تجمع أحرار حوران / راشد الحوراني – وسام محمد
لم يكن أسامة العزيزي، كما يلقب أبو الليث، أو الشايب، والي تنظيم داعش في حوران يعلم أن نهايته قد اقتربت، وهو مرافق الخليفة وواليه، الذي أبدع بالتخفي، والتنقل في مناطق حوران، ستكون بشكل بسيط على الرغم من التدابير الأمنية العالية التي يتبعها مع مجموعات التنظيم ذاته.
أسامة شحادة العزيزي، المنحدر من بلدة الشجرة في حوض اليرموك بريف درعا الغربي، كان ممن بايع تنظيم داعش مبكرًا، مع إعلان لواء شهداء اليرموك بيعته للتنظيم عام 2015، وتحوله إلى اسم “جيش خالد بن الوليد”، ليكون العزيزي أبرز إعلاميي التنظيم، والذي أشرف عام 2017 على الإصدار المرئي الأهم لجيش خالد بن الوليد “حصاد الحنظل” والذي ظهر صوته فيه معلقاً على الأحداث، بأسلوب قاعدي مميّز.
مع سقوط داعش في حوض اليرموك، نهاية تموز/يوليو 2018، اختفى العزيزي مع العديد من قيادات وعناصر التنظيم، ليظهر لاحقًا كعضو مجلس شورى التنظيم في حوران، ومع وصول أبو الحسن الهاشمي القرشي، ليكون ثالث خلفاء التنظيم، تم تولية العزيزي منصب “والي حوران”، ليكون أحد أهم أركان التنظيم، والذي جعل من محافظة درعا، مقرًا لخلافة التنظيم، وذلك بإقامة القرشي في مدينة جاسم بريف درعا تحت اسم “أبو عبد الرحمن العراقي“.
عوامل عديدة أبرزها علاقة العزيزي بخليفة داعش، وقدرته على قيادة التنظيم في الجنوب بطريقة احترافية، جعلت منه أحد أهم قادة التنظيم، ولكن نتيجة لخطأ أمني صغير تم اكتشاف مكانه حيث قُتل في نهاية الأمر.
كيف قُتل العزيزي؟
في 27 كانون الثاني الفائت، هاجمت مجموعات محلية في مدينة نوى، بعضها مرتبط بالأمن العسكري، وأخرى مستقلة، برفقة اللواء الثامن التابع إدارياً للأمن العسكري، واللجان المركزية، أحد المنازل في مدينة نوى، بناءً على اعترافات قيادي في تنظيم داعش، أشار إلى وجود مجموعة عناصر يتبعون للتنظيم في خمسة منازل تعتبر مقار لهم، ليتم فيما بعد ليتم اكتشاف وجود أسامة العزيزي في أحد هذه المنازل.
قبل مقتل العزيزي بأيام قليلة، تمكنت مجموعة محلية في مدينة إنخل من اعتقال سليمان خالد عرنوس، من بلدة عين زيوان في القنيطرة، والمعروف لدى التنظيم باسم “أبو وليد عين زيوان”، بعد دخوله لأحد المحال التجارية في المدينة.
عرنوس، خضع لتحقيقات مطوّلة، لمعرفة أي معلومات ممكنة عن التنظيم، تمكّن تجمع أحرار حوران من الإطّلاع على التحقيقات بشكل كامل، يعتذر التجمع عن ذكر بعض المعلومات لدواعٍ أمنيّة وفقاً للمصدر.
بحسب المصدر فإن عرنوس لم يكن يعلم أي تفاصيل عن العزيزي إلا أنه والي حوران في التنظيم.
لكن معلومة صغيرة كان عرنوس يعلم بها، قادت المجموعات المحلية إلى العزيزي بالصدفة، فخلال التحقيقات مع عرنوس، قال إن التنظيم لديه خمسة منازل في مدينة نوى تدعى “المضافات” وهذه المضافات عادة مخصصة لاستقبال عناصر التنظيم خلال تنقلاتهم بشكل دوري.
المجموعات المحلية، بدأت بمداهمة المنازل تباعاً، لتجد أن هناك مجموعة من عناصر التنظيم تتحصن في منزل يقع ضمن الحي الشمالي لمدينة نوى، وبمجرد طرق الباب على الأشخاص، بدأ إطلاق النار من داخل المنزل وخلال الاشتباك تمكن أحد عناصر المجموعات المحلية من التعرف على العزيزي.
بدأت الاشتباكات مساء يوم 27 كانون الثاني، بعد محاصرة المنزل، وفي صباح يوم 28 كانون الثاني وصل رتل عسكري تابع للواء الثامن، لتبدأ اشتباكات عنيفة انتهت بمقتل العزيزي وبرفقته 5 عناصر من التنظيم، لتنتهي بذلك مسيرة العزيزي كأحد أبرز قياديي داعش.
داعش والقدرة على التكيف
بعد سقوط تنظيم داعش في حوض اليرموك بدرعا، استطاع التنظيم كبقية التنظيمات “الجهادية” التكيف مع الواقع الجديد، سواء من الناحية الميدانية أو الهيكلية الإدارية والتنظيمية، وحتى الاقتصادية، فلجأ إلى تشكيل مجموعات متناهية الصغر، إضافة إلى الهجمات الفردية التي تسمى في عقيدة التنظيم “الذئاب المنفردة”.
فبعد تسلّم أسامة العزيزي، السلطة للتنظيم في حوران، قام بتقسيمها إلى قسمين، الأول يشمل منطقة الجيدور والقنيطرة، ووضع نائبًا له عليها هو ابن شقيقه، ويدعى أبو علي الغريب وله لقب آخر يدعى أبو علي الدكتور، والثاني يشمل بقية المناطق إلى الجنوب من درعا ووضع نائبًا له عليها يدعى شداد المقدسي.
وبحسب اعترافات عرنوس، فإن أبو علي الغريب يتنقل بين الصنمين وكفرشمس، تحت حماية المدعو محسن الهيمد، وهو أحد رجال اللواء كفاح ملحم رئيس شعبة المخابرات العسكرية سابقاً، ورئيس مكتب الأمن الوطني الحالي في نظام الأسد، ومعلومات عرنوس جاءت بناء على تبعيته التنظيمية للغريب، حيث كان يتلقى الأوامر منه بشكل مباشر.
أي أن التنظيم في درعا استطاع إنشاء هيكلية مختلفة عمّا كانت عليه خلال سيطرة جيش خالد بن الوليد والتي كانت تعتمد آنذاك على تقسيمات متعددة ومتخصصة، ولكل تقسيم أميره الخاص، لكن حاليًا هناك تقسيم أكثر بساطة يعتمد على الوالي ونائبيه للمنطقتين الرئيسيتين، إضافة إلى أمراء جدد هم “أمراء الطرقات”، وهؤلاء يتم اختيارهم بحيث يكون كل أمير من مدينته أو بلدته، بحيث يكون على معرفة كاملة بالطرقات للتنقل والحركة، وبالأشخاص من أجل تنفيذ عمليات الاغتيال.
خط سير “سليمان عرنوس”
يقول سليمان عرنوس خلال التحقيق معه إنه بايع أمير في التنظيم عام 2016 يدعى “أبو حمزة الغدير” في بلدة عين ذكر، إبان سيطرة التنظيم على حوض اليرموك، ثم اعتقله النظام بعد شهر من سيطرته على الجنوب السوري، ليُفرج عنه بعد اعتقال دام سنتين وخمسة أشهر عقب دفعه مبلغاً من المال، وتحديداً في مطلع عام 2021.
ويضيف أنه تنقل بين محافظة القنيطرة ومنطقة الجيدور خلال عامي 2021 و 2022 ويشير إلى أنه سكن في بناية بمدينة جاسم قبيل الحملة على التنظيم، وكان المسؤول عنه أمير في التنظيم يدعى ”أبو كفاح العيساوي“ لقبه “أبو كفاح صيدا” من بلدة صيدا الحانوت في ريف القنيطرة، عثر على جثته بعد خطفه بتاريخ 10 كانون الأول 2021.
وبعد حملة جاسم انتقل عرنوس إلى مدينة إنخل عن طريق المدعو “ناصر الوادي” ثم إلى مدينة الحراك بقي لنحو شهر في منزل أمير في التنظيم لقبه “أبو حيدر”، ثم نقله عنصر لقبه “بتّار” إلى بلدة المزيريب وسلّمه لشخص لقبه “همّام” الذي قام بتأمينه في أحد المنازل على طريق مساكن جلين لنحو خمسة أشهر ثم انتقل إلى مدينة نوى ومنها إلى مدينة إنخل حيث أُلقي القبض عليه.
اقتصاد التنظيم في درعا
يعتمد اقتصاد التنظيم في درعا على العديد من الموارد التي تجعله قادرًا على الاستمرار، فلا يزال التنظيم يتلقى حصته المالية من قيادته بشكل شهري، ويقوم أحد القيادات باستلامها من منطقة البادية السورية التي تعتبر أكبر معاقل التنظيم حاليًا.
أيضًا هناك نشاطات تجارية للتنظيم، حيث أكدت معلومات خاصة حصل عليها “تجمع أحرار حوران” أن التنظيم يمتلك العديد من المحال التجارية في محافظة درعا ويديرها أشخاص لحساب التنظيم، إضافة إلى الحوالات المالية التي تصل من العديد من الدول إلى قيادات التنظيم.
ويعتمد التنظيم على عمليات السلب والسرقة والخطف، حيث سبق وأن قام كل من أسامة العزيزي وأبو عبدالرحمن العراقي – زعيم التنظيم الذي قتل باشتباكات جاسم عام 2022 – بالتخطيط لحادثتي قتل صائغي ذهب في درعا، أحدهما “ياسين تركي النحاس” في مدينة داعل بتاريخ 3 تشرين الثاني 2020 عندما كان عائداً إلى منزله في سيارته الخاصة ليلاً تم مهاجمته وإطلاق النار عليه من قبل عناصر يتبعون للتنظيم، ما أدى لمقتله وسرقة سيارته وما تحتويه من الذهب قُدّر بـ 16 كغ، إضافة إلى 30 مليون ليرة سورية كانت بحوزة الضحية في السيارة.
وعملية الاغتيال الأخرى كانت بحق “محمد سعد الدين الدراوشة” وابنه “زين” في بلدة الغارية الشرقية، بتاريخ 15 تموز 2021 ثم سرقة 2 كيلو غرام من الذهب من قبل عناصر التنظيم، لينفضح أمر المنفذين عبر زوجة أحدهم، ثم قتلوا بعمليات متفرّقة فيما بعد، وهم: سيف الديري من مدينة الشيخ مسكين، نور نبيل الرفاعي من الشيخ مسكين، أحمد عطالله أبو حصيني من بلدة تسيل.
كذلك عملية قتل شقيقين هما: حسين عبدالحافظ غنيم، علي عبدالحافظ غنيم، بتاريخ 10 كانون الأول 2021 بعد اختطافهما من قبل مسلّحين يتبعون لمجموعة “محمد المسالمة” (هفّو) المرتبط بالتنظيم، وذلك بعد خروجهما من محطة وقود في حي طريق السد باتجاه مسقط رأسهما الغارية الشرقية.
وفي تحقيق سابق توصّل تجمع أحرار حوران لشهادتين من حي طريق السد، كشفت عن الأشخاص الذين نفّذوا عملية الاختطاف والقتل بحق الشقيقين من عشيرة الغنيم، وهم: حيان الكراد “محتجز في الإمارات”، أبو موسى الكور (يقيم في دولة السعودية حاليًا)، موفق المسالمة (غادر باتجاه ألمانيا)، حمزة المسالمة (غادر باتجاه ألمانيا).
وأوضح إحدى الشهادتين بأن عملية الخطف تمّت بهدف سرقة مبلغ مالي قدره 500 مليون ليرة سورية من الشقيقين، مع جوالات شخصية قام عناصر مجموعة هفّو ببيعها فيما بعد.
كما نفذ عناصر من تنظيم داعش عملية قتل شارك فيها المدعو سليمان عرنوس، بحق زوجين في بلدة القصيبة بتاريخ 22 كانون الأول 2021 بعد ضربهما بشكل مبرح على الرأس، وسرقة نحو 200 رأس غنم من منزل الزوجين.
وكشف مصدر خاص لتجمع أحرار حوران بأن عناصر من تنظيم داعش مرتبطون بالمخابرات الجوية يقومون بين الحين والآخر بإرسال تهديدات لأصحاب المشاريع والأراضي الزراعية والأطباء وميسوري الحال في الريف الشرقي لدرعا عن طريق أرقام وهمية عبر تطبيق واتساب، ويخيّرونهم بين دفع المبلغ المحدد أو استهداف الضحية أو قريب منه إما عن طريق الاغتيال أو الخطف.
داعش ونظام الأسد
لم تكن العلاقة بين داعش والنظام السوري، وحتى الإيرانيين في درعا جديدة، بل تعود إلى مرحلة سيطرة جيش خالد بن الوليد على حوض اليرموك.
ففي كانون الأول من عام 2019، ظهرت تسريبات ضمن تسجيلات فيديو لقياديين من داعش، بيّنت جزءاً من العلاقة بين التنظيم والإيرانيين، منها ما يتعلق باغتيال الأمير العام للتنظيم “أبو هاشم الإدلبي”، ومنها ما يثبت علاقة التنظيم بمكتب الحرس الثوري الذي أسسه قاسم سليماني في سوريا، ودعمه وتسهيله للعديد من أمور التنظيم، مقابل خدمات عديدة منها عمليات اغتيال نُفذت خلال عامي 2016 و2017، وعمليات نفذها التنظيم في الأعوام اللاحقة، من خلال خلايا شكّلها التنظيم بدعم من الإيرانيين.
القيادي قحطان حج داوود، المعروف بأبي عبيدة قحطان، أحد مؤسسي لواء شهداء اليرموك بمساعدة أحمد كساب المسالمة، وكلاهما ممن قاتلوا في أفغانستان إلى جانب عبدالله عزام، وعرفوا آنذاك بالمجاهدين العرب، كان أحد المبايعين مع قائد لواء شهداء اليرموك، محمد سعد الدين البريدي “الخال” لتنظيم داعش، وتحول اللواء لاسم جيش خالد بن الوليد.
قحطان تحدث عن اتصالات جرت عام 2016، بين نضال البريدي (القائد العسكري للتنظيم) ومندوب عن قاسم سليماني، بهدف تشكيل خلايا نائمة جديدة، وضم خلايا شكّلها الإيرانيون قبل ذلك تحت قيادة واحدة، بهدف اغتيال الأشخاص والقيادات المؤثرة في منطقة حوض اليرموك، وأكد قحطان في حديثه أن البريدي أخبره بذلك، وأن أول قائمة للاغتيالات وصلت من سليماني للبريدي في تلك الآونة، وصلت مع مبلغ 35 ألف دولار.
بعد ذلك، جاءت مرحلة ما بعد التسوية، لتبدأ صفحة جديدة من التعاون بين التنظيم والنظام السوري، لا يزال المشرف عليها ومحرك بوصلتها حتى اليوم العميد لؤي العلي، رئيس فرع الأمن العسكري بدرعا.
أكد هذه العلاقة، رامي الصلخدي الذي تم اعتقاله في جاسم قبيل مقتل خليفة داعش في المدينة المعروف هناك باسم “أبو عبدالرحمن العراقي”، إذ اعترف الصلخدي بتورط عناصر التنظيم في تنفيذ عمليات اغتيال لصالح الأجهزة الأمنية، طالت عدداً من المعارضين من بينهم الشيخ “أبو البراء الجلم”.
كما اعترف الصلخدي بالتنسيق مع ابن عمه نضال الصلخدي المرتبط بقيادات من “حزب الله”، باجتماعهما مع العميد لؤي العلي، الذي طلب منه اغتيال شخصيات من أبناء مدينة جاسم، وإدخال عدد من عناصر وقيادات تنظيم داعش إلى جاسم، وأضاف أن العلي قام بتزويده بسلاح خاص له.
اقرأ أيضًا.. تحت رعاية النظام.. الجنوب السوري بؤرة لميليشيا الاغتيالات والمخدرات
كذلك اعترف عرنوس بأن جرحى التنظيم في مدينة جاسم قبيل الحملة على مقار التنظيم عام 2022 كان يتم إسعافهم عبر حواجز النظام العسكرية.
وكشف عرنوس بأن التنظيم قام بفصل أحد عناصره في قطاع مدينة نوى بسبب قيامه بقتل عنصر من قوات النظام في محيط المدينة دون الرجوع إلى قيادة التنظيم، ثم أعاده الأخير للعمل في صفوفه فيما بعد.
خليفة التنظيم في جاسم.. من كان يعلم بذلك؟
عن سؤال عرنوس حول عِلمه بتواجد خليفة التنظيم “العراقي” قبيل مقتله في مدينة جاسم، قال إنه لم يكن يعلم على الإطلاق بأن زعيم التنظيم يتواجد في درعا أصلاً، إلا أنه أشار في حديثه بأن من كان يعلم بتواجد العراقي في مدينة جاسم هما العزيزي ورامي الصلخدي، وأن الأخير كانت صفته “أمير مضافة” يعمل على تسهيل دخول وخروج عناصر التنظيم، وتأمين الحماية لبعضهم في المدينة.
وسبق أن كشف تجمع أحرار حوران في تحقيق استقصائي نشره مطلع تشرين الثاني 2023 أوضح بأن العزيزي كان يتنقل بين ثلاث مناطق رئيسية، وهي: الجيدور، اللجاة، والبادية السورية، تحت حماية مباشرة من قبل شخصيات مرتبطة بضباط من المخابرات السورية.
معلومات خاصة حصل عليها التجمع من أحد مصادره في مدينة الصنمين، تُفيد بأن المدعو محسن الهيمد تمكّن من خلال مجموعاته المنتشرة في الصنمين، من تصفية العشرات من أبناء المدينة والمنطقة ذاتها، بتوجيهات مباشرة من اللواء كفاح ملحم، بعض هذه الشخصيات موالية يُريد النظام التخلّص منها.
ويشير المصدر إلى أن الهيمد يتمكن من علاج الجرحى من عناصره في مشفى الصنمين العسكري، ومشافي العاصمة دمشق، بتسهيلات مباشرة أيضًا من أجهزة النظام الأمنية.
علاقة التنظيم الوثيقة بالمخابرات الجوية
في 7 كانون الثاني الفائت، قُتل عمران الكردي أحد عناصر مجموعة محلية تعمل لصالح المخابرات الجوية في بلدة المسيفرة شرقي درعا، خلال اشتباكه مع عناصر من تنظيم داعش بسبب خلاف حصل فيما بينهم على طريق الكرك الشرقي – المسيفرة، قتل على إثرها أيضاً أحد طواقم تنفيذ الاغتيالات لدى التنظيم يدعى محمد عدنان العوض، من مدينة الشيخ مسكين.
تمكن تجمع أحرار حوران من الحصول على معلومات تفيد بأن العوض لقبه “بتّار” وكان يقيم مع عناصر آخرين من التنظيم في بلدة المسيفرة، تحت حماية مباشرة من قبل مجموعة محلية تعمل لصالح المخابرات الجوية.
وخلال التحقيق مع “عرنوس” ذكر بأن “بتّار” قام بتأمين خط السير له من الريف الشرقي بدرعا إلى الريف الغربي، بعد مكوثه في مدينة الحراك نحو شهر لدى “أبو حيدر” المنحدر من الغوطة الشرقية.
بعد يوم من حادثة قتل العوض، قامت مجموعة محمد علي الرفاعي الملقب بـ “أبو علي اللحام” المرتبطة بجهاز المخابرات الجوية في قرية أم ولد بنقل جثة العوض إلى منطقة قريبة من جسر مدينة إزرع بالقرب من الأوتوستراد الدولي دمشق – درعا.
مصادر خاصة لتجمع أحرار حوران أكدت بأن عدد من عناصر وقيادات التنظيم يتنقلون في الريف الشرقي لدرعا تحت حماية مباشرة من قبل المقدم علاء المسؤول عن حواجز ومقار المخابرات الجوية في الغرايا والمسيفرة والكرك الشرقي.
ومن أبرز أمراء التنظيم المسؤولين عن القطاع الشرقي: حسان إبراهيم الحريري، لقبه لدى التنظيم “عطا الشامي” ينحدر من بلدة بصر الحرير، ومن سكان منطقة الحجر الأسود سابقًا، ويعتبر المسؤول الأول عن ملف الاغتيالات في المنطقة.
ومن مرافقي الحريري، عنصر يدعى سامح سليمان الزامل، من مدينة الحراك، سبق أن كشف عن ارتباطه بمليشيا حزب الله اللبناني عام 2019 عقب تنفيذه عدة محاولات اغتيال في المدينة.
وعرف أيضاً عنصر من التنظيم يدعى حمزة القبيسي، ينحدر من منطقة اللجاة، وانتقل مؤخراً إلى منطقة شهبا في ريف السويداء قبل تواجده ضمن مقر على طريق “الزيمر – الحراك” وكان يرتبط حينها بـ أحمد أنور الخطيب المعروف لدى التنظيم بـ “أبو ذر الغفاري” وله لقب آخر “الهب” قبيل مقتله مع شقيقه أغيد في 26 تشرين الثاني 2023 في مدينة الحراك.
تكيّف داعش الإعلامي
بعد عملية التسوية ووصول أسامة العزيزي لمنصب والي حوران في تنظيم داعش، اتجه العزيزي الإعلامي أصلاً لدى داعش، إلى انتهاج أسلوب إعلامي جديد، يتخذ منهجًا وسطًا في طرح المواضيع من جهة، لكن في الوقت نفسه يسعى من خلاله لبث الفتنة بين أبناء حوران وإيقاع العداوة بينهم، وإظهار نهج التنظيم المتطرف على أنه النهج السليم، من خلال مهاجمة كل الأطراف في حوران.
تمكّن العزيزي من اختراق مجموعات محلية بعد شرائها بالمال وبهدف التنسيق المشترك معها ضد أهداف مشتركة، عرف منها مجموعة محمد المسالمة “هفّو” ومؤيد حرفوش “أبو طعجة” في حي طريق السد سابقًا، ومجموعة قاسم نميران الصبيحي، المعروف محلياً بـ “أبو طارق الصبيحي” في بلدة المزيريب.
ومن أبرز الصفحات الإعلامية الرديفة للتنظيم والتي كان أحد المسؤولين عنها العزيزي، ما عرفت باسم “درعا بلحظة”، والتي نشطت على وسائل التواصل الاجتماعي وخاصة من خلال قناتها على تلغرام، إضافة لصفحة رديفة أخرى باسم “كواسر حوران” يديرها كل من قاسم القرقطي، المرافق الشخصي لأبو طارق الصبيحي، ونزار أحمد الحريري المقيم في دولة ليبيا.
مسيرة امتدت لأعوام للتنظيم في محافظة درعا، مارس فيها شتى أنواع الإجرام بحق الأهالي، وبحق المعارضة السورية، التي لطالما وصف أبناءها بالمرتدين، وساعيًا لاستهدافهم محققًا بذلك كامل أهداف النظام السوري والميليشيات الإيرانية.
هذه المسيرة الإجرامية لم تنتهِ بعد، لكن أبناء حوران وجّهوا ضربات كبيرة لها حجمتها كثيرًا، بدءًا من التخلص من القائد العسكري في التنظيم “أبو سالم العراقي“، إلى القيادي في التنظيم “محمود الحلّاق“، والقيادي في التنظيم “أبو لؤي القلموني“، وخليفة التنظيم “أبو عبدالرحمن العراقي”، وانتهاء بالتخلص من “العزيزي” الذي أراد لحوران أن تخضع لسلطة التنظيم وظلامية تفكيره وجرائمه.
اقرأ أيضاً.. بالأسماء.. مهام أمراء داعش في درعا من الفتك بجسد الثورة إلى سجون الأسد ثم لصفوف قوّاته
