اتفاق “المناطق الآمنة” في سوريا انفراج للأزمة أم مشروع فتنة وتقسيم ؟!
درعا : الجمعة / 14 تموز 2017
أبو ربيع الحوراني – تجمع أحرار حوران
نجحت روسيا مؤخراً في الحصول على مواقف دولية وأمريكية على وجه الخصوص داعمة للاتفاق الذي ينص على إقامة المناطق الآمنة الأربع في سوريا، والذي تم التوصل إليه في محادثات أستانة بين روسيا وإيران الداعمتان للأسد. هذه المناطق الأربعة التي تضمنها الاتفاق هي عملياً جميع جبهات القتال ومحاوره الرئيسية، لكنه اتفاق مفخخ بالمواقف والمصالح المتناقضة لقوى عديدة محلية وإقليمية ودولية، لذلك فإن “التفاؤل الحذر” هو أقصى ما يمكن أن يستقبل به اتفاق من هذا النوع. وتناقلت الكثير من مواقع التواصل الاجتماعي أخيراً الحديث حول ما آلت إليه الأمور في مؤتمر أستانا الأخير ونتائجه، وقالت أنها تسريبات، في حين لم يصدر أي بيان رسمي مشترك حتى اللحظة من قبل الدول الراعية لتفاصيل هذا الاتفاق أو أية تصريحات شخصية لها تتعلق بهذا الصدد؛ فربما لم تنضج “الطبخة” بعد أو هي على طريق التقديم. وإن صحت هذه التسريبات واتضحت التفاصيل اعتقد أنها في غاية التعقيد وتطبيقها على الأرض يحتاج إلى معجزة حقيقية نظراً للتعقيدات المتشابكة في الميدان بسبب المواقف المتضاربة ببن بعض الفصائل التي لم تحسم أمرها بعد، إلا بعد الاطلاع على التفاصيل التي قد تكون صادمة لها، فالأيام وربما الساعات المقبلة حبلى بالتطورات وهي محك اختبار. وهنا نتساءل ما إذا كان تقسيم سوريا جغرافياً وطائفياً ضمن تسوية سياسية أو من دونها قد صار الحل النهائي الوحيد من وجهة نظر الأطراف الإقليمية والدولية التي باتت تتحكم بسوريا عسكرياً وسياسياً على حد سواء. هذا المشروع القديم الجديد الذي تسعى إليه الكثير من الدول منذ زمن بعيد خدمة للكيان الصهيوني، بالتالي ليس هناك من عاقل في الدنيا يرغب بالحرب إلا إذا فرضت عليه الحرب فرضاً أو كان هدفها الدفاع عن الأرض والعرض، وإن تحققت هذه الأهداف والمطالب والحقوق ضمن تفاهمات توفر المزيد من الدماء والدمار والتشرد دون التنازل عن المبادئ فالأمر طبيعي. ولو كان هناك رغبة بوقف إطلاق النار بعيداً عن تحقيق الأهداف والثوابت لقبله الثوار كيفما كان ومنذ سنوات، لكن الرجولة تكمن في المواقف، وعليه فإن القبول بوقف إطلاق النار من حيث المبدأ أمراً طبيعاً بشرط أن يحقق تطبيقه كل الأهداف والحقوق والثوابت التي انطلقت من أجلها الثورة، والتي قدمت من أجلها أعظم التضحيات دون التنازل أو المساس بأي حق منها مهما كان، ورفض كل ما يتعارض مع هذه الثوابت والمبادئ التي تلخصت في كلمات ثلاث “الموت ولا المذلة”. وهنا لابد من التنبه والحذر من التفرد بالجبهات والمناطق لتمرير وفرض الحلول الجزئية التي تؤدي في النهاية إلى تقسيم الوطن، والمطالبة بتطبيقه على كامل الأرض السورية حفاظاً على وحدة الأرض وعدم المساس بها، والتأكيد على وحدة المسار والمصير، والمطالبة بالإفراج الفوري عن كافة المعتقلين والمعتقلات في السجون الأسدية، وعدم القبول بالنظام الحالي بكل أركانه ورموزه أو إعادة ترميمه من جديد، والمطالبة بمحاكمتهم جميعاً محاكمةً عادلة في المحاكم الدولية.