“تكاتف خربة غزالة”.. مبادرة نوعيّة فريدة من نوعها في درعا
تكاتف.. عطاء يمتد لمئات الأسر والأيتام في بلدة خربة غزالة

تجمع أحرار حوران – أيمن أبو نقطة
في مطلع عام 2013، وبينما كانت موجات النزوح تعصف بأهالي بلدة خربة غزالة شرقي درعا إلى القرى المجاورة، ولدت فكرة “تكاتف خربة غزالة” كاستجابةٍ حقيقية لحالة الطوارئ التي فرضها المشهد، فأصبحت تلبي الاحتياجات الأساسية للنازحين من أهالي البلدة.
وساهمت “تكاتف” خلال فترة النزوح بتأمين مادة الخبز للأهالي، وحليب الأطفال، وكفالات للأيتام، ليستمر ذلك لما بعد سيطرة نظام الأسد المخلوع على محافظة درعا منتصف عام 2018.
تُعرّف “تكاتف” نفسها بأنها كيان يسعى لبناء مستقبل بعيد عن القبلية والعشائرية، من خلال تعزيز التكافل والعمل المشترك بين أبناء البلدة، مدفوعة بروح المسؤولية تجاه المجتمع، لتصبح إطاراً جامعاً لأبناء البلدة من مختلف الأعمار، والانتماءات الاجتماعية والعلمية.
وتهدف المبادرة إلى النهوض بالمجتمع بكل أشكاله وعناصره وتعزيز القدرة والمشاركة في بناء وتنمية مجتمع متماسك من خلال المبادرات والشراكة المجتمعية من كافة أبناء أهل البلد، وذلك من باب الحرص والمسؤولية المجتمعية، وفقاً لهادي أبو زايد، أحد إداريي فرثق تكاتف في حديثه لتجمع أحرار حوران.
يقول “أبو زايد” إنّ المبادرة تُدار بروح الشورى بين أعضاء الفريق، ولا يُطلق أي مشروع إلا بتوافق غالبية الأعضاء، وفق تجسيد لمبدأ “وأمرهم شورى بينهم”، مشيراً إلى أن الفريق يتكون من مزيج كبير من أبناء خربة غزالة بجميع فئاتهم العمرية ومستوياتهم المادية والعلمية وأماكن تواجدهم.
ويضيف أبو زايد “رغم تغير الظروف لم يتوقف عمل تكاتف يوماً، ففي الفترة ما بين 2018 و2024 وأثناء سيطرة النظام البائد واصلت المبادرة أنشطتها في الظل، بصمتٍ وحذر تجنباً للمساءلة والملاحقة الأمنية، مكتفية بتنفيذ مشاريع صغيرة وخفية”.
لكن بعد تغيّر الواقع الأمني وسقوط النظام في المنطقة، استأنفت “تكاتف” نشاطها العلني بمجموعة مشاريع حيوية، كان أولها مشروع نظافة البلدة، بالتعاون مع بلدية خربة غزالة، وقد ساهم المشروع بتأمين مادة الديزل لسيارة القمامة وتنظيف الحاويات والمكبات، الأمر الذي ساعد في تحسين المظهر العام للبلدة، بحسب أبو زايد.
وفي شهر رمضان الأخير، أطلقت “تكاتف” سلسلة من المشاريع الاجتماعية والخيرية في بلدة خربة غزالة، لتقدم نموذجاً فريداً على مستوى محافظة درعا، كشف هذا النموذج عن مشاريع تُعد غاية في الأهمية والفائدة المرجوّة منها لصالح أهالي البلدة.
وكان أبرزها:
- مشاريع إفطار صائم بثلاث مراحل، استهدفت كل واحدة منها نحو 300 أسرة من أهالي البلدة.
- مشروع الأسر المتعففة، قدّمت خلاله مبالغ مالية لأكثر من 400 عائلة محتاجة.
- عيدية اليتيم، لرسم البسمة على وجوه الأطفال.
- مشروع كفالة الأيتام.
- مشروع دعم المساجد.
- المسابقات الرمضانية.
- مساعدات إنسانية فردية وعلاجية.
وفي سؤال تجمع أحرار حوران عن ترخيص تكاتف بشكل قانوني، يفيد “أبو زيد” أن تكاتف تطمح إلى ترخيص عملها رسمياً داخل خربة غزالة، لتعمل تحت غطاء قانوني يوفّر لها الاستمرارية والاستقرار، مضيفًا أن تكاتف تدعو جميع أصحاب الأيادي البيضاء، من داخل البلدة وخارجها، إلى المشاركة والدعم، ولو بالفكرة والمشورة.
وناشد أبو زايد الحكومة السورية الجديدة أن تولي اهتماماً بواقع بلدة خربة غزالة التي تعرضت لدمار كبير في البنية التحتية خلال خمس سنوات من سيطرة النظام المخلوع عليها، وقيام قوات النظام بحرق نحو 85% من منازل البلدة، وتسوية أكثر من 100 منزل بالأرض بشكل كامل، مطالبًا بتوفير احتياجات رئيسية كإنارة الطرقات العامّة في البلدة.
وختم “أبو زايد” حديثه بأن تكاتف لها خطط قريبة تسعى لتحقيقها، منها: دعم المدارس والبنية التحتية، صيانة وتأهيل بعض المساجد المتضرّرة، إلى جانب الاستمرارية في كفالة الأيتام.
ومنذ انطلاق الثورة السورية تعرضت بلدة خربة غزالة في الريف الشرقي لدرعا، لنحو 6 حملات عسكرية من قبل قوات النظام المخلوع، كان أشدها مطلع آذار 2013 بعد أن حاولت قوات نظام الهارب بشار الأسد اقتحام البلدة وسط مقاومة عنيفة من قبل الثورة الذي أطلقوا معركة “جسر حوران” والتي انتهت بسيطرة النظام على البلدة بشكل كامل وتهجير كامل أهلها منها إلى القرى المجاورة، وبعضهم لجأ إلى الأردن وأوروبا.
واستمر نزوح أهالي البلدة لأكثر من خمس سنوات حتى سيطر النظام المخلوع على المحافظة منتصف عام 2018، حتى عاد النازحون إلى منازلهم التي حُرق معظمها ودمّر مايزيد عن 100 منزل بشكل كامل.
ويُقدّر عدد أبناء خربة غزالة بنحو 30 ألف نسمة، في حين يقطنها حاليًا قرابة 10 آلاف، بعد سنوات من النزوح والتدمير، وتُعد البلدة مركزًا إداريًا لعدد من القرى المجاورة، إذ تضم مخبزًا آليًا، ومركزًا لناحية الشرطة، إضافة إلى مبنى للبريد.