درعا: هجرة وعمالة بسن مبكرة.. مستقبل مجهول ينتظر الأطفال!
تجمع أحرار حوران – فريق التحرير
تبدو عمالة الأطفال اليوم أخطر من أي وقت مضى، أجبرت الأوضاع الاقتصادية السيئة التي تعيشها مناطق سيطرة النظام السوري المئات منهم على الانخراط في سوق العمل وضمن مجالات بعضها تشكل خطراً عليهم في هذا السن.
الخيارات تكاد تكون معدومة، لاسيّما للمعيلين منهم، والذين فقدوا آبائهم خلال المعارك ضد قوات النظام أو في السجون، يبقى الخيار الوحيد لهؤلاء اليافعين، الهجرة المؤقتة مجهولة العواقب مقابل تأمين لقمة العيش.
في ريف درعا الشمالي يودّع اليافع “أحمد” ابن السادسة عشرة ربيعاً أمه و شقيقاته الصغيرات بدموعٍ و ابتسامةٍ رقيقة، رغم صغر سنه ونحول جسده إلا أنه يتصرف مثل شاب حمل مسؤولية عائلته الصغيرة، وبات المسؤول عن تلبية احتياجاتها، ليطمئن أمه وهي توصيه بصوتها المنخفض وكلماتها البسيطة ليهتم بنفسه وأن يبقى على تواصل دائم معها، ويخبرها بدوره بأنه سيعمل بجد ليعود إليهم بأسرع وقت، بحسب ما نقل مراسل تجمع أحرار حوران.
كلمات بريئة من طفولة مرهقة انتهكتها وحشية الحرب وأضاعتها تحت ركام واقع اجتماعي يرزخ بالمشكلات التي لا تكاد تنتهي.
وأحمد هو ابن أحد المعتقلين الذين غيّبهم الأسد في سجونه منذ سبع سنوات، عندما بدأت الثورة كان أحمد في الثامنة من عمره، لتكبر ويكبر معها ويتحمل تبعاتها ومشقاتها مع أفراد عائلته حاله كحال العائلات السورية، عمل مع أقاربه في ورشة بناء لتركيب الحجر الصناعي، وهو عمل شاق لطفل في عمره.
ونظراً لصغر سنّه فقد كانت مهمته هي النحت أو النقش على حجر البناء بآلة حادّة تفوق عمره وجسده بخطورتها تدعى “الصاروخ”، ليتقن عمله في فترة وجيزة ويفرض نفسه في الورشة كـ معلّم نحات ويتقاضى أجراً مقبولاً بالكاد يكفي عائلته، لينتهي به المطاف بعدها بمساعدة أخرى من قبل أحد المقاولين في بلدته الذي عرض عليه السفر معه إلى ليبيا للعمل كنحّات حجر متكفلاً مصاريف هجرته التي تتجاوز 2000 دولار، شرط أن يسدد أحمد مصاريف السفر من أجرة عمله المستقبلي الذي يكاد يكون مجهولاً لكل مهجّر وخاصة الأطفال منهم، مؤكداً له بتوفير عمل يضمن له دخل جيد أفضل مما كان عليه في الداخل، وبتلك الكلمات يقنع عائلته للموافقة على هجرته.
حال أحمد مشابه لمئات وربما آلاف الأطفال في الجنوب السوري، في ظل غياب الأرقام والاحصاءات الدقيقة لأعداد الأطفال، وغياب المنظمات والهيئات المعنيّة بالأطفال.
تزداد ظاهرة عمالة الأطفال يوماً بعد آخر، لتتناسب طرداً مع سوء الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والأمنيّة، التي تجبر أقران أحمد على التسرب من المدارس والبحث عن لقمة العيش.
ومع استمرار الفوضى وغياب الرعاية التي كانت تقدمها بعض المنظمات الدولية والهيئات المعنية بالأطفال، وغياب برامج التوعية بحقوق الأطفال في القوانين المحلية والدولية، في منطقة يحكمها العنف وتسيطر عليها الحاجة والفقر، يبدو أن ظاهرة عمالة الأطفال مرجحّة بالازدياد، ما يعني أن أحلاماً جديدة ستموت بفعل الحرب.