وظيفة الجيش الحقيقية.. ومآل ربيع السودان والجزائر وسوريا
تجمع أحرار حوران
بقلم : د.موسى الزعبي
استمعت أمس السبت لبيان تلاه قيادة العسكر بقيادة عبد الفتاح تيمنا بسميه بمصر فكل بيانات العسكر تبدأ بتمجيد الوطن وتنتهي بانقلاب على الوطن منذ خروج المحتل من الوطن العربي منتصف القرن الماضي ولكن لفتني فقرة بالبيان وهي قول ذلك الجنرال السوداني ابن نظام البشير «إننا سنشكل حكومة مدنية انتقالية » انتهى الاقتباس.
وبفحص أبعاد هذه الجملة سياسيًا وقانونيًا فإن هذا الجنرال وجيشه اعتبروا أنفسهم وكلاء وممثلين حصريا للشعب وأن الشعب نصبهم وهم مفوضين بتعيين حكومة مدنية وعزلها.. لا أعرف هل هي وقاحة أم استغباء للشعب أم عايشين الدور بفقه التغلب الذي يفتي لهم سفهاء السلطان الذين أثبتوا أنهم أكثر خطورة ونذالة ممن يفتوا لهم حيث ينتعلهم العسكر لتخدير الناس باسم الدين.
هذا الجنرال يشبه صاحب مزرعة وظف حارس أمن لحماية حدود مزرعته مقابل راتب معين وأعطاه سلاح من ماله إضافة لتعليم وطبابة أسرته فتفاجأ صاحب المزرعة أن هذا الحارس رفع سلاح عليه وهدده نازعا منه ملكية المزرعة وأنها حقه وسيوظفه عنده بالمزرعة فانقلبت الأمور حيث اعتقد هذا الجاهل الأرعن أن القوة هي الشرعية وخان الأمانة فبدل أن يستغفر صاحب المزرعة يتأله عليه.. والكل يعرف جزاء هذا الخائن الذي خان أمانته فكيف بمن يتمادى كحال جيوشنا..
ما أشبه هذه الحارس الخائن لحدود المزرعة بتلك الجيوش الخائنة التي بدل حماية الوطن والشعب الذي دفع من قوت يومه حيث ميزانية هذه الجيوش ثلثين ميزانية الشعوب لتقوم هذه الجيوش بخيانة هذه الشعوب والانقلاب عليها وادعاء انها صاحبة القرار الأول علاوة على قتل شعوبهم كما يفعل الجيش الطائفي في سوريا وكما فعل الجيش الجزائري بالتسعينات
ونسنتثني من ذلك الضباط الشرفاء الذين انشقوا وآثروا الوقوف بجنب أهاليهم.
يا شباب الربيع العربي وظيفة الجيوش لم تكن لا تاريخيًا ولا بالدول الغربية المتقدمة بالقوة ولا بجميع الدساتير قيادة البلاد وضبط أمنها الداخلي بل وظيفة الجيوش حماية الحدود ضد الأعداء فقط وهي تأتمر بحكومة مدنية تنفيذية يعينها برلمان شرعي وليس العسكر من يعين كحال عالمنا العربي.
وظيفة الأمن الداخلي بجميع الدول التي تتمتع بأدنى درجات الحضارة والتقدم هو جهاز أمن عام مع الشرطة وسلك قضائي نزيه فالشعوب ليست حيوانات مفترسة حتى يتم مواجهتا بالبسطار والدبابة إلا في عقلية من تعود على ذلك وكل إناء بالذي فيه ينضح.
الصعوبات التي تواجه شباب الربيع العربي كبيرة فالنظام العالمي بعد الحرب الثانية يعتبر العسكر هو البديل له بدولنا وخط أحمر حرية الشعوب وقد استغل بالماضي تعب الشعوب وجهلها ليعيش عالمنا نصف قرن من حكم بلطجية ليس أكثر من مرتزقة للخارج.
ولكن اليوم مع الربيع العربي وفشل وأده بهذه الجيوش وصمود الشباب جعل العالم بحيرة من أمره فأرادوا أن تكون الثورة السورية عبرة لبقية الشعوب فإذا بالسحر ينقلب عليهم وبدل أن تخنع هذه الشعوب فإنها تستلهم القوة من الثورة السورية وتنطلق الموجة الثانية للربيع العربي الذي أصبح كابوس يهدد الطغاة فأطاحت برئيسين خلال أيام و لجأ العسكر فيها لتكرار سيناريو مصر وكأنهم دارسين بنفس الصف وعند نفس الأستاذ.
إنّ إنهاء حكم العسكر في بلادنا يعني إنهاء يد المستعمر في عالمنا وهذا يعني حكم الشعوب بنفسها وإسقاط اي مستبد بصناديق الاقتراع ولكن هذا سيولد أزمات اقتصادية في أوربا وأمريكا وسيعصف ربيعا في بلادهم كما بدت بوادره بباريس والسترات الصفر لأن نصف ثرواتهم ودخلهم القومي هي نهب لثرواتنا بشكل مباشر من خلال إيداعات العسكر ببنوك الغرب أو نهب الثروات وإفشال التطور العلمي والتقني لتبقى بلادنا سوق لمنتجات الغرب مما يهدد بحروب دولية وإقليمية إذا نجحت ثورات الربيع العربي.
لذلك هناك تسريبات عن تشكيل غرفة تنسيق دولي بإفريقيا لإجهاض الربيع العربي وإعادة حكم العسكر أو ما يسمى صفقة القرن..
في الجزائر فإن الشعب الجزائري حديث عهد بحرب دامية دامت طيلة التسعينات الأمور بالجزائر تتجه نحو عزل الجيش وحكم مدني ولكن ربما يستغرق ذلك سنتين أو خمسة سنوات حتى تستقر البلاد.
أما في السودان فإن السيناريو يتجه نحو شق صف الجيش وقسمه وجعله في مواجهة بعضه أو مواجهة الشعب وخاصة أنه نصب نفسه قائدا للبلاد وهم سبب البلاء فليس شخص البشير من كان يحكم بل هؤلاء الفاسدين والمجرمين.
فإذا لم يحدد الشعب وظيفة الجيش بحماية الحدود ويعمل الصف الأول من القيادات ويبقى في الشوارع حتى تنفيذ ذلك فإنه سيأتى من حيث لا يعلم.. وعلى الشعب دعم الضباط الشرفاء وتفويضهم لهيكلة الجيش وإعادته لوظيفته الأصيلة بحماية البلاد ونزع البساط من تحت الضباط أعوان الطغاة.
وسيناريو سوريا ومصر لن يكون فأوروبا غصّت باللاجئين وهذه الجيوش جبانة أمام التحام الشعوب وفي سوريا لولا تتدخل أربعين دولة ضد الثورة لسقط النظام وجيشه في أول سنة.. وهذه الدول أصبحت مرهقة اقتصادية وليس بإمكانها خوض حروب طويلة.
وعلى الشعوب الحذر من معارضة فاسدة لأنها ستعيث فسادا بالثورات سياسيا واقتصاديا مما يعطي الجيش ذريعة للتدخل وهذا ما حصل في سوريا بعد جلاء الفرنسي وفساد الأحزاب السياسية ثم انقلاب عسكري بحجة حفظ الأمن ويجب المباشرة بهيكلة الأمن والشرطة والقضاء ليستلم مجلس القضاء قيادة البلاد ريثما يتم انتخاب برلمان تشريعي بناء على التكنوقراط النقابي بالمجتمع المدني بعيدا عن الاحزاب التي تعتبر الوجه الآخر للعسكر بشق الشعب وشرذمته.
الربيع العربي مستمر ومن يقف بوجهه سيجرف والزمن بصالح وعي الشعوب ولكن نحتاج مصابرة ومثابرة وستكون سوريا أول بلد يتخلص من حكم العسكر كما كانت أول بلد يتخلص من حكم المستعمر بالماضي فقد انتهى هذا الجيش الطائفي الذي حكم البلاد بالحديد والنار منذ نصف قرن وهو الآن يعيش بالرئة الروسية والإيرانية التي لن تطول.
تنويه : المقال يُعبّر عن رأي كاتبه، وتجمع أحرار حوران ليس مسؤولاً عن مضمونه.