفدي، اليوم الإثنين 25 من كانون الأول، في اتصال هاتفي مع نظيره الإيراني حسين أمير عبداللهيان، خطر تهريب المخدرات عبر الحدود السورية إلى الأردن.
وأكد الصفدي أن الأردن يتعامل مع عمليات تهريب المخدرات عبر الحدود السورية ويعتبرها تهديدًا لأمنه الوطني وسيتخذ كل ما يلزم من إجراءات لدحرها.
جاء الاتصال بين الجانبين عقب تسجيل 7 عمليات تهريب مخدرات وأسلحة من سوريا إلى الأردن، خلال الأسبوعين الأخيرين، كان أكبرها يوم الإثنين الماضي 18 كانون الأول، والتي على الرغم من إحباطها واعتقال عدد من المهربين ومصادرة أسلحة إيرانية ومخدرات، إلا أنها لم تكن سببًا لتوقف عمليات التهريب.
إحباط عملية التهريب التي وصفها المسؤولون الأردنيون بالكبيرة، فتح باب الهجوم على الأردن وقيادته وجيشه من قبل الميليشيات الإيرانية وأتباعها، خاصة ميليشيا حزب الله اللبناني وشيعة لبنان، والحشد الشعبي العراقي الشيعي وأتباعه، في حين لم تتطرق إيران “الرسمية” للأمر كمعادتها، حتى وصل الأمر لتخوين الأردن وقيادته تحت ذريعة منع وصول السلاح إلى قطاع غزة.
لماذا يُهاجم الأردن الآن؟
عمليات تهريب المخدرات من قبل ميليشيات إيران إلى الأردن لم تتوقف منذ عملية التسوية في درعا 2018، ولم تتوقف رغم محاربة الأردن لها، ورغم مقتل مرعي الرمثان منتصف العام الحالي بغارة جوية على بلدة الشعاب في ريف السويداء، ما يدل على أن الرمثان والمهربين الآخرين من أبناء المنطقة ليسوا أكثر من أدوات بيد حزب الله والنظام السوري يمكن استبدالهم في أي وقت.
وعلى الرغم من إحباط الأردن عشرات عمليات التهريب سابقًا، إلا أنه لم يرافق ذلك أي تعليقات أو هجوم إعلامي من أطراف متعلقة ومرتبطة بحزب الله أو النظام السوري.
لكن مع العملية الأخيرة والتي كانت تحوي أسلحة إيرانية مكونة من صواريخ وبنادق آلية، وجد أتباع الميليشيات الذريعة لفتح نار الإعلام وتأجيج المجتمع العربي بما فيه الأردني المنحاز لمحور المقاومة لاعتبار أن الحكومة الأردنية أوقفت نقل أسلحة لنصرة المقاتلين في غزة، إلا أن هذا الهجوم لم يذكر كميات المخدرات حتى بكلمة واحدة.
بحسب العديد من التقارير والمعلومات الميدانية على الأرض فإن عناصر الميليشيات الإيرانية أقرب اليوم إلى الحدود الأردنية من أي وقت مضى، وسبق أن اشتبك الجيش الأردني معها خلال العديد من عمليات التهريب.
إلا أن الحال مؤخرًا اختلف بشكل كامل، حيث بدأت إيران بتنفيذ خطتها الساعية لزعزعة الاستقرار الأردني قبل العمل على تدميره، وذلك من خلال إشغال الجيش الأردن على الحدود الشمالية في حين أن الأوضاع تزداد سوءًا في غزة والضفة الغربية الملاصقة للأردن.
كما تشير المعطيات على الأرض، أن تهريب المخدرات والسلاح لن يتوقف، ولا يُستبعد أن تلجأ الميليشيات لمحاولة إدخال مقاتلين تابعين لها خلال المرحلة القادمة طالما أن هدفها محاولة إسقاط السد الأخير في وجه المشروع الإيراني الذي يهدف إلى ابتلاع المنطقة.
من المستفيد من مهاجمة الأردن؟
الأردن البلد العربي الوحيد الذي لا يزال صامدًا في ظل التغيرات التي تلت موجة الربيع العربي، سواء من حيث مكانته، أو علاقاته، والأهم حفاظه على مبادئه بالنسبة لدعم القضية الفلسطينية والولاية الهاشمية على المقدسات في مدينة القدس، وهذا ما يقلق كل من إيران وإسرائيل بنفس المستوى.
فإيران ترى في الأردن سدًا أمام وصولها إلى السعودية ودول الخليج العربي وهو الحلم الإيراني الأهم، كما أنها الدولة الوحيدة التي لم تنخرط في ما يسمى حلف المقاومة، لذلك فإن تدمير الأردن داخليًا من خلال نشر المخدرات، والسلاح لإثارة الفوضى أمر غاية في الأهمية بالنسبة لطهران.
أما إسرائيل فترى في الموقف الأردني من قضية القدس حجر عثرة في سعيها لتهويد المدينة، وموقفها الداعم للفلسطينيين خطرا أكبر، خاصة بعد رفض الأردن لصفقة القرن بإنشاء وطن بديل للفلسطينيين في الأردن.
وفي هذا السياق، دعا الصحافي الإسرائيلي المعروف، ألون بن مئير، قبل أيام عبر برنامجه على شبكة سي إن إن الأميريكية إلى إنشاء كونفدرالية أردنية فلسطينية تهدف في النهاية لدمج الشعبين الأردني والفلسطيني، وأن ذلك هو الحل الوحيد لهذه القضية ضمن الظروف الحالية.
أما بالنسبة لحل الدولتين المطروح من معظم دول العالم، فإنه لا يصب في مصلحة إيران كما أنه لا يصب في مصلحة إسرائيل.
بالنسبة لإيران فإن التوصل لهذا الحل، يعني إقامة دولة فلسطينية تضم الضفة الغربية وقطاع غزة لا تكون فيها حركة حماس صاحبة السلطة فيها، كما أن هذا الحل سيؤدي بالنتيجة للاعتراف بوجود إسرائيل وهو ما سيفقد إيران ذريعتها في المتاجرة بالقضية الفلسطينية، وذلك أسوأ كوابيس نظام ملالي طهران.
أما بالنسبة لإسرائيل فيعني انعدام وجود عدو لها فيما إذا انخرطت جميع المكونات السياسية الفلسطينية في هذا الحل، وهذا ما سيفقدها القدرة على مهاجمة أي طرف، ولا بد من احترام هذا الاتفاق.
ومن هنا لا بد من إثارة المشاكل في الأردن، سواء بالمخدرات، أو تأجيج الشارع الأردني، أو تنفيذ عمليات إرهابية تستهدف إضعاف الأردن أمنيًا وعسكريًا واقتصاديًا.
إيران، هي الوجه الآخر لإسرائيل بنظرتها للدول العربية، ولها أهداف تطابق الأهداف الإسرائيلية، بالرغم من الخلاف الظاهري بينهما، وهذا ما يجعل المنطقة مقبلة على تغييرات سياسية، جغرافية، استراتيجية يحتاج العرب فيها لوقفة واحدة في مواجهة المشروع الأخطر على الإطلاق.