العشائرية تُعيد أزلام النظام البائد إلى إدارة نادي الشعلة بدرعا

تجمع أحرار حوران – عامر الحوراني
أثار قرار إعادة تعيين أيهم المسالمة رئيسًا لنادي الشعلة الرياضي في درعا موجة غضب واسعة، وسط ضغوط عشائرية لضمان استمراره في المنصب، تفاديًا لظهوره بمظهر “الخائن” أمام المجتمع المحلي.
وبحسب مصدر مطلع، حصل المسالمة على خمسة أصوات من أصل سبعة في التصويت الذي أجرته اللجنة المكلفة بإعادة هيكلة النادي، رغم المطالبات الشعبية بإحداث تغيير جذري في قيادة النادي، بعيدًا عن الأسماء الجدلية٬ التي يعدّ المسالمة من أبرزها.
خلفية الصراع الإداري
شهدت الساحة الرياضية في سوريا تغييرات كبيرة بعد سقوط نظام الأسد، حيث أُعيد تشكيل الاتحاد الرياضي وتعيين لجان جديدة في المحافظات لإعادة تشكيل إدارات الأندية، بهدف استبعاد الشخصيات المرتبطة بالنظام السابق. لكن في درعا، لم يسر الأمر كما خُطط له، إذ عاد أيهم مسالمة إلى رئاسة نادي الشعلة، رغم الاعتراضات الواسعة.
يُعد نادي الشعلة من أبرز الأندية الرياضية في درعا، خاصة في رياضة كرة اليد، وكان تحت إدارة أيهم مسالمة منذ اندلاع الثورة. وتعود جذور الجدل حول إدارته إلى قرارات سابقة أثارت استياء الرياضيين، من بينها إجبار اللاعبين على المشاركة في المباريات عام 2012، رغم الظروف الأمنية، إبّان أحداث الثورة السورية وانشقاق العديد من اللاعبين عن النادي.
وبرز اسم مازن الحميدي، الرئيس الفخري لنادي الشعلة، كأحد الشخصيات الداعمة للنظام السوري، إذ يتهمه أبناء درعا بتسليم مئات الأشخاص لسجون النظام تحت غطاء “المصالحات والتسويات”. ويعتبر مسؤولًا عن مقتل المدني عبد الكريم المصري في آب 2021 قرب حاجز “السرايا”، إثر مشادة كلامية تطورت إلى إصدار أمر بتصفيته، وفق شهادات محلية.
الحميدي يدير جمعية “تموز” التابعة لمؤسسة “الشهيد” في لبنان، والتي تتلقى دعمًا ماليًا مباشرًا من إيران، مما كان يعزز دوره في تنفيذ أجندات النظام في الجنوب السوري عبر النشاطات الرياضية وتوزيع المساعدات الغذائية. وينحدر من بلدة دير العدس بريف درعا الشمالي، حيث كان والده أحد مرافقي حافظ الأسد.
إلى جانب ذلك، برزت شخصية عماد آبو زريق، القائد السابق في الجيش الحر، والذي غادر سوريا عام 2018 ثم عاد إليها بعد اتفاق مع الأجهزة الأمنية، ليصبح مسؤولًا عن مجموعة محلية تابعة للأمن العسكري. ومنذ ذلك الحين، أصبح جزءًا من إدارة نادي الشعلة، كونه لعب سابقاً في صفوفه قبل الثورة٬ مما زاد من تعقيد المشهد الإداري.
ضغوط عشائرية وحجج واهية
واجهت اللجنة المكلفة بإعادة هيكلة النادي، برئاسة أمين مسالمة، ضغوطًا كبيرة أدت إلى استبعاد أسماء بديلة كانت تحظى بقبول في الشارع الرياضي. وأكد مصدر خاص لتجمع أحرار حوران تعرض بعض المرشحين لتهديدات وتخويفات من استلام هذا المنصب، مما دفع اللجنة إلى إجراء تصويت انتهى بفوز أيهم مسالمة، قبل إرسال القرار إلى الاتحاد الرياضي في دمشق للمصادقة عليه.
وأكد المصدر أن أعضاء اللجنة عرضوا ورشحوا أكثر من اسم لرئاسة النادي من بينهم شخصيات تحظى بقبول وإجماع محلي لكن قوبلت هذه الأسماء إما بالرفض أو المماطلة والتغاضي عنها على الرغم من قبول أحد هذه الشخصيات باستلام المنصب في ظل كافة العقبات والمسؤوليات الكبيرة التي قد يواجهها لكن الضغط العشائري من قبل بعض المقربين من المسالمة على رئيس اللجنة وبعض أعضائها كان سيد الموقف بإجراء التصويت الذي نتج عنه إعادة تعيين المسالمة.
من الماضي العريق إلى المعاناة
وفي تصريح خاص لـ”تجمع أحرار حوران”، قال “عدي الطلب”٬ وهو لاعب سابق في فريق كرة اليد بنادي الشعلة ومن الذين انشقوا عنه مع بداية الثورة السورية إن نادي الشعلة، رغم تاريخه العريق، تحول إلى أداة سياسية بيد النظام. وأوضح أن خلافًا جماهيريًا في التسعينيات بين مشجعي الشعلة وجبلة أدى إلى تدخل أفرع الأمن واعتقال العشرات من مشجعي الشعلة، وهو ما مثّل بداية تراجع النادي إلى الدرجة الثانية وتهميشه من قبل الاتحاد الرياضي العام المرتبط بالأجهزة الأمنية.
وأضاف الطلب أن معظم لاعبي النادي كانوا من أبناء درعا البلد، مهد الثورة السورية، واستذكر بعض الرياضيين الذين قتلوا على يد قوات النظام، أبرزهم محمود الجوابرة، لاعب كرة القدم، وأول قتيل في الثورة السورية. وربط صعود فريق الشعلة إلى الدرجة الممتازة في العام الماضي برغبة النظام البائد حينها في الترويج لعودة الحياة إلى طبيعتها في درعا.
اتهامات بالفساد المالي
إلى جانب الأزمات الإدارية، كشفت مصادر خاصة لـ”تجمع أحرار حوران” عن فساد مالي داخل نادي الشعلة بقيادة أيهم مسالمة، حيث تبين أن العقود المسجلة للاعبين تختلف عن الرواتب الفعلية التي يتقاضونها، فيما برر مسالمة هذه التجاوزات بأنها وسيلة للتهرب الضريبي، مما يعكس الفساد المالي الذي يشهده النادي أيضاً.
تعكس هذه التطورات مدى تأثير العشائرية والضغوط السياسية على إدارة الرياضة في درعا، مما يطرح تساؤلات حول إمكانية تحقيق إدارة نزيهة للأندية بعيدًا عن الحسابات العشائرية والمصالح الشخصية.
تثير هذه الأحداث تساؤلات حول مستقبل نادي الشعلة، في ظل سيطرة الحسابات العشائرية والمصالح الشخصية على قراراته، بدلًا من المعايير الرياضية والإدارية النزيهة. فهل ستتمكن الرياضة في درعا من التحرر من هذه القيود، أم أن النفوذ العشائري سيبقى العامل الحاسم في تحديد مسار الأندية؟