مخاوف في محافظة درعا من فقدان شريان حياتها الزراعي
تجمع أحرار حران – وردة الياسين
منذ سيطرة النظام السوري على كامل محافظة درعا في صيف عام 2018، والمحافظة تعاني من انفلات أمني وتدهور معيشي، ولا يقتصر ذلك على الاقتصاد فقط بل طال القطاع الزراعي نصيب من ذاك التدهور.
وازدادت التحديات والصعوبات التي تقف عائقاً أمام العاملون في القطاع الزراعي وأصحاب الأراضي لاسيما في مواسم الحصاد خصوصاً عند جَني المحاصيل، وذلك نظراً للعوامل المرتبطة بألية التصريف وبيع المحاصيل الزراعية.
في هذا الخصوص، تواصل تجمع أحرار حوران، مع أحد المزارعين في ريف درعا الغربي، الذي حدثنا عن تخوّفه من عمليات حرق المحاصيل الزراعية، والتي يعتقد بأنها مُفتعلة وليست محض صدفة.
يُضيف محمد الأحمد “اسم مستعار”، “مخاوفنا كمزارعين لا تتوقف هنا، فعملنا محفوف بالمخاطر، فهناك مخلفات للحرب في كل مكان، واحتمالية تعرضي لانفجار لغم أثناء حرث الأرض واردة جداً، فعمليات الحرث المتكررة للأراضي الزراعية قد تؤدي إلى انفجار لغم أو قنبلة مدفونة في التربة”.
وعن الصعوبات التي أشار إليها الأحمد في تكلفة جَني المحاصيل الزراعية سواءً آلياً أو يدوياً، فهذا العام تضاعفت تكلفة جَني المحاصيل إلى ثلاثة أضعاف مقارنة بالسنوات الماضية، حيثُ أن تكلفة جني محصول “دونم واحد” هذا العام هو 25 ألف ليرة سورية في حين كانت تكلفته 10 ألاف ليرة سورية فقط.
ويضيف الأحمد “هناك محاصيل لا يمكننا جَنيها باستخدام آليات الحصاد مثل الحمص والفول وغيرها، لذلك نضطر إلى جنيها يدوياً، حيث تتجاوز تكلفة جني “الدونم الواحد” أكثر من 30 ألف ليرة سورية، وهي تكلفة مرتفعة جداً مقارنة بالأعوام السابقة”.
“يُضاف إلى ذلك ارتفاع في تكلفة نقل وتخزين المحاصيل، والارتفاع الكبير في أسعار الأسمدة الزراعية والمبيدات الحشرية اللازمة للمحاصيل، والتي تجاوز سعرها هذا العام ثلاثة أضعاف” بحسب قوله.
من جانبه يقول المزارع أبو عمر، “حتى استئجار آليات الحصاد ارتفعت هذا العام بسبب أسعار الوقود وتغيير تصريف العملة”.
يشكل القمح النسبة الأكبر من محاصيل درعا وأريافها، ورغم ذلك يواجه المزارعون في جَني محصول القمح تحديات في تخزينه وبيعه، وبهذا الخصوص يقول أبو عمر “يُخزن بعض المزارعين محاصيلهم من القمح في مستودعاتهم، والبعض الأخر يبيع منتجاته من القمح إلى تجار الحبوب مباشرة دون تخزينها، فيما يلجأ بعض الفلاحين إلى تسليم محصولهم من القمح لتوضع في صوامع الحبوب، وهنا يتوجب عليهم دفع تكاليف النقل لإيصالها إلى صوامع الحبوب”.
ويتابع “قبل سيطرة النظام على ريف درعا الغربي، كنا نخزن الحبوب في الصوامع الموجودة داخل مدينة نوى، حيثُ كنا ننقل المحاصيل إليها بالوقت الذي نريده، ولكن تم إغلاقها وتحوليها إلى نقطة عسكرية، وامتنع النظام عن فتح صوامع جديدة بحجة أن المدينة غير آمنة، ونظراً لذلك نضطر إلى نقل منتوجاتنا من القمح والحبوب إلى مدينة ازرع أو الصنمين، وهذا يكُلفنا الكثير من الجهد والمال”.
ويضيف أبو عمر أن قيام عناصر الحواجز التابعة لنظام الأسد بأخذ المال من المزارعين أثناء نقل محاصيلهم إلى الصوامع أو أثناء تنقلهم من مدينة إلى أُخرى أيضاً يشكل عبأ عليهم فالمال الذي يتم دفعه يُحسب من تكاليف الزراعة، بحسب قوله.
لم يكن المردود المادي المتوقع في الموسم الزراعي هذا العام مرضياً لكثير من العاملين في الأراضي الزراعية كما وصفها محمد الأحمد، الذي عَبر عن استيائه من تراجع الخدمات الزراعية وشبه انعدامها من جهة ومن تضييق الخناق على المزارعين بارتفاع أسعار كل ما يتعلق بمواسم الحصاد قائلاً “كان موسم الحصاد لدينا موسم الخيرات، والآن يأتي الموسم وتأتي هموم التكاليف وارتفاع الأسعار والنقل وغيرها، خصوصاً إذا كان الإنتاج لا يساوي تكلفة هذه الأشياء”.
والجدير ذكره، أن عدد من الفلاحين والمزارعين توقفوا عن العمل في أراضيهم الزراعية، وبدأوا باستثمارها فمنهم من قام بتضمين أرضه لتكون مرتعاً للمواشي، ومنهم من قام بتضمينها لفلاحون آخرون بأسعار مُربحة لتجنب تكاليف الزراعة والخوف من الخسارة في المواسم الزراعية.