ليبيا: كيف يتم استغلال السوريين في طريق هجرتهم إلى أوروبا
تجمع أحرار حوران – شريف عبد الرحمن
قال مصدر خاص لتجمع أحرار حوران إن مئات السوريين يقيمون تحت الاحتجاز الجبري في مزارع وسجون تعود ملكيتها لميليشيات مسلحة محلية في ليبيا، وذلك خلال رحلتهم في طلب اللجوء إلى القارة الأوروبية.
وأوضح المصدر الذي كان ضحية لعملية نصب من قبل إحدى الميليشيات قبل وصوله إلى ألمانيا، أنه كان محتجزاً في مزرعة برفقة 150 شخصاً من طالبي اللجوء، في ظروف صحية ونفسية سيئة.
وأضاف المصدر أن المزرعة كان مسؤول عنها شخصاً يدعى “عمار الحمصي” وهو سوري ينحدر من منطقة عز الدين في حمص، ويقيم في مدينة طرابلس الليبية، ويعمل مع شخص ليبي يعرف باسم “أحمد الدباشي” الملقب بـ “العمو”.
كيف يستجر “الحمصي” و “العمو” ضحاياهم؟
“يرمي كلاهما الوعود أمام المهاجرين الذين يصلون ليبيا بهدف تحقيق أحلامهم بالوصول إلى القارة الأوروبية وتقديم اللجوء فيها، وذلك عن طريق إيهامهم بأن لديهم العديد من نقاط الانطلاق من جهة، وأنهم سيقومون بتأمين المسكن لهم خلال مرحلة ما قبل الانطلاق من جهة أخرى”.
ويضيف المصدر، يتم الاتفاق معهم أن مصاريف الطعام والشراب والإقامة خلال فترة الانتظار والتي ستكون أياماً معدودة تكون من ضمن المبلغ الذي يتم تشييكه في المكاتب والذي يبلغ 4500 دولار أمريكي لكل شخص.
ليقوموا بعدها بترك المهاجرين في المزارع ومناطق الاحتجاز لمدة طويلة جداً، وتمر أيام كاملة بدون إحضار الطعام لهم، بالإضافة إلى التحرش بالنساء، وذلك لإجبارهم على طلب المغادرة وإلغاء الاتفاق، وهنا يقومون بطلب مبلغ مالي يتراوح بين 1000 و 1500 دولار أمريكي بدل الإقامة والطعام.
وبحسب المصدر، فإن الأشخاص الذين لا يملكون الدفع يتعرضون للإهانات والاحتجاز لفترات أطول، حتى يتواصلوا مع ذويهم لطلب المبلغ المالي، فضلاً عن سرقة ممتلكاتهم الشخصية وهواتفهم المحمولة.
المرحلة الثانية
قال “قصي الحافظ” وهو اسم مستعار لشاب فضل عدم الكشف عن اسمه إنه كان في إحدى القوارب الذي سيرها المدعو “عمار الحمصي” والذي قام بتسليمها بعد مرور وقت قليل من إبحارها لميليشيات خفر الزاوية.
وأوضح “الحافظ” أنه تم نقلهم إلى سجن “أسامة” بقيادة الملازم أول في البحرية “الحج ياسين” والذي كان يحوي أكثر من 300 طالب لجوء من عدة جنسيات، في ظروف قاسية.
وكشف عن المعاملة السيئة للسجانين (من الجنسيات الإفريقية) والإهانات التي يتعرضون لها، بالإضافة إلى عمليات الضرب والتهديد في حال طالب المسجونون بأي شيء، أو قام أحدهم بالضرب على الباب.
وعن الطعام، قال أنه خلال اليوم الواحد يحق للمسجونين وجبة واحدة فقط، وهي عبارة عن خبزة ليبية ونصف كيلو من المعكرونة لكل 6 أشخاص.
بعد ذلك، يأتي “الحج ياسين” وبرفقته شخص سوري الجنسية من محافظة اللاذقية يدعى “عبود” ويعرضون على المساجين دفع مبلغ مالي قدره 1000 دولار أمريكي مقابل الخروج من السجن، أو دفع 4500 دولار مقابل الخروج برحلة القارب إلى أوروبا.
وأضاف المصدر أن “الحج ياسين” لا يقبل التشييك المالي القديم، حيث اضطررنا إلى دفع مبلغ 500 دولار لمكتب التشييك القديم من أجل إلغائه، ووضعه عند مكتب جديد.
سجن “بئر الغنم” جحيم المهاجرين
مصادر خاصة قالت لتجمع أحرار حوران، إن سجن “بئر الغنم” في منطقة الزاوية في ليبيا، تديره ميليشيات مسلحة لا سلطة عليها، وتحكم بقانون الغاب، وهو عبارة عن هنقارات مقسمة إلى غرف صغيرة يتم وضع 50 شخصاً من مختلف الجنسيات في كل واحدة منها.
وأضافت المصادر أن السجن يعج بالأمراض الناجمة عن قلة النظافة كالقمل وجرب الجسم، في ظل أوضاع صحية متدهورة للمساجين، وعمليات التعذيب والتجويع التي يتعرضون لها.
وأوضحت المصادر أن السجن يحتوي على عشرات المصابين بالأمراض المزمنة الذي انقطع الدواء عنهم منذ احتجازهم، ما يرجح أنهم سيفقدون حياتهم نتيجة ذلك، مناشدةً المفوضية السامية لحقوق اللاجئين بالدخول إلى السجن وإطلاق سراح المهاجرين.
وعن طريقة الخروج منه قالت المصادر، أنه يجب دفع مبلغ يصل إلى 5 آلاف دولار عن كل شخص، حيث يسمح للمسجون التواصل مع ذويه مرة واحدة لطلب المبلغ.
ومنذ 31 تشرين الأول 2023، يستمر اختفاء عشرات السوريين من طالبي اللجوء، في سجون سرّية في ليبيا، بعد انطلاق قارب من ميناء الخمس الليبي في الساعة العاشرة مساءً في 31 تشرين الأول الماضي، متوجهاً إلى إيطاليا، ثم اختفى بعد ساعتين من مغادرته الميناء.
وتواصل العديد من أهالي المفقودين مع تجمع أحرار حوران وكشفوا عن عملية اختطاف جرت بحق راكبي القارب من قبل المهرّبين وبالتعاون مع شخصيات من خفر السواحل وضباط في ليبيا، ونقلهم إلى سجن “بئر الغنم” حيث يطلب المهرّبون هناك منهم مبالغ مالية طائلة، مقابل إطلاق سراحهم.
ووجّه ذوي المفقودين مناشدة لمنظمات حقوق الإنسان بالتدخل الفوري والسريع لإنقاذ حياة أبنائهم في سجن بئر الغنم والذين فقد التواصل معهم بشكل كامل بعد حجز جوالاتهم الشخصية، ومنعهم من التواصل مع أهاليهم.
وسبق أن كشف أبو محمد، وهو أحد ذوي المفقودين عن المسؤول الأول عن اختفاء القارب “مرعي محمد المرغاني”، ليبي الجنسية، لقبه “الحجي وليد”، إضافة لمندوبين اثنين هما “عمار جهاد العمارين” و “فرزات الرفاعي” (أبو رعد) ينحدران من مدينة نوى غربي درعا ويقيمان في ليبيا، وشخص آخر يدعى المهرب علي من ليبيا، ومندوبهم في سوريا “أنس عبد النور أبازيد” وهو الشخص المكلّف بجمع الأموال من الأهالي ويرسلها إلى المهرّب الليبي.
وفي 16 كانون الأول الفائت، تعرض قارب للغرق قبالة السواحل الليبية بعد انطلاقه من مدينة زوارة متوجهاً إلى إيطاليا، ما أسفر عن تسجيل عشرات الضحايا، وسط ظروف جوية قاسية.
القارب كان يقل نحو 86 شخصًا بينهم نساء وأطفال، من جنسيات عدة، بينهم سوريين، كان قد تعرض لأمواج عالية ورياح قوية بسبب سوء الأحوال الجوية، وذلك بعد ساعتين من انطلاقه.