تقرير حقوقي: النزيف المستمر في درعا 2023
المقدمة
لا تزال محافظة درعا ترزح تحت النتائج السلبية للتسويات التي جرت عامي 2018 / 2021 إذ تبين أن الضمانات الروسية لم تكن سوى فخ كبير لإعادة المحافظة إلى سيطرة النظام السوري من جهة، وفتح الباب على مصراعيه لدخول الميليشيات المدعومة من إيران، وما تحمله من فوضى أبرزها الاغتيالات، فضلاً عن تحويل المحافظة لمركز تصنيع وتهريب وتجارة المخدرات.
شهدت السنوات الخمس الماضية عودة التنظيمات إلى الساحة من جديد، كتنظيم الدولة، لتعود المحافظة ساحة لتصفية الحسابات والاغتيالات التي طالت عدداً كبيراً من المدنيين، والمعارضين سواء للنظام أو الميليشيات والتنظيمات.
تتوالى النتائج السلبية للتسويات في محافظة درعا في الظهور، و تشكل الأبواب الرئيسية للفوضى المنظّمة في المحافظة، إذ كانت التسوية الأولى في تموز/يوليو 2018، والتسوية الثانية في أيلول/سبتمبر 2021 مدخلاً واسعاً لعمليات الاغتيال التي بدأها النظام السوري عبر أجهزته الأمنية، ثم من خلال توظيف تنظيم الدولة “داعش” الذي عاود الظهور مرة أخرى في مناطق مختلفة من المحافظة ونفذ عدداً كبيراً من عمليات الاغتيال بتوجيهات من أجهزة النظام الأمنية والميليشيات الإيرانية.
استغل النظام السوري ذريعة وجود التنظيم بشكل متكرر خلال عام 2023 ليقوم بحصار عدد من المناطق في المحافظة، بدءاً من مدينة طفس في ريف درعا الغربي، ومدينة جاسم في الريف الشمالي.
استمرت عمليات الاغتيال خلال العام 2023 بوتيرة مرتفعة وفي مختلف مناطق المحافظة، طالت هذه العمليات أشخاصاً ينتمون إلى خلفيات متعددة، سواء من المعارضة أو المحسوبين على النظام أو التنظيمات المتطرفة، وحتى من المدنيين، كما استمر سقوط ضحايا في مختلف المناطق نتيجة وجود الألغام والمخلفات الحربية غير المنفجرة، وعدم قيام النظام على إزالتها بوصفه الجهة المسيطرة.
واستمرت سياسة الاعتقالات الممنهجة التي مارسها النظام منذ آذار/مارس 2011 خلال العام 2023، وخاصة على الحواجز الأمنية، مقابل ذلك وعلى الرغم من العفو الذي أصدره رأس النظام السوري عن ما يسمى “الجرائم الإرهابية” إلا أن عدد المعتقلين الذين أُفرج عنهم لا يرقى لعدد المعتقلين المحتجزين في مراكز الاحتجاز التابعة للنظام، كما أن معظم المعتقلين الذين تم الإفراج عنهم كانوا قد اعتقلوا على خلفية جرائم جنائية، أو تم اعتقالهم قبل إصدار مرسوم العفو بمدة قريبة ليتم الإفراج عنهم، فيما كانت نسبة المفرج عنهم على خلفية الأحداث محدودة للغاية.
كذلك سجّل مكتب توثيق الانتهاكات في تجمع أحرار حوران مقتل عدد من المعتقلين نتيجة التعذيب في سجون النظام، من بينهم مدنيين جرى إعدامهم ميدانياً خاصة بعد إصدار النظام السوري قراراً يقضي بإنهاء عمل المحاكم الميدانية العسكرية،في 3 أيلول/سبتمبر 2023.
كما لجأ النظام لعمليات الاغتيال كأسلوب بديل للاعتقال خاصة بالنسبة للقياديين في المعارضة والشخصيات المؤثرة في المجتمع عبر الخلايا الأمنية التابعة له في المحافظة.
وشهد العام 2023 حالات خطف في مناطق متعددة من المحافظة ثبت وجود علاقة للأجهزة الأمنية بها، كان الهدف منها الحصول على مبالغ مالية كفدية، إضافة إلى استمرار النظام بفرض إتاوات على أبناء المحافظة في مجالات مختلفة.
يمكنكم قراءة التقرير السنوي الخاص بمحافظة درعا في عام 2022 بعنوان “حصاد الإرهاب“.
يمكنكم قراءة التقرير السنوي الخاص بمحافظة درعا في عام 2021 بعنوان “سقوط التسوية“.
يمكنكم قراءة التقرير السنوي الخاص بمحافظة درعا في عام 2020 بعنوان “حصاد الموت“.
ملخص التقرير
يقدم تجمع أحرار حوران تقريره السنوي في محافظة درعا لعام 2023 تحت عنوان “النزيف المستمر” حيث لازالت المحافظة تواجه إرهاب النظام السوري والميليشيات المتحالفة معه من جهة، وإرهاب تنظيم الدولة “داعش” من جهة أخرى، إضافة إلى المجموعات المحلية من بقايا المعارضة المسلحة والتي أصبحت من قوى الأمر الواقع بموجب عمليات التسوية، ويتحدث فيه بشكل تفصيلي عن الضحايا من القتلى والمعتقلين والمخطوفين.
فقد لعبت الأجهزة الأمنية السورية المدعومة من الميليشيات الإيرانية، وتنظيم “داعش” دوراً كبيراً في سقوط الضحايا من القتلى بعمليات اغتيال ممنهجة، وبأساليب مختلفة.
كما لعبت الأجهزة الأمنية والقوات العسكرية التابعة للنظام السوري دوراً واضحاً في خرق اتفاقات التسوية من خلال عمليات الحصار على بعض المدن والبلدات بدرعا، وتنفيذ عمليات اعتقال عشوائية وتعسفية بحق العديد من أبناء المحافظة.
ويوضح التقرير بشكل تفصيلي عمليات القتل خارج نطاق القانون والتي تتضمن عمليات اغتيال، وعمليات قتل ناتجة عن اشتباكات، إضافة لعمليات الاعتقال التعسفي والاختفاء القسري، وتتضمن جميع الأطراف، بشكل شهري ومفصل حسب عدد القتلى مع مراعاة العمر والجنس.
كما أفرد تجمع أحرار حوران قسماً خاصاً في التقرير، وفي التوثيق للجرائم الناتجة عن الإدمان على المخدرات، وترويجها وتجارتها، إضافة للجرائم الجنائية العادية كالقتل العادي، والقتل بدافع السرقة أو السلب، والقتل نتيجة الخلافات العشائرية والشخصية، بسبب زيادتها بشكل لافت خلال العام 2023، ومن أجل عدم خلطها في المستقبل مع الجرائم التي تعتبر انتهاكات لحقوق الإنسان.
فقد تسبب إدمان المخدرات بوقوع العديد من جرائم القتل والإيذاء والانتحار، كما تسببت عمليات ترويج المخدرات بجرائم قتل سواء بحق المدنيين، أو مروجي المخدرات أنفسهم في الوقت الذي يجب أن يخضعوا فيه لمحاكمات أمام القضاء.
أيضاً لوحظ أن هناك زيادة متنامية في الجرائم المتعلقة بالسرقة والسلب، والتي كانت في معظمها جرائم قتل بدافع السرقة والسلب، ويعود سبب انتشار هذه الجرائم إلى عدم وجود أجهزة شرطية وقضائية قادرة على وضع حد لها، إضافة للأوضاع الاقتصادية السيئة.