التوثيقتقاريرتقارير ميدانيةتقارير وقصص إنسانيةتوثيق الشهداء

ذكرى مجزرة اليادودة.. يوم اكتست باللون الأحمر في 14 شباط

تجمع أحرار حوران – عقبة المحمد

يصادف تاريخ اليوم 14 شباط، الذكرى الأكثر دموية في حوران والذي عاشها أهالي بلدة اليادودة بريف درعا الغربي، عندما اكتست بلدتهم باللون الأحمر، فكانت دماء وأشلاء المصلّين هي الشيء الوحيد الذي يمكن أن تراه في شوارعها، مما جعلها واقعة أليمة يستحضر ذكراها أهالي البلدة كل عام.

انفجرت سيارة مفخخة أمام مسجد عمار بن ياسر شمال قرية اليادودة بالتزامن مع خروج المصلين من صلاة الجمعة ما أدى لوقوع 56 شهيدًا وفقًا لمصادر محلية بينهم 38 من بلدة اليادودة و 11 من بلدة عتمان وثلاثة من بلدة خراب الشحم وشهيدين من مدينة درعا وشهيد من بلدة تل شهاب وشهيد من بلدة قرفا.

قبل المجزرة

صباح يوم الجمعة في 14 شباط/فبراير 2014، وردت إشاعة لأهالي بلدة اليادودة بالقرب من مركز مدينة درعا التي تسيطر عليه قوات الأسد آنذاك، مفادها أن مخابرات نظام الأسد تريد استهداف المسجد الأكثر اكتظاظًا بالمصلين في البلدة بسيارة مفخخة، وهو مسجد عمار بن ياسر الذي يتوسط البلدة.

في تلك الفترة كانت الأجهزة الأمنية التابعة للنظام قد انتهجت زرع السيارات المفخخة أمام المساجد يوم الجمعة تحديدًا، وبما أنّ الأمر مجرد إشاعة لم يُعلن عن توقيف صلاة الجمعة أو حضر تجوال في البلدة، وإنمّا قرر عدد كبير من الأهالي توخي الحذر والذهاب لأداء الصلاة في المسجد الذي يقع شمال البلدة وليسَ الذي في وسط البلدة وتحدثت عنه الإشاعة تحسبًا لوقوع التفجير وأن يكون الخبر صحيحًا، وفقًا لما أفادت مصادر أهلية في البلدة لتجمع أحرار حوران.

وقوع المجزرة

بالتزامن مع خروج المصلين من المسجد الشمالي “عمار بن ياسر” فور انتهاء صلاة الجمعة، انفجرت سيارة “كيا 4000” مفخخة بكمية كبيرة من المتفجرات كانت مركونة أمام المسجد وسقط عدد من الضحايا كحصيلة أولية. وتصادف الانفجار مع وجود صهريج مازوت أمام المسجد الذي انفجر هو الآخر بعد الإنفجار الأول بلحظات ليفاقم من فظاعة المـ.ـجزرة ويزيد عدد ضحاياها.

وبحسب ناشطو البلدة حينها، لم يتم التعرّف العديد من الضحايا في البداية لتشوه جثثهم، إضافة لوجود عدد كبير من نازحي بلدة عتمان المتاخمة للبلدة من الشرق وسقط منهم 11 شخص في المجزرة. وكان هناك أيضًا أكثر من 150 جريحًا بحالات متفاوتة وأُحيل عدد كبير منهم إلى مشفى الملك عبدالله في محافظة الرمثا الأردنية الواقعة على الحدود السوريّة، إذ أن معظم الجرحى كانوا قد أصيبوا بجراح خطيرة وتشوّهات، بينما فارق الحياة عددًا منهم في غرف العمليات والعناية المركزة.

ناجٍ من المجزرة يروي شهادته

يقول محمد قاسم وهو أحد الذين كانوا متواجدين في المسجد وأصيب نتيجة الإنفجار “لقد استيقظت باكرًا بحكم أنّه يوم الجمعة، وهو يوم مفضل لدي من أجل تهيئة نفسي للذهاب للمسجد وقد كنتُ جائعًا حينها لكنني لم أتناول الإفطار؛ لأنّ في عاداتنا تُطبخ أكلة خاصة ودسمة في يوم الجمعة ويتم تناولها بعد الصلاة لذا قررتُ تناول الطعام بعد عدوتي من الصلاة”.

ويروي قاسم “ذهبت للمسجد وجلست في مكان اعتدت الجلوس فيه متكئًا على الحائط وعندما انتهى الشيخ من إلقاء خطبته حول الثورة السورية، أقمنا الصلاة وبعدها خرجت من المسجد كالعادة ووقفت مع أصدقائي نتبادل الأحاديث وننتظر الآخرين وفي أجزاء من الثانية رأيتُ شيئًا دخل إلى عيني وقد دفعني ضغط الانفجار عدة أمتار ووقعت على جسم صلب، غبت حينها عن الوعي لمدة دقيقة وعدتُ بعدها وكأنّ الله قد رد إليّ روحي”.

وأضاف “بدأت بالصراخ على الناس طالبًا المساعدة لأنني لم أستطِع المشي فلا أحد يجيبني ورأيت الدخان الأسود يملأ المكان ولا أعلم ما الذي حدث فقررت أن أساعد نفسي ثم وقفت على رجل واحدة وبدأت بالقفز إلى أن تعثرت بإحدى الجثث التي تملأ المكان وإذ بأشخاص قد انتشلوني ووضعوني في سيارة مليئة بالجرحى منهم من ينزف الدمـ.ـاء ومنهم من يبكي ويصرخ، في موقف لن أنساه طوال حياتي”.

وأردف الشاب “وصلنا إلى المشفى وكان أهلي بانتظاري هناك فقال الطبيب لا أستطيع أن أفعل لك شيئًا لأن شظيّة من مخلفات الانفجار أصابتك في ظهرك ووصلت لموقع بقرب القلب وعليهم أن يسعفوك إلى الأردن بأسرع وقت ممكن، بعدها نقلوني للحدود الأردنية، كدت أموت هناك من طول الانتظار وأغمي علي إلى أن استيقظت في إحدى مشافي الأردن وتفاجأت بسماع الأخبار أن الكثير من أقاربي قد فارقوا الحياة والبعض قد فقدوا أطرافهم بسبب المجـ.ـزرة، واستمر علاجي لفترة شهرين ثم عدت لدرعا بعد أن شفيت وزرت قبور أصدقائي من ضحايا تلك المجزرة”.

يعد استهداف المدنيين من خلال تفجير السيارات المفخخة اختراق لقوانين النزاعات المسلحة وقد يرقى إلى جريمة حرب وفقا لمنظمات حقوقية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى