فوضى الخطف والفدية في درعا: معاناة مستمرة وسط تواطؤ أمني
تجمع أحرار حوران – أيمن أبو نقطة
ملخص المادة:
- حوادث خطف منظمة ومتصاعدة في الجنوب السوري
- فدية مالية مقابل الحرية
- النظام السوري واستراتيجية الفوضى الأمنية في درعا
- 456 حالة اختطاف في محافظة درعا منذ سيطرة النظام عام 2018
- العصابات المدعومة أمنياً: آليات ابتزاز الأهالي وتعزيز الانقسام الاجتماعي
- الفدية والفوضى: وسائل النظام لترسيخ الفلتان الأمني
- اغتيالات وتصفية حسابات داخلية بين زعماء عصابات الخطف
- خريطة عصابات الخطف في درعا: أطراف وداعموها الأمنيون
شهدت محافظة درعا، حادثة جديدة ضمن سلسلة من عمليات الخطف المنظمة، حيث أُطلق سراح الشاب محمد سمير الوادي من مدينة إنخل بعد قرابة شهر من اختطافه من مشروع زراعي قرب قرية القنية شمالي درعا، وذلك مقابل فدية مالية قدرها 10 آلاف دولار دفعتها عائلته للعصابة.
وبحسب مراسل تجمع أحرار حوران، أفرجت عصابة خطف في منطقة اللجاة عن الوادي يوم أمس السبت 26 تشرين الأول، بعد 24 يومًا من الاحتجاز.
وفي محاولة فاشلة للضغط على العصابة، احتجز مسلحون من أقارب الوادي ثمانية أفراد من عشائر البدو، إلّا أنّ ذلك لم يسفر عن نتائج تذكر، ليُطلق سراحهم لاحقًا.
عصابات الخطف المدعومة أمنيًا
يأتي الإفراج عن الوادي ضمن تصاعد وتيرة عمليات الخطف المنظمة المدعومة من أجهزة النظام السوري، والتي تركز نشاطها في محافظة درعا وريف السويداء.
يُعرف عن هذه العصابات، التي تعمل تحت إشراف مباشر من الأجهزة الأمنية، تنفيذها عمليات خطف بهدف ابتزاز الأموال من ذوي المخطوفين، مع توافر دعم مالي وسلاح وتسهيلات أمنية تحصّن نشاطاتها.
وفي 20 تشرين الأول، أفرجت عصابة مسلحة تابعة لميليشيا الفرقة الرابعة عن الشاب يامن أيمن المطلان (17 عامًا)، المنحدر من قرية دير البخت، بعد شهر من احتجازه مع رجل آخر يدعى مرعي أحمد الحسن لا يزال مختطفًا.
ودُفعت فدية قدرها 35 مليون ليرة سورية لتحرير المطلان من العصابة المتمركزة في ريف حمص الغربي، والتي تُعرف بقطع الطرقات واختطاف السوريين المتوجهين إلى لبنان.
كما شهد أوتوستراد “دمشق – درعا” في 16 تشرين الأول حادثة اختطافٍ قُتل فيها متعاقد مع فرع أمن الدولة يُدعى باسل سمير ناصر، بعد اختطافه قرب جسر خبب على يد عصابة يقودها حمود هلال حمود وأيهم حمد علوان، قبل أن يجري اعتقالهم لاحقًا على حاجز لفرع أمن الدولة أثناء اشتباكهم مع عناصر الحاجز، في محاولة لنقل المخطوف إلى السويداء.
الفدية والفوضى: أدوات لترسيخ الفلتان الأمني
وسجل مكتب توثيق الانتهاكات في تجمع أحرار حوران 456 حالة اختطاف في محافظة درعا، منذ سيطرة النظام السوري على المحافظة منتصف عام 2018 حتى نهاية شهر أيلول الفائت، وتشمل الإحصائية أبناء محافظة درعا الذين اختُطفوا خارج المحافظة.
من جهته قال المحامي عاصم الزعبي، مدير مكتب التوثيق في تجمع أحرار حوران إن أجهزة النظام السوري تواصل دعمها لمجموعات محلية تستخدم عمليات الخطف كوسيلة لإبقاء درعا في حالة مستمرة من الفوضى، مستهدفةً بالغالب شبان يافعين من أجل ابتزاز ذويهم لتحقيق مكاسب مالية، فضلاً عن توجيه تلك العصابات لتنفيذ اغتيالات وسلب ونهب ضمن محافظة درعا.
وبحسب الزعبي فإنّ هذه الفوضى تُستخدم لإحداث شرخ بين عشائر المنطقة، حيث يستغل النظام أبناء درعا أنفسهم لضرب الاستقرار المحلي.
وأوضح مصدر من وجهاء المحافظة لتجمع أحرار حوران، فضّل عدم الكشف عن اسمه لدواعٍ أمنية، أن النظام السوري لا يرغب بأي شكل من أشكال التقارب بين مكونات الجنوب السوري، إذ يُفشل ذلك خططه في تعزيز الانفصال بين عشائر المنطقة.
ويهدف النظام من هذه العمليات إلى إغراق الأهالي في صراعات داخلية ضمن إطار أمني ضبابي يسمح بتفشي الخطف ويجعل من الفدية مصدر تمويل رئيسي لعصابات ذات ارتباط واضح مع الأجهزة الأمنية.
وتسلط عمليات الخطف المتكررة والفدية الثقيلة الضوء على معاناة أهالي الجنوب السوري في ظل تواطؤ أمني، بينما يستمر النظام في تكريس حالة عدم الاستقرار للهيمنة والسيطرة على المنطقة، مستغلاً الفلتان الأمني كسلاح إضافي لضبط المجتمع المحلي وإضعافه من الداخل.
خريطة شبكات الخطف في درعا وداعموها الأمنيون
وتعد مجموعات الخطف المدعومة من ضباط النظام السوري إحدى الأدوات الرئيسية لتأجيج الفوضى والابتزاز في محافظة درعا، وتنشط عدة مجموعات في مناطق متفرقة، وتلقى دعماً وتوجيهات مباشرة لتنفيذ عملياتها. ومن أبرز هذه المجموعات:
- مجموعة محمد علي الرفاعي الملقب بـ “أبو علي اللحام” في بلدة أم ولد، والتي تتعاون مع مجموعات من أبناء عشائر البدو في منطقتي اللجاة والسويداء، من أبرزهم: فادي الفروخ، بشار الفروخ، وفراس الزبيدي، وسمير الديري، بالإضافة إلى مجموعة عطا السبتي في اللجاة المرتبطة بتنظيم داعش والمخابرات الجوية.
- مجموعة في قرية جدل في منطقة اللجاة، يتزعمها كل من: عبدالله فهد نصر العلي، فهد صابر العلي، وعمر غازي غثوان العلي (قُتل في وقت سابق)، وجميعهم يحملون بطاقات صادرة عن المخابرات الجوية.
- مجموعة في قرية مسيكة في منطقة اللجاة، يقودها كل من هاشم رائف البيدر، وشقيقه صقر رائف البيدر، والتي تعمل بتوجيهات مساعد الأمن العسكري “عمار رئيف القاسم” المعروف بـ “أبو جعفر”، والذي ينشط بحواجز مؤقتة “طيّارة في منطقتي إزرع واللجاة ووسط درعا، لاعتقال المدنيين ومفاوضة ذويهم على دفع فديات مالية مقابل إطلاق سراحهم.
- مجموعة محمد العلوان (أبو نبال)، تتمركز هذه المجموعة في قرية الزباير في منطقة اللجاة، ومن أفرادها: كمال الحسين، أيهم العلوان، حمود هلال حمود، وصبحي النعيمي، وسبق أن قامت هذه المجموعة باختطاف السائقين الأردنيين في أواخر آب الماضي، ويعرف “أبو نبال” بارتباطه الوثيق مع القيادي علي باش، أحد القياديين البارزين في اللواء الثامن.
- في مدينة طفس، تبرز بقايا مجموعة عبدالناصر كيوان المعروف بـ “عبود الشلبك”، التي تتلقى أوامر من رئيس فرع الأمن العسكري، لؤي العلي، للعمل على إثارة الفتن العشائرية في المدينة، بجانب عمليات الخطف والاغتيال لصالح فرعي الأمن العسكري والمخابرات الجوية، والشلبك خرج مؤخراً إلى دولة ألمانيا عبر دولة ليبيا.
- مجموعة محسن الهيمد في مدينة الصنمين، التي ترتبط بفرع الأمن العسكري وتنظيم داعش، وتقوم باستهداف شخصيات معارضة وأخرى موالية يرغب النظام في التخلص منها.
- في مدينة درعا، مجموعة محمد المسالمة الملقب بـ “هفو”، الذي ينفذ عمليات الخطف لصالح تنظيم داعش، ويتحرك بين أحياء درعا والنخلة ونصيب، تحت حماية عماد أبو زريق المرتبط بفرع الأمن العسكري، مع تعاون وثيق بينهما في تجارة وتهريب المخدرات.
كذلك شهدت السنوات الماضية اغتيالات لعدد من زعماء مجموعات الخطف، من أبرزهم مصطفى قاسم المسالمة (الكسم)، محمد تركي المسالمة، عامر النصّار، وعارف الجهماني، وجميعهم كانوا مرتبطين بفروع أمنية أو ميليشيات موالية للنظام.